سرطان «الإشاعات»

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٥٤ ص
سرطان «الإشاعات»

محمود بن سعيد العوفي

ما أكثر الإشاعات التي تطلق في أوساطنا ونسمعها هذه الأيام، إشاعات مقصودة، وغير مقصودة، فلا يكاد تشرق شمس يوم جديد إلا وتسمع بإشاعة، من هنا وهناك، لما لها من خطر عظيم في انتشارها وأثر بليغ في ترويجها، سواء في زعزعة الأمن، أو هدم اقتصاد، أو حتى تخويف الناس، وقال الله تعالى في كتابه العزيز: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات:6).

فلا يخفى على أحد اليوم أن بث الإشاعات الكاذبة عبر برامج التواصل الاجتماعي جريمة تستوجب العقوبة، وأن مصدر الإشاعة أو ناقلها محل مساءلة وملاحقة قانونية في الوقت الذي لا تخلو فيه تلكم الشبكات يوميًا من الأخبار والإشاعات التي لا يعرف مصادرها، وتسريب لخطابات حكومية من مختلف الدول مزورة توجد بلبلة بين أوساط المجتمع.
إن نقل الأخبار الكاذبة والإشاعات بحق الآخرين يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، ولا شك أنها تسبب خطورة على الفرد والمجتمع لا سيما في نقل صورة غير حقيقية وكاذبة، وساعد على ذلك سرعة تناقل الأخبار دون تحرٍ من مصداقيتها، بل تجاوز الأمر أن الكثير يقوم بنقل الأخبار على وجه السرعة، وقد تؤثر سلباً في المواطن وأسرته والمجتمع، وقد تأتي الإشاعة أيضا إما لغرض تسويقي أو إعلاني، أي أنها تقوم بوظيفة ما، ويسعى مروجوها إلى تحقيق أهداف معينة وبعضها يؤدي إلى ضعف إنتاجية الشركات، وتكبدها الكثير من الخسائر وهذا ما يؤثر على الاقتصاد بشكل عام.
وتوجد الإشاعات صورة ذهنية سيئة عن الغير وتتنامى بشكل كبير، ما يؤثر سلبًا في أطياف المجتمع وخاصة في محيط الأسرة كما أسلفنا، كما أنها تؤثر سلبًا في المصداقية الحقيقية، لأن المجتمع لديه الثقة بما يتداوله الآخرون عبر برامج التواصل الاجتماعي، لكنه ليس لدى البعض الدراية الكافية بالأساليب في تغيير الحقيقة عبر البرامج المتوافرة التي تقلب الحقائق للأسف الشديد، وتشكل في المقابل خطرًا كبيرًا للمجتمعات، وتهديد الأمن الاقتصادي للدول والشركات الكبرى، من خلال تركيز بعض مروجيها على المنشآت الاقتصادية والتجمعات العمالية وأسواق المال وغيرها من السلع التي تمارس دورًا استراتيجيًا في حياة الناس، بقصد إيجاد كل ما من شأنه إعاقة سير الإنتاج والتنمية الاقتصادية.
إن أصحاب النفوس الضعيفة يقومون بإطلاق العنان للكلمات الملفقة والكاذبة وتكوين القصص والأخبار والروايات عند سماع كلمه عابرة أو استراق السمع على متحدث، وسموم كلماته وبالكاد يلتقط هذا المتجسس وصاحب الغرض هذه الكلمة حتى يرخي العنان لحبل أفكاره من دين أو ضمير فينسج القصص والحكايا الطويلة دون الالتفات لخلق أو وازع، وقال الله تعالى في محكم آياته: «إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم، بل هو خير لكم، لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم» (النور:11).
في الختام نحث الناس وأنفسنا على التثبت والتبين قبل قبول الخبر الكاذب حيث تتعرض الإشاعة في أثناء التداول إلى التحريف والتبديل والتغيير والزيادة والنقص، ولها دوافع كثيرة، منها نفسية وسياسية واجتماعية واقتصادية.. والله المستعان.

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com