الأعشاب المغشوشة أضرارٌ صحية ومخاطر على المستهلك

مؤشر الأربعاء ٢٠/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
الأعشاب المغشوشة

أضرارٌ صحية ومخاطر على المستهلك

مسقط -
تزخر الطبيعة التي حبانا الله بها بالكثير من النباتات التي يستفيد منها الإنسان في جوانب عدة، وأهمها استخدامها كدواء لعديد من العلل والأمراض، بالإضافة إلى الأغراض التجميلية لجسم الإنسان وبشرته... ومع تطوّر الصناعات توسع استخدام هذه النباتات والأعشاب المستخلصة منها، حتى دخلت فيها منتجات مصنّعة وجب الحذر منها بالإضافة إلى ذلك أصبح هناك بائعون غير مختصين بهذه الأعشاب لا يهمهم سوى العائد المادي غير مكترثين بصحة المستهلك وسلامته، هذا إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تروّج بشكل كبير لهذه المنتجات دون وجود معايير صحية وسليمة في بيعها.

تقول منى بنت سالم المعشنية -ناشطة بشبكات التواصل الاجتماعي- بأن كثيرا من الناس يستخدمون الأعشاب وأنا منهم، والأعشاب لها تأثير كبير في ثقافة مجتمعنا خصوصًا وأنها مهنة قديمة توارثها الكثيرون أبًا عن جد حتى اللحظة، ولكن وللأسف أصبح هناك تلاعب وغش وهناك من يبيع أعشابًا غير مرخصة وتستخدم بجهل من قبل المســـتهلك. كما أنه وللأسف لا يوجد لدينا أماكن متخصصة في بيع الأعشاب، ففي السابق كنا نذهب للأسواق التقليدية التي يديرها كبار السن والعطارون، وكان لديهم معرفة بكل نبتة وبالكمية المسموح بها وأوقاتها وفوائدها ومضارها بل وحتى التفاصيل الدقيقة في استخدامها، ومنهم من تربّى على كتب وعلوم علماء الطب بالأعشاب ودرس وقرأ كثيرًا ناهيك عن الخبرة والتجربة لأنها مهنة كانت تتوارث لوقت قريب.
وتضيف بأنه في هذا الوقت يحدث أن تذهب إلى محل الأعشاب، مغرٍ في شكله الخارجي وطريقة بيعه لكن البائع من جنسية آسيوية ولا يوجد لديه أي معلومة غير الأسماء التي لا يعرف أغلبها ولا يعرف مصادر بضاعته، حتى أصبح سوق الأعشاب غنيًا بالمواد الكيميائية لتجعله عشبًا مصنعًا وليس طبيعيًا، وهو ما يجعله يفقد مصداقيته أولا ثم هدفه. كما لا ننسى الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي التي تبيع أعشاب التخسيس والإنجاب والنشاط وغيرها وهي فِي الأصل لا تبيع سوى الوهم وهناك من تضرر منها، مع انجذاب المستهلك لهذه الإعلانات بشكل جنوني.

وتتمنى المعشنية من الجهات المختصة أن تضع حدًا للموضوع ومحاسبة كل من تسول له نفسه الغش والتعرض لصحة الناس، كما تتمنى أن تكون هناك ضوابط لتصاريح محلات الأعشاب فمثلًا يشترط أن يكون لدى البائع شهادة في هذا الجانب أو لديه خبرة، كما تتمنى أن تعمم مهنة بيع الأعشاب ولا يسمح للوافد بالعمل فيها، خصوصاً وأن هناك أعشابًا لا تؤثر بشكل مباشر بل لها تأثيرات مستقبلية ربما تصل إلى الموت، كما أن لحماية المستهلك الدور الأكبر في هذا الجانب، ويجب أن يكون للإعلام دور بارز في التوعية ليكون المستهلك على دراية تامة بما يحيط به ويحاك ضده من قبل ضعفاء النفوس.

أصل كل دواء

ويؤكد أحمد بن هلال البوسعيدي -مستهلك- أن الأعشاب الطبيعية أصل كل دواء لا كما يسميها البعض الطب البديل فهي كانت الأصل قبل وجود الأدوية الكيميائية، ويقول بأنه شخصياً يفضل الأعشاب والمكملات الغذائية على الأدوية، لأنه لا توجد بها آثار جانبية وإن وجدت فهي قليلة، والطبيعة دائما تجود لنا بالخير والنفع، مشيراً بأنه يشتريها من أي مكان طالما كانت مرخصة من وزارة الصحة العمانية أو الخليجية، وتجد هذه النوعيات من الأعشاب الطبيعية ومستخلصاتها (كماء اللبان والمرقدوش والنعناع والزنجبيل وغيرها) على أرفف المحلات التجارية المنتشرة في السلطنة، وإذا حصلت أي حساسية مثلاً فإنه يقوم بالتحري من الجهات المعنية هل تكررت عند أشخاص آخرين أم عنده فقط ليقرر هل المشكلة في العشبة أم تحسس جسمه لها، موضحاً بأنه لو عرضت عليه هذه الأعشاب الطبيعية كعلاج فإنه سيحاول البحث في مصادرها ومدى سلامتها عن طريق محرك البحث (جوجل) ثم اللجوء إلى طبيب مختص في الأعشاب وتراكيبها، فهذا يقيه مخاطر الأعشاب غير القانونية والمصرحة.

وينصح البوسعيدي المستهلكين بأن يقوموا بفحص الأعشاب والتقصي عنها بوعي قبل استخدامها، فمن حقهم أن يضمنوا صحتهم وسلامتهم بالبحث والسؤال، متمنياً من جهات الاختصاص كحماية المستهلك والبلدية القيام بدورهما الإشرافي والرقابي بما يضمن صحة المواطن والمقيم على هذه الأرض الطيبة وسلامتهم من ضرر هذه الأعشاب إن وجدت.

دخول الوافدين سبّب مشكلة

ويذكر فيصل الصباحي صاحب محل أعشاب - أن البعض يلجأ إلى بيع الأعشاب الطبيعية غير المرخصة، أو التداوي بها غير مكترثين بخطورتها، موضحاً بأنهم يشترون الأعشاب الطبيعــية من مصــادر موثوقة في دول مجــاورة علــمًا بأن معظــم الأعشاب تصل إلى هذه الدول من دول أخرى كسوريا ومصر وباكستان والهند وماليزيا ودول آسيوية أخرى، كما أنهم يقومون بتفحص بتلك الأعشاب بفحصها والتأكد من وجود التراخيص اللازمة سواءً من الدول المجاورة أو من الدول المصدرة لهذه الأعشاب، بالإضـــافة للتأكد من صلاحية هذه الأعشاب ســـواءً من حيث تاريخ صلاحيتها أو جودتها وتاريخ إنتاجها.

ويؤكد الصباحي: «نكون دائما حذرين وفي حال عرض أحد علينا أعشابًا لا نشتريها إلا إذا كانت من جهة متعارف عليها ومصرح بها من قبل الدولة ويجب أن يوافق المنتج أو العشبة شروط حماية المستهلك من حيث صلاحية المنتج واشتراط اللغة العربية والتراخيص اللازمة لتداول المنتج، أما إذا كان البائع من المتجولين فلا نثق في كثير من هذه المنتجات وننصح بعدم التعامل معها».
ويقول: «إن أغلب المشاكل التي تواجه محلات الأعشاب هي دخول الوافدين في مجال العطارة حيث تم اكتشاف الكثير من المنتجات المغشوشة كالزيوت حيث يقوم البعض منهم بتعبئة زيوت عادية في عبوات ثم عمل صبغات وملصقات توحي للمستهلك بأنها زيوت طبيعية مرخصة وكذلك الحال في المنتجات العشبية، وما يزيد المخاطر من دخول الوافدين في هذا المجال عدم اشتراط الخبرة في تشغيل الوافدين لهذه المهنة وهذا كفيل بظهور مشاكل عديدة كالغش وعدم تركيب الأعشاب حسب المواصفات والشروط مما يؤدي إلى ظهور نتائج لا تحمد عقباها، ويشير بأنه على الصباحي بوضع شروط ومعايير للمنتجات أو الأعشاب التي تأتي من خارج السلطنة، كما يجب للمستورد لهذه الأعشاب أن يحمل تصاريح تخوله باستيراد الأعشاب، ويجب توعية المواطنين بضرورة التعامل مع العطارين الذين يحملون التراخيص فهناك فئة كثيرة تعمل بدون تصاريح وأغلبها من الجاليات الوافدة، ويجب على المستهلك عند شراء هذه المنتجات العشبية أن يكون على اطلاع كافٍ حتى لا يقع في فخ السلع المغشوشة، والتي انتشرت بشكل واسع، وهناك الكثير من المستهلكين ينتقون الخلطات أو الأعشاب من وسائل التواصل الاجتماعي وهذا فيه خطر كبير لأن معظم هذه الأعشاب غير مدروسة ومن جهات غير معروفة.

قد تسبب مضاعفات

ويوضح وليد بن مشرف المختبر في قسم علوم المحاصيل بكلية العلوم العلوم الزراعية والبحرية في جامعة السلطان قابوس مبارك البوســعيدي أن للأعشــاب تأثيرات طبيـة حقيقية، لكنها في الوقت نفسه قد تسبب مضاعفات جانبية خطيرة تعـــود أسباب هذه المخاطر إلى عدم وجود المادة الفعالة (المادة العلاجية) بصـــورة نقية أو تكون مختلطة بشوائب والتي بدورها قد تزيد من مرض المستهلك بدلا من صحته.

ويضيف: «من المخاطر المباشرة أيضاً وصف الأعشاب بدون تحديد الجرعة المناسبة للمستهلك بدون الأخذ في عين الاعتبار الفئة العمرية وحساسية جسم المريض لبعض المواد التي قد تشكل خطراً على مستخدميها، مؤكداً أن بعض الأعشاب تحتوي على مواد سامة قد تترسب في الكلى والكبد بتراكيز عالية ويصعب على الجسم التخلص منها، وأيضا استخدام الخلطات التي تحتوي على الكثير من الأعشاب وبتراكيز مختلفة والتي من الممكن أن تسبب مضاعفات للمستهلك، موضحا أن الكثير من ممارسي الطب الشعبي يقدمون العلاج بدون إدراك لمضاعفاته ومضاره».

ويذكر البوسعيدي أن التفريق بين الأعشاب صعب للمستهلك في الوهلة الأولى، لكن الشخص المتعمق في دراسة النباتات والملم بأنواع وصفات النباتات يمكنه التفريق بين النبات الضار والمفيد، ولمساعدة المستهلك في التفريق يجب على الجهات المعنية أن تتكاتف في تحليل الكثير من النباتات المستخدمة في الطب الشعبي وتوفير جميع البيانات اللازمة من المادة الفعالة والغرض المستخدم له والجرعة العلاجية والآثار الجانبية لكل نبتة كي يتسنى للمستهلك اختيار الأعشاب التي تتناسب معه دون الضرر به.

وينصح البوسعيدي المستهلك بتحري المراكز التي تبيع هذه الأعشاب قبل اللجوء إليها، وإذا كان لابد من استخدام الأعشاب فيجب على المستهلك أن ينتقيها، ويحفظها بطريقة سليمة وفي مكان مناسب، ويكون ملصق المكونات والجرعة المناسبة مطبوعا فيها، ولا يشتري من المارة المجهولين ولا من الباعة مفترشي الطريق، ولا يشتري الأعشاب التي تدعي علاج الأمراض المستعصية التي توحي بالشفاء في الوقت القصير، وعليه أيضا ألا يأخذ الأعشاب إلا بعد استشارة الطبيب المختص الذي يوصف الدواء بناءً على تشخيص وتحاليل مختبرية.

مواد غير طبيعية

يقول الأستاذ المشارك في قسم الكيمياء بكلية العلوم في جامعة السلطان قابوس الدكتور حيدر بن أحمد اللواتي بأن هناك خطورة مباشرة للتعامل مع الأعشاب إذا تم شراؤها من مصدر غير موثوق، خصوصا أن الشخص لا يعرف مكونات هذا المنتج، وربما يحتوي على مواد مصنعة، وقد يحتوي على مواد ضارة وغير معروفة المصدر، حتى ولو كانت طبيعية، فليس كل المواد الطبيعية لا تحتوي على ضرر، والمقولة التي تتداول «أن المواد الطبيعية إذا كانت لا تنفع فهي لا تضر» غير صحيحة لأن هناك سمومًا موجودة في الطبيعة وغير مصنعة.

وأضاف: «أن هناك أعشابًا طبية معروفة مثل الشاي الأخضر والكركم، وهذه منتجات بسيطة نسبيا ومعروفة، ولكن استخدام أعشاب مجهولة أو مركبات مجهولة المصدر، أو شراؤها من صيدليات عشبية غير معروفة المصدر والمكونات، قد يشكل خطورة، لذا يجب أن تأخذ من مصادر موثوقة بحيث لا يتم إضافة أي مواد أخرى لها». ويوضح الدكتور: «قمنا بأبحاث معينة تم دعمها من قبل مجلس البحث العلمي، وقمنا بعملية مسح لمجموعة من المنتجات العشبية الموجودة في أسواق السلطنة المحلية، ولوحظ أن عددًا منها تحتوي على مكونات غير طبيعية، بل مصنعة، وأدوية معروفة في التأثير إضافة إلى منتجات عشبية، لذا هنا يتطلب حذر كبير في التعامل معها، وليس من السهولة على المستهلك العادي أن يميز المنتجات الصالحة للاستخدام دون الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص، وينصح د.حيدر المستهلك بأن يستخدم أعشابًا طبيعية غير مخلوطة، مثلا يستخدم العسل غير المخلوط مع أي أعشاب، أو حتى الشاي، لأنه لا يعلم المنتجات الأصلية ولا يعلم ماذا تم إضافة له، ووجود الخلطة تشكل نسبة من الخطورة وخاصة إذا كان تأثيرها ملحوظاً وبشكل مباشر، فبعضها يكون له تأثير مباشر وسريع، وهذا يُحتمل بشكل كبير أن يكون قد أضيف لها دواءٌ مصّنع».
تقصد الكثير من النساء صالونات التجميل بين الحين والآخر، وتكثر زيارة هذه الصالونات في المناسبات، وأياً كانت حاجة كل امرأة للذهاب للصالون فإن الهدف الذي تسعى إليه الحصول على فائدة مرجوة سواء (معالجة وتنظيف الوجه أوعلاج تساقط الشعر أو إيجاد حلول لتلف خلايا الجلد...الخ) ولكن المؤسف أن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. وتأتي المفاجأة غير متوقعة بعد فترة بسيطة من انتهاء الجلسة من حيث ظهور مضاعفات ونتائج سيئة في الجلد..! تخرج بعض النساء من صالون التجميل بحثاً عن حلول لمشكلات بشرتهن وعلاج المضاعفات التي ظهرت في المستشفيات!
هذا ما تتلقاه وسائل البلاغات والشكاوى في الهيئة العامة لحماية المستهلك في مختلف محافظات السلطنة بين الفينة والأخرى تخص بعض صالونات التجميل، وفي جولات التفتيش المستمرة لمأموري الضبط القضائي إلى هذه الصالونات يتم ضبط مخالفات تتعلق بالغش وصلاحية انتهاء مستحضرات التجميل وجودتها، وخلط هذه المستحضرات دون إعطاء العميلات بيانات عن ماهية هذه الخلطات التي قد تسبب مشكلات في البشرة إضافة الى بيع مستحضرات مقلدة على أنها أصلية.
ومؤخراً تم ضبط مجموعة من الكريمات المستخدمة منتهية الصلاحية في ولاية البريمي، وبعد جمع الأدلة ومصادرة البضاعة المنتهية تم إحالتهم لإدارة الادعاء العام بالولاية، وأصدر في شأنها أوامر جزائية، وغرامات على ستة صالونات تجميل.
وتهيب الهيئة العامة لحماية المستهلك بإدارات مراكز وصالونات التجميل الالتزام بالضوابط والاشتراطات والتقيد بالقوانين، وضرورة الحفاظ على النظافة العامة والتعقيم المستمر للأدوات ومنع استخدام الحناء السوداء والخلطات غير المعروفة ومواد مجهولة المصدر والتحقق من صلاحية انتهاء المستحضرات من أجل ضمان عدم التعرض للمساءلة القانونية.

حظر التداول
أصدرت الهيئة العامة لحماية المستهلك قرار رقم 254/‏2015 بشأن حظر تداول الأعشاب الطبيعية والمصنعة والمستخلصات النباتية والأجهزة الطبية والإعلان عنها، ونصت المادة الأولى بحظر تداول أي أعشاب طبيعية أو مستخلصات نباتية ذات استخدامات تغذوية، أو الإعلان عنها إلا بعد الحصول على موافقة من وزارة التجارة والصناعة فيما نصت مادتها الثانية بحظر تداول أي أعشاب طبيعية أو مصنعة ذات استخدامات طبية على هيئة حبوب أو كبسولات أو مراهم أو سائل أو مسحوق أو بأي هيئة أخرى أو الإعلان عنها إلا بعد الحصول على موافقة من وزارة الصحة كما نصت مادتها الثالثة بحظر تداول أي أجهزة طبية أو الإعلان عنها إلا بعد الحصول على موافقة من وزارة الصحة.