عن مجلس التعاون

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٢٦ ص
عن مجلس التعاون

فريد أحمد حسن

من المقترحات التي طرحت خلال السنوات العشر الأخيرة على الأقل من عمر مجلس التعاون مقترح مراجعة النظام الأساسي للمجلس على اعتبار أنه أقر قبل أربعة عقود وأن أمورًا كثيرة تغيرت خلال كل هذه السنوات التي شهدت الكثير من الأحداث والمتغيرات وتغير فيها كذلك جل قادة المجلس، فإذا أضيف إلى ذلك أن مشروعات كثيرة لم يتمكن المجلس من تحقيقها، غالبا بسبب النظام الأساسي ومعوقات أخرى، فإن الحاجة تبدو اليوم – خصوصا مع التطورات غير الطبيعية والمتلاحقة التي تشهدها المنطقة والتطورات المفاجئة إلى إعادة النظر في النظام الأساسي وإلحاق ذلك بجلسات تقويم يشارك فيها المتخصصون في مختلف المجالات من مختلف دول التعاون، والأكيد أن التجربة الغنية لهذا المجلس تعين كل أعضائه على الخروج بتصورات جديدة تتلاءم مع الحياة الجديدة بعد أربعة عقود من تأسيس المجلس وتتماشى مع التطورات السريعة والصعبة التي يشهدها العالم وتشهدها المنطقة وتشهدها دول التعاون نفسها.

حسب بعض المهتمين فإن مجلس التعاون «استنفد مهماته وأن مستوى التعاون بين أعضائه وصل إلى أقصى ما يمكن أن يقدمه في المنطقة» - كما طرح بعض المشاركين في ندوة أقيمت في البحرين في العام 2004 نظمها ممثلو مملكة البحرين في الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون - وأن الفارق الزمني بين سنة التأسيس واليوم تستدعي تقييم الأداء والعودة إلى الجذر، حسب تعبير أحد المشاركين في ذلك اللقاء المهم.

كانت الفكرة عقد لقاء خاص بأعضاء الهيئة الاستشارية في البحرين يتم خلاله مناقشة النظام الأساسي لمجلس التعاون وتدوين المقترحات وتقديمها للمناقشة في الهيئة الموسعة والمكونة من جميع أعضاء الهيئات الاستشارية بدول المجلس والأمانة العامة للمجلس بغية الوصول إلى موضع الخلل الذي يستوجب التعديل.
ولعل الفكرة نفسها تداولها المعنيون في كل بلد عضو في المجلس، ولأن الواضح أن أمرا كهذا لم يتم في السنوات السابقة، أو على الأقل لم يوصل إلى الاتفاق على إعادة تقييم النظام الأساسي، ولأن المتغيرات اليوم كثيرة، لذا فإن الحاجة تبدو ماسة إلى إعادة طرح هذا المقترح وهذه الأفكار لعلها تكون نقطة البداية (من المشكلات التي لفت إليها أحد المشاركين في تلك الندوة أن اللجان في مجلس التعاون تجتمع وتعمل بجد لأيام ثم حين يأتي القرار ويصاغ تضاف إليه عبارة «وعلى كل دولة أن تأخذ بهذا القرار بما يتناسب مع ظروفها وإمكانياتها وخصوصيتها» وأن هذا يعني أن المجلس «استنفد كل جهوده في قضايا التعاون»).
الاهتمام بهذا المقترح من شأنه أيضا أن يبعد كل فكرة سالبة متعلقة بمجلس التعاون كي لا يتحول إلى مادة للتأريخ فقط، فقد تردد في الآونة الأخيرة كلام كثير عن انسحابات متوقعة من المجلس وتكوين مجلس جديد أو التحول إلى أشكال أخرى من التعاون أو الاتحاد بين بعض الأعضاء الحاليين وأعضاء جدد، وكل هذا يسيء إلى تجربة مجلس التعاون ويتسبب في أذى شعوب دوله التي لا تزال – رغم كل شيء ورغم علمها بعدم تمكنه من تحقيق الكثير مما تحلم به - تعلق آمالا كثيرة عليه وتعتقد أنه يمكن أن يقدم الكثير ويسهم بفاعلية في حل التباينات في وجود مجلس التعاون أسهل من حلها في غياب هذه المنظومة الخليجية التي تمكنت في سنوات سابقة من حل مشكلات عديدة من هذا النوع.
ربما كان مناسبا الدعوة اليوم إلى عقد لقاءات موسعة بين المعنيين بكل دول المجلس من مختلف التخصصات للنظر في النظام الأساسي بغية تطويعه ليكون ملائما للمتغيرات التي فرضت نفسها، فدول مجلس التعاون تتوفر على الكثير من الخبرات التي لا يستهان بها وأبناؤها مروا بتجارب كثيرة تعينهم على تقديم المقترحات العملية.

لا أحد يختلف في أن الإنجازات التي تمت في العقود الأربعة من عمر مجلس التعاون ربما «لم تكن بمستوى وحجم التطلعات، والسبب هو التطورات المتلاحقة والظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة واستأثرت بالجهد والوقت وأدت إلى البطء والتفاوت في اتخاذ القرارات والقصور في آليات التنفيذ» – كما جاء في تلك الندوة – لكن كل هذا لا يؤدي، أو يفترض ألا يؤدي، إلى التفريط في هذه المنظومة التي يمكن تطويرها لتتناسب مع العصر وتطلعات شعوب دولها، وهذا يمكن أن يتم من خلال اتخاذ قرار جريء بإعادة النظر في النظام الأساسي وتعديل مواده بحيث يمكنها أيضا أن يكون لها دورا أكثر فاعلية في حل المشكلات التي تطرأ بين الدول الأعضاء، وكل هذا ممكن.

كاتب بحريني