تمكين المرأة عالميًا

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٢٧ ص
تمكين المرأة عالميًا

مارك سوزمان

إن من المقرر أن تكون أحد المواضيع المهمة على جدول أعمال الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع هو تقييم التقدم العالمي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي خارطة طريق الأمم المتحدة لحل أكبر التحديات التي يواجهها العالم بحلول سنة 2030.

لقد كنت جزءًا من فريق الأمم المتحدة الذي ساعد على وضع الأهداف الإنمائية للألفية و التي سبقت أهداف التنمية المستدامة وبحلول اختتام الأهداف الإنمائية للألفية في العام 2015 تمكنت تلك الأهداف من تحقيق أسرع وأكبر المكاسب التي شهدها العالم على الإطلاق في مجال الصحة والتنمية العالمية وقد مهدت الأهداف الإنمائية للألفية الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وقد شجعني هذا الالتزام الذي أبداه المجتمع الدولي لاستدامة خطة التنمية لما بعد العام 2015

ولكن أصبح واضحًا لي وواضحًا للآخرين أيضا أن إحراز تقدم فيما يتعلق بمجموعة واسعة من الأهداف سوف يعاني ما لم يتم التركيز بعمق أكثر على البيانات المتعلقة باحتياجات النساء والفتيات بشكل خاص، وإذا أخفقنا في تحقيق المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمي فإننا لن نستطيع تحقيق العديد من الأهداف الأخرى، وذلك من إنهاء الفقر إلى ضمان صحة جيدة.
إن من إحباطاتي الشخصية إزاء الأهداف الإنمائية للألفية هي أن المساواة بين الجنسين هي أقوال أكثر من كونها أفعال وأن الأهداف الإنمائية للألفية على الرغم من وعدها بالتمكين لم تستهدف بشكل كاف عدد من أكبر التحديات التي تواجه النساء والفتيات مثل العنف القائم على نوع الجنس والتمييز الاقتصادي وقد استمرت هذه الثغرات لأنه في التسعينيات عندما كانت الأهداف الإنمائية للألفية في طور الصياغة لم يكن معظم الناس بمن فيهم أنا على دراية كافية بحجم المشكلة أو تعقيدها.
وعلى ضوء ذلك، ينبغي علينا أن نتجنب مصير مماثل مع أهداف التنمية المستدامة وإن تحقيق المساواة بين الجنسين هو أكثر من مجرد فرصة تظهر كل جيل بل هو أيضا أفضل طريقة لإحراز تقدم في جميع أهداف التنمية المستدامة تقريبا و بناء عالم يمكن للجميع أن يزدهر فيه وكما سوف يناقش بيل وميليندا غيتس في اجتماع لقادة العالم في هذا الأسبوع في نيويورك، وكما يظهر في تقرير جديد، فإن من الضروري أن يكون هناك عمل جماعي لمعالجة مختلف أبعاد عدم المساواة بين الجنسين ودفع عجلة التقدم.
إن أحد أكبر العوائق هي ندرة البيانات الجيدة بشأن القضايا التي تؤثر بشكل غير متناسب على النساء والفتيات مثل حقوق الأرض والحصول على التعليم وتنظيم الأسرة والرعاية الصحية، إذ إن البيانات ضرورية لفهم ما هي الأشياء التي تحقق النجاح وكيفية متابعة التقدم الحاصل ومع ذلك توجد بيانات حديثة تتعلق بجزء صغير فقط من المؤشرات التي تم تطويرها لتقييم التقدم الذي تم إحرازه في أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر - بما في ذلك أكثر من 40 مشروعًا يرتبط مباشرة بالمساواة بين الجنسين ومن بين المؤشرات الـ 14 للتقدم المرتبط بالهدف الرئيسي للمساواة بين الجنسين وهو الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة فإن معظم البلدان تقيس ثلاثة من تلك المؤشرات فقط.
لقد أنشأت مؤسسة بيل وميليندا غيتس للمساعدة على سد هذه الفجوات الحيوية مبادرة مدتها ثلاث سنوات بقيمة 80 مليون دولار لجمع بيانات أكثر مصداقية يمكن أن تحسن تصميم واستهداف البرامج والتدخلات المتعلقة بالسياسات وأطلقت المؤسسة مؤخرا كجزء من هذا الجهد شراكة بقيمة 10 ملايين دولار مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة لمساعدة البلدان على تحسين نوعية البيانات الخاصة بنوع الجنس التي تجمعها و تدعم المؤسسة أيضا التدابير المتساوية لعام 2030 وهي مبادرة ترمي إلى تمكين المدافعين ومجموعات المجتمع المدني من الحصول على أدلة سهلة الاستخدام لتقييم التقدم الذي تم إحرازه نحو تحقيق الأهداف والإبقاء على أهداف التنمية المستدامة للنساء والفتيات على المسار الصحيح.
وسوف توفر هذه الجهود وغيرها للجهات المعنية بالدفاع عن المساواة بين الجنسين وصناع القرار معلومات أفضل عن طبيعة وحجم الحواجز الاجتماعية والاقتصادية التي تعوق النساء والفتيات وتساعد في تحديد من يتخلف عن الركب.ونحن نعلم من الأدلة القائمة أن تمكين النساء والفتيات يمكن أن يعجل بالتقدم فعلى سبيل المثال، عندما تلتحق الفتيات بالمدارس الثانوية (الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة) يقل احتمال زواجهن في سن مبكر بست مرات وترتبط معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الفتيات المراهقات بانخفاض معدلات الولادات لدى المراهقات وتحسين الصحة (الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة) وبالمثل هناك احتمالية أكبر لدى النساء مقارنة بالرجال فيما يتعلق باستثمار الدخل الفائض بطرق تحسن من حياة أطفالهن.
وتظهر فوائد المساواة بين الجنسين أيضا عندما تحصل المرأة على الخدمات المالية الأساسية مثل حسابات الائتمان والحسابات الادخارية التي تمكنها من بدء الأعمال التجارية وتوفير المال من أجل الاحتياجات الأساسية للأسرة.
ومن جهة أخرى، فإن سد الفجوة بين الجنسين في الزراعة يمكن أن يكون له أثر أكثر عمقا على الأسر والإنتاجية في العالم النامي حيث تشكل النساء اليوم على سبيل المثال، ما يقرب من نصف القوى العاملة الزراعية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومع ذلك، فإن المرأة عادة ما تتعامل مع قطع أراضي أصغر حجما و أقل إنتاجية مقارنة بالرجل وغالبا ما تواجه صعوبات في الحصول على أفضل البذور والأسمدة والائتمان وفرص التدريب و تظهر الدراسات أن إعطاء النساء سلطة أكثر في صنع القرار على الأصول الإنتاجية له القدرة على زيادة الغلة الزراعية بأكثر من 20 % وهو أمر ضروري «للقضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان» بحلول العام 2030.
وعندما نزيل الحواجز التي تواجه أشد الفئات ضعفا في المجتمع فإن تأثير ذلك يمكن أن يكون كبيرا للغاية ولكن للقيام بذلك يجب على المانحين والشركاء في التنمية والحكومات والقطاع الخاص أن يستثمروا في بيانات أكثر وأفضل والتي يتم فرزها حسب العمر والجنس ومن شأن ذلك أن يسمح بتكييف البرامج وفقا لإحتياجات النساء والفتيات في كل مكان.
إن التحدي الذي يواجهنا – وهو فرصة كذلك - هو التغلب على الحواجز المترسخة التي تعرقل التقدم بالنسبة للنساء والفتيات وتمثل أهداف التنمية المستدامة خطوة هائلة في هذا الاتجاه و لكن الأهداف دون إستراتيجيات قابلة للتنفيذ هي مجرد نوايا حسنة وتوفر أهداف التنمية المستدامة خارطة طريق لإنهاء الفقر وخلق عالم أفضل وأكثر صحة وأمنا للجميع. إن التحقق من وجود بيانات ذات نوعية جيدة هو أفضل طريقة للتحقق من أن لا يتخلف أحد عن ركب التنمية.

الرئيس التنفيذي للاستراتيجية ورئيس السياسة العالمية في مؤسسة بيل وميليندا جيتس.