حتى لا نخسر إعجاب السائح!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٣٢ ص
حتى لا نخسر إعجاب السائح!

عيسى المسعودي

لا يختلف اثنان على أن كل دول العالم بدون استثناء لديها مقومات مختلفة سواء كانت سياحية أو ثقافية أو تاريخية أو ترفيهية أو غيرها من المقومات التي تجذب السائح ولكن بشكل متفاوت من دولة إلى دولة أخرى ويبقى المهم هو كيف تستطيع الدول أن تكسب ود السائح وتأخذ نصيب الأسد من السوق الإقليمي أو العالمي.

هناك من يفضل السياحة في أوروبا لأسباب عديدة والبعض الآخر يفضل آسيا أيضا لأسباب محددة أو أفريقيا أو غيرها من المناطق لذلك تجد بعض الدول تنجح في استقطاب أعداد بالملايين من السياح وبشكل سنوي ليس لأن لديها مقومات عديدة أو أن البنية الأساسية متطورة وإنما تحقق هذا الإنجاز والنجاح لأن لديها مواطنين يعرفون كيف يتعاملون مع السياح وعلى مختلف جنسياتهم وذلك من خلال حسن المعاملة والاحترام والاستقبال ومساعدة السائح وتقديم الخدمات والتسهيلات له طوال فترة وجوده ويشعرونه بأنه مرحب به وانه جزء من مجتمعهم ليس هذا فقط بل لدرجة أنهم يعتبرون السائح كنزًا تجب المحافظة عليه والاهتمام به ومرعاته وإعطائه كل التقدير والاحترام من أول لحظة يصل فيها أرض هذه الدولة، وحتى يخرج منها حتى تكون تجربة هذا السائح خلال زيارته لهذه الدولة رحلة وتجربة لا تنسى يتمنى تكرارها دائمًا.

ومن هنا تجد العديد من السياح يقومون بزيارة عدد من الدول بشكل مستمر ومتواصل ويفضلونها عن باقي الدول حتى لو كانت المغريات عديدة، وفي المقابل تجد دول تتمتع بمقومات سياحية عديدة وتصرف ملايين الدولارات في الترويج والتسويق وتقدم العديد من المزايا والتسهيلات للسواح ولكنها للأسف تخسر ود السياح وتخسر عودتهم لها مرة ثانية، وذلك بسبب أسلوب التعامل في هذه الدول مع السياح وعدم وجود الخبرة الكافية والوعي بالجوانب السياحية فالتفاصيل الصغيرة في هذه القطاع والتي من أهمها العلاقة والتعامل بين السائح والمواطن أو العاملين في هذا القطاع تلعب الدور الأكبر وقد تكون في كثير من الأحيان أحد أهم عناصر نجاح القطاع السياحي أو فشله فالسائح عند زيارته إلى أي دولة لا يلتقي بالمسؤولين عن السياحة ولا يلتقي بالمخططين أو الخبراء وإنما يلتقي بشكل مباشر مع المواطنين أو المتعاملين في هذا القطاع أي يلتقي بالعنصر البشري فهو من يساهم في جذب السياح، وكسب ودهم مع وجود المقومات الأخرى أو الفشل وعدم عودتهم مرة أخرى، ومن هنا يكون النجاح أو الفشل.
لا شك أن أغلبية عشاق السفر والسياحة سواء في السلطنة أو على مستوى العالم لديهم تجارب عديدة عند زيارتهم لبعض الدول للراحة والاستجمام أو لاكتشاف المقومات السياحية التي تتميز بها هذه الدول، وتجدهم يقيمون الرحلة من خلال هذه التجربة بدأ من الوصول إلى المطار وكيفية تعامل الموظفين في المطار عند الاستقبال وتخليص معاملاتهم أو من خلال تعاملهم مع سائقي الأجرة وبعد ذلك مع موظفي الفنادق ومستوى الخدمة مرورًا بالتعامل بشكل عام في المواقع والزيارات التي يقومون بها أثناء الرحلة، وتعاملهم مع أفراد المجتمع، فبعض الدول يدرك مواطنوها أهمية السياح لذلك تجد الاستقبال والحفاوة والاحترام والتقدير في كل مكان وتجد أسلوب التعامل وتقديم الخدمات من أرقى ما يكون فيأخذ السائح انطباعًا جيدًا عن هذه الدولة، وبالتالي يتخذ قرار زيارتها مرة ثانية وثالثة ويفضلها عن باقي الدول لهذا السبب وهو التعامل واحترام وتقدير السائح وهذا ما يحدث ويميز على سبيل المثال بعض الدول في المنطقة مثل تايلند وماليزيا، والتي تنجحان سنويا في استقطاب الملايين من السياح ليس لما تتمتعان به من مقومات مختلفة فقط وإنما بما يتمتع به مواطنوها أو المتعاملون في القطاع السياحي من وعي وثقافة بأهمية هذا الموضوع بينما تخسر بعض الدول الأخرى بسبب سوء التعامل مع السياح من قبل مواطنيها أو المتعاملين في القطاع، فتجدهم وللأسف الشديد يعتمدون اتباع أساليب الغش والنصب على السياح خاصة من قبل المتعاملين في القطاع السياحي، والذي يفكرون في الكسب المادي الوقتي فقط دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى وعدم إظهار التقدير والاحترام للسائح مما يجعله يتخذ قرار عدم العودة أو زيارة هذه الدول مرة أخرى حتى ولو كانت تتمتع بمقومات سياحية، وبالتالي تخسر هذه الدول الخطط التسويقية كافة لجذب السياح ولدينا أمثلة عديدة في المنطقة وواضحة وللأسف بعض هذه الدول عربية وإسلامية، وهناك دول أخرى في أوروبا أيضا خسرت السياح لهذا السبب.

في السلطنة ورغم أننا نتميز وبشهادة الجميع بشعب راقٍ ومحترم يقدر الضيوف والسواح ورغم الجهود الحكومية لتعزيز دور هذا القطاع إلا أننا بحاجة ماسة إلى تكثيف الوعي لدى المتعاملين في هذا القطاع، وإشراكهم في برامج توعوية مثل سائقي الأجرة والعاملين في المطارات والفنادق وشركات السفر والسياحة وغيرهم حتى ننجح في كسب ود السياح بشكل أكبر فهؤلاء هم من يقابلون ويتعاملون بشكل مباشر مع السائح، وعلينا أن نهتم بمجال توعيتهم بكيفية التعامل والعمل في هذا القطاع الحيوي لتشكل هذه ثقافة عامة في المجتمع، فقد تكون هناك بعض المواقف التي تحدث من قبل البعض وتتسبب في أخذ انطباع أو رأي عن السلطنة، فعلى سبيل المثال يحدثني أحد السياح انه زار السلطنة مؤخرا وأخذ سيارة أجرة من المطار إلى العذيبة ودفع مبلغ 40 ريالًا لهذه الخدمة، وبعد ذلك عرف أن هذا المبلغ كبير جدًا ومبالغ فيه لهذه المسافة القصيرة، وبالتالي أخذ هذا السائح انطباعًا سلبيًا حول كيفية التعامل مع السياح، لذلك على المؤسسات المعنية بالقطاع السياحي ووسائل الإعلام المختلفة أن تولي أهمية كبرى لموضوع التوعية والتعريف بأهمية وكيفية التعامل مع السائح حتى نحد من هذه التصرفات السلبية قبل أن تنتشر أكثر وأكثر وبحيث يشارك الجميع في إنجاح الخطط السياحية فهي منظومة متكاملة لا تعتمد على طرف واحد.

عيسى المسعودي

Ias1919@ Hotmail.com