الاستثمار البديل للمشروعات الحكومية

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢١/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
الاستثمار البديل للمشروعات الحكومية

علي بن راشد المطاعني

أثار طرح وزارة التجارة والصناعة تعيين استشاريين لاستثمار أراض تملكها في محافظة مسقط بالشراكة مع القطاع الخاص في إقامة مشروعات خدمية وتجارية تعود بالفائدة على كلا الطرفين، أثار تساؤلات حول هذه الخطوة الجريئة باعتبارها خروجا من عنق زجاجة انتظار التمويل الحكومي لمشروعات البنى الأساسية كمقرات الوزارات والمرافق الخدمية، إلى الفضاءات الرحيبة عبر إيجاد شراكة بين القطاعين العام والخاص للاستثمار، وتعمير الأراضي لإقامة مبان جديدة ومختبرات للمواصفات والمقاييس ومخازن بدلا من أن تظل كما كانت فضاءات غير مستغلة، الأمر الذي يعكس العديد من التوجهات الجديدة التي يتطلب أن يُطلق لها العنان في الاستثمار البديل في أملاك الدولة، تنتهجها الوزارات التي لديها أراض ذات قيمة تجارية، وهذه الخطوة تعكس سياسة التخصيص التي اعتمدتها الحكومة.

هذا فضلا عن أن الأوضاع المالية للدولة لا تسمح لها في الوقت الراهن باتخاذ هذه الخطوة منفردة، إذ إن هناك أولويات إنمائية أكثر إلحاحا كالمؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية، إضافة لخدمات الكهرباء والمياه والطرق وغيرها.

إن انتهاج هذا الأسلوب من شأنه كذلك أن يحرك قطاع الإنشاءات والمقاولات الذي يعتمد على الإنفاق الحكومي، وإذا آمنا جدلا أن الإنفاق تأثر بعض الشيء بسبب انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، فإن مثل هذا التفكير في إنشاء مبان ضخمة تمول من قبل المستثمرين سواء من داخل السلطنة أو خارجها من شأنه أن يبقي هذا القطاع في ذروة نشاطه واستمراريته وفاعليته، وينهي حالة الجمود التي تعتري الأنشطة العمرانية وانعكاساتها على العديد من الأنشطة الاقتصادية، كما أن الخطوة سوف تشجع الاستثمار بطرق مبتكرة تحفز المستثمرين على ضخ أموالهم في شرايين الاقتصاد الوطني.
ومن الجوانب الإيجابية أيضا لهذه الأطروحات أنها توفر فرصا استثمارية في أماكن متميزة كالخوير ومرتفعات المطار وغيرها تخدم قطاعات استثمارية كالسياحة والمعارض وتجارة التجزئة وتوفر مرافق جديدة ‏تضاعف من العائد على الاستثمار لمثل هذه المباني، بدلا من وضعها التقليدي كمبان خدمية فقط.
للأسف البعض ينظر لهذه التحولات الحكومية من زاوية مختلفة فيختزلها في ازدواجية الأدوار بين التنمية والاستثمار، في حين لا ينظر للجوانب الأخرى التي تحققها هذه الخطوات التي تخدم أكثر من مجال، وتجتهد في التغلب على الظروف الراهنة فضلا عن خصخصة المشاريع الإنشائية بنظام (البوت) وهو إنشاء وتملك وتشغيل لفترة من الزمن، كأحد برامج الخصخصة التي تم إقرارها في الخطة الخمسية الجارية، ونستفيد منها في قطاعات الكهرباء والمياه وغيرها من القطاعات الخدمية.
نأمل الاستمرار في هذه التوجهات وصولا للتغلب على الصعوبات المالية الآنية، وأن نعمل على تجنب تحميل خزينة الدولة وعلى نحو دائم تكاليف مشاريع إنشائية إذا كان هناك بديل يمكن أن يوفرها ويفيد ويستفيد، في احترام كامل للعبة المصالح المتبادلة بين جميع الأطراف ذات العلاقة، فروح العصر ترغمنا على التناغم بإيجابية مع المستجدات الاقتصادية الحديثة والمتجددة وبدون أن نحمل الدولة المزيد من الأعباء.