بناء المسؤولية لـدى الشبـاب

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٤/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص
بناء المسؤولية 

لـدى الشبـاب

مايكل أسودي

لقد التزمت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عندما تبنّت أهداف التنمية المستدامة قبل عامين بتخفيض «نسبة الشباب الباحثين عن العمل أو الذين لا يحصلون على التعليم أو التدريب» بشكل كبير علمًا أن تحقيق هذا الالتزام سيكون شبه مستحيل ما لم تزيد المشاركة السياسية لدى الشباب زيادة كبيرة.

إن الشباب هم عامل حاسم وحيوي من أجل إحراز تقدم، وكما قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه سنة 2015 في نيروبي «لا يمكن لأي دولة أن تحقق كامل إمكانياتها ما لم تعتمد على مواهب كافة أفراد شعبها»، ويشكل الشباب الآن نسبة كبيرة من هؤلاء الناس -18 % من سكان العالم على وجه التحديد- وهذه النسبة أكبر من ذلك بكثير في معظم بلدان العالم النامي ويبلغ متوسط العمر لسكان أفريقيا 19.5 سنة فقط.

وبالنظر إلى أعدادهم، ناهيك عن ارتفاع معدلات التعليم ومحو الأمية يمكن للشباب أن يحدثوا فارقًا بحيث يشكلون الخطاب السياسي والنتائج الانتخابية ولكن هذا يتطلب منهم أن يكونوا مشاركين ونشطين.
يرغب معظم الشباب في المملكة المتحدة في البقاء في الاتحاد الأوروبي وكما أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه اللورد أشكروفت فإن 73 % من الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 و62 % من الذين تتراوح أعمارهم بين 25-34 قد صوّتوا على هذا الأساس في استفتاء العام الفائت ولكن معظم البريطانيين الشباب لم يخرجوا من أجل الإدلاء بأصواتهم مما سمح للمجموعات الأكبر سنًا في المملكة المتحدة والتي كانت في الغالب مؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي بأن تفوز بالاستفتاء.
يبدو أن البريطانيين الشباب قد تعلموا درسهم من الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إذ ساهموا في انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات العامة المفاجئة في يونيو الفائت وفي الانتخابات الرئاسية في كينيا التي أجريت الشهر الفائت كان 51 % من الناخبين المسجلين دون سن 35 عامًا ورغم أن المحكمة العليا ألغت النتائج وأمرت بإجراء انتخابات جديدة بسبب مخالفات انتخابية وقانونية فمن المرجح أن يخرج الشباب مجددًا للتصويت وبإعداد كبيرة.
وللأسف، فإن كينيا هي الاستثناء على القاعدة إذ ما تزال حالة اللامبالاة السياسية بين الشباب مثل تلك التي ظهرت في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منتشرة في جميع أنحاء العالم؛ ففي العديد من مناطق أفريقيا على سبيل المثال يشعر الشباب بخيبة الأمل إزاء السياسة مقتنعين بأن كبار السن الأثرياء سيفوزون دائمًا وسيعملون من أجل خدمة مصالحهم الخاصة وغالبًا على حساب الأجيال الشابة.
يهدد هذا الشعور بضعف القدرات والتمكين بتحويل ازدياد أعداد الشباب في العالم النامي إلى لعنة لهم مع عواقب وخيمة محتملة. إن انتفاضات الربيع العربي التي أدت إلى العنف وعدم الاستقرار في معظم البلدان المتضررة قد أشعلها بشكل عام شباب يائسون يطالبون بالحقوق والفرص.
يجب أن يكون الشباب جزءًا من الحياة السياسية لبلدانهم وذلك لتجنب مثل هذه النتائج وأن يكونوا قادرين على النهوض برؤيتهم الخاصة للمستقبل، وكما كرر الشباب الكينيون خلال الحملة الانتخابية الأخيرة «إذا لم تكن على الطاولة فستكون على قائمة الطعام».
فما الذي يمكن عمله إذن لزيادة الوعي السياسي والمشاركة بين الشباب؟ لقد ركزت جهود الحكومة في كينيا على إنشاء ثلاث مؤسسات وهي: وزارة الخدمة العامة والشباب والشؤون الجنسانية وصندوق تنمية المشاريع الشبابية والمجلس الوطني للشباب ورغم عدم فعالية تلك المؤسسات إلى حد ما، إلا أنها ساعدت على تمكين الشباب الكيني مما أدى إلى ارتفاع نسبة الإقبال على الانتخابات في الشهر الفائت.
ولكن ربما يركز النهج الأكثر فعالية من أجل تقليل الشعور باللامبالاة على المبادرات التي يقودها الشباب أنفسهم، وفي نيجيريا قاد الشباب حملة «لسنا صغارًا على الترشح» والتي أدت إلى تعديل دستوري يخفض الحد الأدنى لسن المرشحين وقد ألهم نجاحهم حملة عالمية لدعم حق الشباب في الترشح في الانتخابات.
وفي كينيا، سعت مبادرة جياكتيفات التي يقودها الشباب -وهو الاسم الذي يجمع بين اللغة السواحيلية والإنجليزية ويعني «تفعيل نفسك»- إلى تعزيز مشاركة الشباب في السياسة من خلال تسليط الضوء على القضايا الرئيسية التي تؤثر على الشباب، وتهدف جياكتيفات -التي أشارك فيها كرئيس على المستوى الوطني- أن تكون منصة من أجل إيصال آراء الشباب الكينيين وتقدم لهم طرقًا أسهل للتحرك.
ولإلهام المزيد من هذه المبادرات، يجب أن يكون هناك جهد متعمد للتواصل مع الشباب بطريقة تدعم المشاركة السياسية الحقيقية وليس الرمزية والبلاغة الفارغة، وتحقيقًا لهذه الغاية لم تعمل منظمة شباب أفريقيا التي أعمل منسقًا لها مع مجموعات الشباب المحلية والشبكات المجتمعية فحسب، بل استفادت كذلك من مسح أجرته منظمة جيوبول لألفين من الشباب من المناطق الحضرية والريفية في كينيا.
لقد أظهر هذا البحث أنه في حين أن 27 % من المشاركين بالبحث لم يشاركوا سياسيًا على الإطلاق فإن 26 % قد حضروا فعالية سياسية وأن 34 % نشروا على وسائل التواصل الاجتماعي وعلاوة على ذلك، قال 68 % من أفراد العيّنة إنهم سيشاركون في العمل السياسي فقط إذا توفرت لديهم إمكانية الوصول إلى منصة آمنة وموثوق بها والتي من شأنها حمايتهم من الإيذاء أو التخويف أو التوبيخ.
إنّ من الدروس التي يمكن استخلاصها من تلك البيانات هي القيمة المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي فرغم كونها مقيّدة في العديد من البلدان أثناء الانتخابات تبقى أداة فعالة لتسهيل المشاركة السياسية للشباب، فعلى سبيل المثال ساعدت جياكتيفات من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خلاق في تجميع أولويات الشباب ونشرها في الانتخابات الكينية على تحفيز اهتمام الشباب بالسياسة.
ومع ذلك، فإن العديد من الكينيين الذين كانوا معروفين على وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن لهم تأثير كبير على نتائج الانتخابات. إن ترجمة طاقة وسائل التواصل الاجتماعي إلى عمل فعال في العالم الحقيقي ما يزال يشكل تحديًا صعبًا.
ستتطلب زيادة مشاركة الشباب في السياسة التزامًا مستمرًا وعملًا شاقًا ولكن بعيدًا عن الردع ينبغي أن يكون هذا حافزًا قويًا للبدء بالمشاركة السياسية إذ إن لا أحد يتأثر بالسياسات السابقة والحالية والمستقبلية أكثر من الشباب لذا يجب عليهم أن يأخذوا مقعدهم على الطاولة وليس الانتظار حتى يتم تقديم مقعد لهم.

المنسق المحلي وسكرتير الشؤون الدولية في منظمة شباب أفريقيا.