بعد مضي الأكراد قدماً في تنفيذ الاستفتاء وتجاهل التحذيرات تركيا تهدد بقطع تدفق النفط من كردستان

الحدث الثلاثاء ٢٦/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٠١ ص
بعد مضي الأكراد قدماً في تنفيذ الاستفتاء وتجاهل التحذيرات 

تركيا تهدد بقطع تدفق النفط من كردستان

عواصم – – وكالات

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أمس الاثنين إن تركيا يمكنها أن تقطع الإمدادات عن خط أنابيب النفط الذي ينقل الخام من شمال العراق للعالم بما يمثل ضغطاً إضافياً على إقليم كردستان شبه المستقل بسبب الاستفتاء على الاستقلال.

وجاءت تصريحات أردوجان بعد فترة وجيزة من تصريحات لرئيس الوزراء بن علي يلدريم قال فيها إن أنقرة يمكن أن تتخذ إجراءات عقابية تتعلق بالحدود والمجال الجوي ضد حكومة إقليم كردستان بسبب الاستفتاء ولن تعترف بنتيجته.
وقال أردوجان، الذي تقاتل بلاده مسلحين أكراد في الجنوب الشرقي المحاذي لشمال العراق منذ عقود، إن الاستفتاء «الانفصالي» ليس مقبولاً وإنه سيتخذ إجراءات مضادة اقتصادية وتجارية وأمنية.
لكنه لم يصل لحد القول إن تركيا قررت وقف تدفق النفط عبر أراضيها من كردستان، إذ تنقل مئات الآلاف من براميل النفط يومياً عبر خط الأنابيب إلى تركيا من شمال العراق، لكنه أوضح أن الخيار مطروح.
وقال في خطاب «بعد هذا.. دعونا نرى عبر أي قنوات يمكن للحكومة الإقليمية في شمال العراق أن ترسل نفطها وأين ستبيعه... لدينا صمام إغلاق (خط الأنابيب) وفور إغلاقه يكون الأمر قد انتهى».

تصويت مثير للأزمات

بدأ التصويت أمس الاثنين في استفتاء على الاستقلال تنظمه حكومة إقليم كردستان العراق رغم تهديدات من جيران الأكراد ومخاوف من أن يؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار والعنف في الشرق الأوسط. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي (05:00 بتوقيت جرينتش) وأغلقت في السادسة مساءً. وستعلن النتائج النهائية خلال 72 ساعة. وستكون على الأرجح نتيجة الاستفتاء تصويت الأغلبية «بنعم» على الاستقلال. ويهدف الاستفتاء غير الملزم إلى منح تفويض لرئيس الإقليم مسعود البرزاني لإجراء مفاوضات مع بغداد ودول الجوار على انفصال المنطقة المنتجة للنفط.
وقال كردي يُدعى رزكار وهو يقف في طابور من الرجال ينتظرون للإدلاء بأصواتهم في مدرسة بمدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان «صار لنا 100 سنة ننتظر هذا اليوم. هذا اليوم بالنسبة للأكراد كلها عيد». وأضاف: «احنا جايين نصير دولة إن شاء الله بعون الله. وإن شاء الله احنا نقول نعم.. نعم لكردستان الحبيبة».
وقالت مفوضية الاستفتاء إن التصويت متاح لكل السكان المسجلة أسماؤهم، من الأكراد وغيرهم، في المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية في شمال العراق ولا تقل أعمارهم عن 18 عاماً.
وتقول المفوضية إن عدد مَن يحق لهم التصويت هو 5.2 مليون شخص بينهم المغتربون الذين بدأوا في الإدلاء بأصواتهم إلكترونياً قبل يومين.
ويجب على الناخب الرد بنعم أو لا على سؤال واحد في ورقة الاقتراع كتب باللغات الكردية والتركية والعربية والآشورية وهو «هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج الإقليم دولة مستقلة؟». ويُجرى الاستفتاء رغم ضغوط دولية شديدة على البرزاني لإلغائه وسط مخاوف من أن يؤدي إلى المزيد من الصراعات مع بغداد ومع إيران وتركيا القوتين المجاورتين للعراق. وأعلنت إيران أمس الأول الأحد وقف الرحلات الجوية المباشرة من وإلى كردستان. وحث العراق الدول الأجنبية على وقف استيراد النفط الخام مباشرة من إقليم كردستان العراق كما طالب حكومة إقليم كردستان بتسليم المواقع الحدودية الدولية والمطارات.

مخاوف إقليمية

وقال طلعت وهو أحد سكان أربيل بينما كان ينتظر للإدلاء بصوته «إن شاء الله راح نتحرر.. احنا مثل شعوب العالم... وإن شاء الله راح ننتصر».
وتوعدت تركيا بالرد لكنها أبقت خط أنابيب تصدير النفط الكردي الذي يمر عبر أراضيها مفتوحاً.
وتخشى إيران وتركيا انتشار النزعة الانفصالية بين الأكراد فيهما. وتدعم طهران أيضاً جماعات تحكم أو تسيطر على مواقع أمنية وحكومية مهمة في العراق منذ الغزو الذي أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين العام 2003.
ويقول أكراد العراق إن الاستفتاء يقر بمساهمتهم الحيوية في مواجهة تنظيم داعش بعد أن تفوق التنظيم المتشدد على الجيش العراقي في 2014 وسيطر على ثلث العراق. والأكراد هم أكبر مجموعة عرقية ظلت بلا دولة عندما قسمت بريطانيا وفرنسا -القوتان الاستعماريتان المنتصرتان في الحرب العالمية الأولى- الإمبراطورية العثمانية. وظل حوالي 30 مليون كردي بالمنطقة متناثرين في أربع دول هي العراق وإيران وتركيا وسوريا.

بارزاني يدلى بصوته

وأدلى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، أمس الاثنين، بصوته في استفتاء انفصال الإقليم عن العراق.
ويواجه هذا الاستفتاء معارضة واسعة من دول عربية وأجنبية، وبينما تعتبره حكومة إقليم كردستان هو الخيار الديمقراطي لسماع صوت الشعب الكردي، تؤكد الحكومة العراقية المركزية في بغداد أن إجراءه مخالف لدستور البلاد.
من جهته أدلى محافظ كركوك نجم الدين كريم، والذي ينتمي إلى الاتحاد الوطني الكردستاني، بصوته في استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق، وهو الاستفتاء الذي بدأ مع الساعات الأولى صباح أمس.
وقال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني في وقت سابق إن الأكراد سيمضون قدماً في الاستفتاء على الاستقلال نظراً لفشل الشراكة مع بغداد متجاهلاً المعارضة الدولية للاستفتاء. ورداً على هذه الخطوة طالبت الحكومة العراقية حكومة الإقليم شبه المستقل بتسليم المواقع الحدودية الدولية والمطارات ودعت الدول الأجنبية إلى وقف استيراد النفط الكردي. ‬‬وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أنه طلب «من دول الجوار ومن دول العالم التعامل مع الحكومة العراقية الاتحادية حصراً في ملف المنافذ والنفط».
وحثت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى السلطات الكردية في الإقليم المنتج للنفط على إلغاء الاستفتاء وقالت إنه سيصرف الانتباه عن الحرب ضد‭‬ تنظيم داعش.
وصعدت تركيا وإيران الضغط أيضاً لوقف الاستفتاء. فقد ذكر مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أن أردوجان ونظيره الإيراني حسن روحاني تحدثا هاتفياً بشأن الاستفتاء وعبّرا عن قلقهما من «حدوث فوضى في المنطقة». وقال البرزاني في مؤتمر صحفي من مقره الواقع قرب مقر حكومة الإقليم في أربيل: «لن نعود مطلقاً إلى شراكة فاشلة» مع بغداد، مضيفاً أن العراق أصبح «دولة دينية طائفية» وليس دولة ديمقراطية كان من المفترض إقامتها بعد الإطاحة بصدام حسين في 2003.

مطالبات بالوقف

من جهته طالب رئيس البرلمان سليم الجبوري، سلطات إقليم كردستان وقف الاستفتاء، بحسب وكالة «سبوتنيك».
وقال الجبوري في تصريحات صحفية، إن «وحدة العراق همنا الرئيسي ولن نتنازل عنه، والسياسات الخاطئة ولّدت حالة من الاحتقان و‘أدت إلى ما نحن إليه الآن».
ووجّه الجبوري «نداءً أخيراً للحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً. إننا حريصون على بقاء الكرد في وطننا الواحد»، وتابع الجبوري: «انتهينا من مرحلة الإرهاب ودخلنا في مرحلة البناء، ولكننا تفاجأنا بموضوع الاستفتاء». وأضاف رئيس البرلمان أن «الاستفتاء سيؤثر على الانتخابات المقبلة وسيُدخل البلاد في مرحلة جديدة لم تشهدها عبر تاريخه»، مشيراً إلى أن «النتيجة المترتبة على الاستفتاء لا يترتب عليها أي أثر قانوني».