متمردو الروهينجا مستعدون للاستجابة هل تتجه حكومة بورما نحو السلام؟

الحدث الأحد ٠٨/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:٣٩ ص
متمردو الروهينجا مستعدون للاستجابة 


هل تتجه حكومة بورما نحو السلام؟

عواصم - - وكالات

أبدى متمرّدو الروهينجا المسلمون أمس السبت استعدادهم للاستجابة لأي خطوات للسلام من جانب حكومة ميانمار، وذلك في وقت يوشك فيه وقف إطلاق النار الذي أعلنوه لمدة شهر للتمكين من توزيع إمدادات الإغاثة في ولاية راخين على الانتهاء.

ولم تشر جماعة جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان (أرسا) إلى الإجراء الذي ستتخذه بعد انتهاء وقف إطلاق النار في منتصف ليل الاثنين ولكنها أكدت على عزمها «على وقف الطغيان والاضطهاد» الذي يعانيه الروهينجا. وقالت الجماعة في بيان: «إذا اتجهت حكومة بورما صوب السلام في أي مرحلة من المراحل فإن أرسا سترحّب بذلك وسنتخذ خطوة مماثلة».
ولم يتسن الاتصال بأحد من المتحدثين باسم الحكومة للحصول على تعليق.
وكان متحدّث باسم الحكومة قد قال عندما أعلنت جماعة جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان وقفاً لإطلاق النار مدته شهراً اعتباراً من العاشر من سبتمبر «ليس من سياستنا التفاوض مع إرهابيين».
وكان المتمردون قد شنوا هجمات منسقة على نحو 30 مركزاً أمنياً وعلى معسكر للجيش في 25 أغسطس بمساعدة مئات من السكان الروهينجا الساخطين مما أسفر عن مقتل نحو 12 شخصاً.
ورداً على ذلك شن الجيش حملة أمنية في أنحاء ولاية راخين الشمالية مما دفع أكثر من نصف مليون من الروهينجا للفرار إلى بنجلاديش فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه نموذج صارخ «للتطهير العرقي».
وترفض ميانمار ذلك. وتقول إن أكثر من 500 شخص لقوا مصرعهم في القتال معظمهم «إرهابيون» كانوا يهاجمون مدنيين ويحرقون قرى.
ويتهم جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان الحكومة باللجوء للقتل والإحراق والاغتصاب «كأدوات للتهجير».
وفي مقابلة مع رويترز في مارس ربط زعيم الجماعة عطا الله تأسيس الجماعة بالعنف الطائفي بين البوذيين والمسلمين في راخين في العام 2012 عندما قُتل نحو 200 شخص وتشرّد 140 ألفاً معظمهم من الروهينجا. وتقول الجماعة إنها تقاتل من أجل حقوق الروهينجا الذين لا ينظر إليهم باعتبارهم أقلية من سكان ميانمار الأصليين ومن ثم فإنهم محرومون من الحصول على جنسية وفق قانون يربط الجنسية بالعرق.

مخاوف أممية

من جانبه قال مسؤول الإغاثة الإنسانية بالأمم المتحدة إن المنظمة الدولية استعدت لنزوح «موجات جديدة» من مسلمي الروهينجا من ميانمار إلى بنجلاديش بعد ستة أسابيع من بدء أسرع أزمات اللاجئين تطوراً على مستوى العالم. ووصل نحو 515 ألفاً من الروهينجا من ولاية راخين في غرب ميانمار إلى بنجلاديش في عملية نزوح متواصلة بدأت بعد أن ردت قوات الأمن في ميانمار على هجمات نفّذها مسلحون من الروهينجا بحملة أمنية عنيفة.
وأدانت الأمم المتحدة الحملة العسكرية بوصفها تطهيراً عرقياً لكن ميانمار تصر على أن قواتها تقاتل «إرهابيين» قتلوا مدنيين وأحرقوا قرى.
وتقول منظمات حقوقية إن أكثر من نصف قرى الروهينجا في شمال ولاية راخين وعددها يزيد على 400 تعرّض للحرق في حملة تنفذها قوات الأمن وأفراد لجان شعبية من البوذيين لطرد المسلمين.
وكرر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، طلب المنظمة الدولية السماح لها بالدخول إلى السكان في شمال ولاية راخين قائلاً إن الوضع الراهن «غير مقبول».
وقال في مؤتمر صحفي في جنيف: «هذا التدفق القادم من ميانمار لم يتوقف بعد.. الأمر يتعلق بمئات الآلاف من الروهينجا (الذين) ما يزالون في ميانمار. نريد أن نكون مستعدين في حالة حدوث المزيد من التدفق». وأضاف أن من المتوقع أن يزور مسؤول كبير بالأمم المتحدة ميانمار في الأيام القليلة المقبلة. وقال جويل ميلمان من المنظمة الدولية للهجرة في مؤتمر صحفي منفصل إن ما يقدّر بنحو ألفين من الروهينجا يصلون إلى بنجلاديش يومياً.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية في ميانمار أمس الأول الجمعة إن «أعداداً كبيرة» من المسلمين تستعد لعبور الحدود، مشيرة إلى أن الأسباب وراء ذلك «صعوبة كسب الرزق» والمشاكل الصحية و»الاعتقاد» بأنهم يشعرون بعدم الأمان والخوف من أن يصبحوا أقلية. وحذّرت وكالات إغاثة من أزمة سوء تغذية إذ هناك نحو 281 ألف شخص في بنجلاديش بحاجة ماسّة للطعام بينهم 145 ألف طفل دون الخامسة من العمر وأكثر من 50 ألف امرأة حامل ومرضعة. وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن الكوليرا تشكّل تهديداً وسط مخاوف من تفشي المرض في المخيمات التي تغمرها مياه الأمطار حيث يحاول عمال الإغاثة تركيب أنظمة للصرف الصحي.
ومن المقرر أن تصل 900 ألف جرعة من لقاح الكوليرا مطلع الأسبوع المقبل على أن تبدأ حملة تطعيم يوم الثلاثاء. وقال لوكوك إن المحادثات بين ميانمار وبنجلاديش عن خطة لإعادة التوطين خطوة أولى مفيدة. وأضاف: «لكن الطريق ما يزال طويلاً».

«تسليح لاجئي الروهينجا»

من جهة أخرى شارك آلاف من المسلحين في بنجلاديش في مسيرات في مدينة شيتاجونج الساحلية داعين حكومتهم لتسليح اللاجئين المسلمين (الروهينجا) الفارين من قمع السلطات البورمية في ولاية راخين المضطربة. وشارك نحو 15 ألف شخص في التظاهرات التي نظمتها جماعة «حفظة الإسلام» في ثاني كبرى مدن بنجلاديش، بحسب ما أوضحت الشرطة.
وقال الناطق باسم الجماعة، عزيز الحق إسلام آبادي، لوكالة فرانس برس «طالبنا بوقف الإبادة الجماعية للروهينجا».
وأضاف: «طالبنا الحكومة أيضاً بتدريب وتسليح الروهينجا ليكون بوسعهم تحرير أرضهم». وتتقاسم مدينة شيتاجونج في بنجلاديش العديد من الروابط الثقافية والدينية واللغوية مع الروهينجا. وتثير صور على وسائل التواصل الاجتماعي توضح الانتهاكات بحق الروهينجا في بورما تعاطفاً كبيراً في بنجلاديش.
ونظّمت الأحزاب الإسلامية ومن بينها «حفظة الإسلام» تظاهرات عدة بخصوص الأزمة في الأسابيع القليلة الفائتة، وصلت حد مطالبة بعض الزعماء حكومة بنجلاديش إعلان الحرب على بورما لتحرير ولاية راخين المضطربة.
وحذّر خبراء من أن الجماعات الإسلامية المتطرفة في بنجلاديش قد تستغل الوضع وتتقرب من المسلحين الروهينجا في راخين. وفرّ أكثر من نصف مليون شخص من الروهينجا إلى بنجلاديش منذ نهاية أغسطس الفائت، وبدأت الأزمة بعد شن مسلحين من جيش إنقاذ الروهينجا هجمات على مواقع شرطة بورما في 25 أغسطس تبعتها حملة عسكرية قاسية تشنها القوات البورمية. ويحمّل الجيش في بورما مسلحي الروهينجا مسؤولية الاضطرابات الحالية.
وتقول دكا إن توافد الروهينجا الحالي يشكّل «عبئاً إضافياً غير محتمل» خصوصاً أن هذا البلد الفقير كان يستضيف 300 ألف من الروهينجا قبل اندلاع الأزمة الحالية. وتثير مأساة الروهينجا -الأقلية المسلمة المضطهدة والمحرومة من الجنسية في بورما- غضباً عبر العالم الإسلامي، إذ نُظِّمت تظاهرات تضامنية معهم في باكستان، وماليزيا، وإندونيسيا.