«المنتخب» بين حقيقة الأرقام والأهواء والآراء والأمزجة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٢/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:٥٠ ص
«المنتخب» بين حقيقة الأرقام والأهواء والآراء والأمزجة

سالم الحبسي
Ssa.alhabsi@gmail.com

السبت..

الفرق بين التوقع والواقع، كالفرق بين الحلم والحقيقة، فالمنتخب الوطني الكروي الأول تأهل إلى نهائيات كأس آسيا 2019 بعد فوزه على المالديف ورفع رصيده إلى “9 نقاط”، وتمكنه من تحقيق ثلاثة انتصارات في التصفيات الرسمية من أصل أربع مباريات.
خسر المنتخب في مباراة واحدة أمام منتخب فلسطين، بينما فاز في الأخرى، وأحرز “24 هدفاً”، ولم تدخل مرماه سوى “3 أهداف”، ورفع تصنيفه الدولي إلى 113 على مستوى العالم بعد أن كان تصنيفه “129”، أي ارتفع “16 درجة”.
هذي هي الأرقام، ولغة الأرقام لا تكذب ولا يمكن لأحد إنكارها، وهي من تحدد تصاعد المنتخب في الرسم البياني وليست الأهواء أو الآراء أو الأمزجة.

الأحد..

هناك من يُرجع سبب الانتصارات التي يحققها المنتخب إلى ضعف المنتخبات، مثل المالديف وبوتان التي لعب معها المنتخب وأحرز في شباكها أعلى معدل تهديفي في تاريخه “23 هدفاً” في ثلاث مباريات بمعدل “7.6 هدف” في كل مباراة، وهو معدل تهديفي عالٍ جداً، ولكن الجمهور ما زال ينتظر المستوى الفني للمنتخب الذي تعوَّد عليه في منتصف التسعينيات وتحديداً في “94 و97 و99”، فالمنتخب تراجع بشكل مخيف منذ العام 2010 بسبب سياسة الإحلال التي بلغت مستوى الإخلال بمرتكزات المنتخب، والذي تحول إلى منتخب تجارب.

الاثنين..

المدرب بيم فيبربك الذي جرى التعاقد معه منذ ستة أشهر فقط يتعرض لانتقادات من بعض الإعلاميين والجماهير، وبعض مسؤولي الأندية! بأنه مدرب مريض قد بلغ من الكبر عتياً، بينما التقدم في السن هو سمة مطلوبة في المدربين لأنها دليل على تراكم الخبرات والتجارب التي تتضح في تجاعيد وجه المدرب.
اقتربتُ كثيراً من المدرب بعد أن شككني البعض فيه، فوجدته مدرباً عملياً وحازماً وقوي الشخصية، لا يتحدث كثيراً بينما يعمل كثيراً، وسألته عن مباراة فلسطين المقبلة التي ستقام بمسقط في مارس 2018، فردَّ عليَّ “الذي يهمنا الآن مباراتنا مع المالديف”.
كيف يمكن أن تحكم على مدرب بالفشل وهو حتى الآن لم يكمل ستة أشهر؟! ولم يخسر رســـمياً سوى مباراة واحدة؟! وحقق مع الفريق ثلاثة انتصارات، وتأهل لنهائي كأس آسيا 2019... حتى لو كان التأهل مضموناً!

الثلاثاء..

المستوى الفني مطلوب للاستمتاع الكروي، ولكنه لا “يؤكل عيشاً” في النتائج الفنية، وأعتقد أن المدرب يعمل على طرق لعب تحقق له الانتصارات بعيداً عن المتعة الكروية، في الوقت الذي ما زال فيه الجهاز الفني يجري تجاربه على مجموعة من اللاعبين، وبالتالي فإن التصاعد الفني وإن كان مطلوباً إلا أنني أرى أن النتائج في المحصلة النهائية هي الأهم. وفيبربك نجح حتى اللحظة في قيادة المنتخب إلى التأهل للنهائيات بأقصر الطرق. صحيح أن المستوى الفني لا يشجع لتحقيق نتائج أفضل في النهائيات، ولكن ما زال هناك وقت طويل لإعادة بناء المنتخب الذي يجري على مراحل.

الأربعاء..

تبقى لمنتخبنا الكروي مباراتان في مشواره بالتصفيات الآسيوية أمام بوتان وفلسطين، ثم يغلق هذا الملف لتبدأ المرحلة الثانية من الإعداد للنهائيات التي ستقام في 2019 بمدينة أبوظبي، وهي النهائيات التي تحتاج إلى رؤية وإعداد وتجهيز مختلف.
ويعي الجهاز الفني والإداري أهمية التحول إلى النهائيات ونوعية العمل التي تحتاجه تلك المرحلة، وهناك طموح كبير من المسؤولين بالمنتخب بأن تكون نتائج المنتخب متقدمة، وهو الأهم بأن نتملك هذا الطموح لتكون لنا كلمة في النهائيات، وليس تكملة عدد!

الخميس..

كرة القدم عملة واحدة لها وجهان هما الفوز والخسارة، ففي الوقت الذي نجح فيه منتخب مصر في التأهل إلى نهائيات كاس العالم بروسيا 2018 مستعيداً الإنجاز الذي تحقق منذ “28 سنة” ومكرراً المشهد للمرة الثالثة في تاريخه راسماً فرحة عربية عارمة من المحيط إلى الخليج؛ سقط المنتخب السوري أمام أستراليا، وتعاطف معه معظم العرب، لأنه قدم مستوى فنياً واجتهد إلى آخر لحظة من عمر المباراة، وكان الأقرب للتأهل لو لا “العجوز كاهيل” الذي عقَّد المنتخبات العربية، فخسرنا أملنا بأن يكون للعرب وجود أكبر في مونديال روسيا.