علامتنا التجارية هي الأزمة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٩/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٤:٠٢ ص
علامتنا التجارية هي الأزمة

جمال زويد

Our brand is crisis هو عنوان فيلم سينمائي ساخر ومثير تدور أحداثه في إطار سياسي يحكي وقائع حقيقية جرت خلال الانتخابات الرئاسية البوليفية العام 2002 تم أيضاً توثيقها في كتاب يحمل ذات الاسم وترجمتها (علامتنا التجارية هي الأزمة).

قصة الفيلم تتناول دور مستشارين وسياسيين أمريكان في تلك الانتخابات بشكل – ربما – يثير شيئاً من المفاجآت لولا أن هذا هو واقع السياسة الأمريكية في تحقيق مصالحها وتوفير أكبر قدر ممكن للاستفادة من أماكن الصراع ومحال الأزمات، ومن ثم تعظيم استغلالها لزيادة أرباحها وتحسين اقتصادها واستمرار بسط نفوذها وبقائها في حالة الـ (سي سيّد) الذي يحتاجه الجميع ويرجعون إليه.

في تلك الانتخابات البوليفية - بحسب أحداث الفيلم - قرر أحد السياسيين ترشيح نفسه للرئاسة، وهو (بيدرو كاستيلو) فاستأجر شركة أمريكية استشارية لمساعدته وإدارة حملته الانتخابية للفوز بمنصب الرئاسة. هذه الشركة قامت بإرسال (جين بودين) المستشارة السياسية السابقة لدى الإدارة الأمريكية لإدارة حملة هذا المرشح الرئاسي وترتيب أجندته الانتخابية وماشابه ذلك من أعمال المنافسة والدعاية الانتخابية.
على الجانب الآخر يحاول الرئيس البوليفي -آنذاك- (جونزالو سانشير دي لوسادا) إعادة انتخابه خلال هذه الانتخابات، ويشعر أن عليه أن يبذل جهوداً وأموالاً لتحقيق ذلك بعدما انخفضت شعبيته وأحسّ بضعف فرص فوزه أمام هذا التراجع.
عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي «جيمس كارفيل» ومساعد الرئيس الاسبق بيل كلينتون «جيريمي روزنر» ذهبوا إلى بوليفيا لإدارة حملة إعادة انتخاب الرئيس، وتولى مستشار سياسي سابق آخر هو (بات كاندي) قيادة هذه الحملة الانتخابية.
بمعنى أن المرشحين البارزين للرئاسة البوليفية كانا يخوضان المنافسة الانتخابية من خلال أدوات وشركات أمريكية متخصصة لإدارة حملات الانتخابات والتأثير على قدرة الناخبين على المشاركة في الحياة السياسية. بل إن قيادة كل حملة يديرها مستشار سياسي من الإدارة الأمريكية !! أي، سواء فاز الرئيس أو منافسه فإن المؤثرات صناعة أمريكية.
الفيلم الذي يتناول أساليب الدعاية الانتخابية وأنواع من العقبات والأزمات التي شغلت شارع الناخبين واصطنعتها الحملات الانتخابية التي يتولى زمام تدبير أحداثها مستشارين أمريكيين لكل طرف ومنافسه؛ يبين بجلاء ووضوح كيف تدير الولايات المتحدة الأمريكية سياستها في الخارج. وربما عبّرت عن ذلك النجمة السينمائية الشهيرة (ساندرا بولوك) الحائزة على جائزة الأوسكار، والتي لعبت في هذا الفيلم دور المستشارة (جين بودين) قائدة حملة المرشح الرئاسي (بيدرو كاستيلو) حيث قالت عن الفيلم: «نعم الأحداث تدور في إطار السياسة، لكن الأمر يتجاوز ذلك ليتطرق إلى العواقب والأعمال التجارية. عندما تبدأ في إيذاء الآخرين من أجل السلطة والثراء الفاحش». وأضافت: «من سيراعي ضميره ومن سيقول كفى مالا؟ الأمر يدور بشكل أكبر حول الأعمال التجارية وليس السياسة. لكن السياسة تصنع خلفية ضاحكة للأحداث لأنها حقيقية للغاية وفي مواجهتك مباشرة».
وبالتالي؛ فإن أي نظرة فاحصة لما يجري حولنا، في مختلف أنحاء العالم، من أزمات وصراعات وحروب سنلاحظ حجم التدخل الأمريكي ابتداء في صناعتها ومنشأها، ثم في طريقة إدارتها وتطورها وأساليب معالجتها أو تأجيجها. ما إن تنتهي أزمة إلاّ وتولّدت على نهايتها أخرى بإرادة وإدارة أمريكية بحيث يبقى الجميع وفق تصرّفها، لا يهم إن كانا عدوّين أو متناقضين أو متنافسين؛ فذلك لا يضيرها ولاي فتّ من عضدها أو يضعف قواها مادام الأمر سيبقيهم في صدارة القرار وسدّة التوجيه والابتزاز، وسيدرّ عليهم أموالاً ومنافع اقتصادية. وفي سبيل ذلك لا ضير أن يكونوا معك وضدّك في نفس الوقت. ولاتستغرب إن تعاظمت الصراعات والتوترات في شتى مناحي المعمورة ؛ فالأمر بالنسبة لهم في بدايته ونهايته Our Brand is crisis.

سانحة:

من أقوال الفلاسفة: «عندما يكون الإنسان مثل قطعة النقود يحمل وجهين مختلفين.. فحتما سيقضي عمره متنقلاً بين جيوب الناس».

كاتب بحريني