مسح ميداني للخفافيش في ظفار.. وهذا ما تم كشفه

بلادنا السبت ٢١/أكتوبر/٢٠١٧ ١٧:٤٨ م
مسح ميداني للخفافيش في ظفار.. وهذا ما تم كشفه

ظفار - ش
في إطار التعاون المشترك بين مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني ومعهد هاريسون بالمملكة المتحدة، وبدعم من الجمعية الأنجلو-العمانية، أنجز مؤخرا المختصين بالمكتب مع خبراء المعهد مسحاً ميدانياً استغرق شهراً كاملاً، وذلك لاستكشاف الثدييات الصغيرة في محافظة ظفار.
وتمت دراسة الخفافيش من بين الثدييات الصغيرة، وهي المجموعة الوحيدة الطائرة من ضمن الحيوانات التي غالباً ما يتم تجاهلها ولكنها ذات أهمية حيوية كبيرة للحفاظ على النظم الإيكولوجية واتزانها في جميع أنحاء العالم.
وقام الفريق البحثي خلال شهر سبتمبر من العام الجاري بعملية مسح شملت جميع أنحاء محافظة ظفار؛ بدءً من الغابات الموسمية في سلسلة جبل القرا وجبل القمر، وشمل المسح أيضاً المناطق الزراعية بمدينة صلالة، بالإضافة إلى الوديان الجافة في جبل سمحان ومنطقة النجد.
وقد تم تنفيذ المسوحات في الكهوف خلال الفترة النهارية وذلك أثناء فترات نوم الخفافيش. إضافة إلى مجاري الشعاب والأودية والمباني القديمة. أما في اثناء الفترة المسائية المسوحات فلقد كانت بعد غروب الشمس، إذ تم نصب الشباك الخاصة للامساك بالخفافيش وبالخصوص تلك القريبة من الموارد المائية في مناطق الغابات ذات الكثافة الشجرية الكثيفة بالإضافة إلى الأودية الضيقة.
وكان خفاش الفاكهة )روزيتوس إجيبتياكوس( النوع الأول الذي تم التعرف عليه من قبل الفريق البحثي؛ إذ يعتبر الأكبر والأكثر شيوعاً من الخفافيش المستوطنة في السلطنة.
وتبدأ نمط حياته اليومية بعد أن يخرج من مناطق جثومه النهارية، مثل الكهوف، وذلك مباشرةً بعد غروب الشمس مستخدماً تكوينه البيولوجي المعقد وحاسته المتطورة جداً في خواص الشم لديه في تتبع الروائح بحثاً عن الفاكهة.
وقد تكون هذه الفاكهة ثمار برية مثل التين أو تلك الوفيرة في مزارع المحاصيل حول منطقة صلالة وأماكن أخرى في ظفار بما في ذلك المانجو والبابايا وجوز الهند )النارجيل(.
وتستفيد الخفافيش من وفرة الفاكهة، وأشجار الفاكهة هي ذاتها تعتمد على الخفافيش للتلقيح وانتشار البذور على نطاق واسع. وبالتالي هذه الخفافيش هي مفيدة أيضاً لكلٍ من النباتات البرية والمحاصيل الزراعية. خفافيش الفاكهة تلك قد تكون أكبر أنواع الخفافيش لكنها رقيقة للغاية عند التعامل معها بالشكل الصحيح.
وتعتبر معظم خفافيش محافظة ظفار و 70٪ من الخفافيش الأخرى في العالم هي آكلة للحشرات، ومع نهاية انحسار الرياح الموسمية للخريف في ظفار، تكثر الخفافيش الآكلة للحشرات حين تتجمع الآلاف منها عند غروب الشمس.
ونجح الفريق البحثي من الإمساك بما لا يقل عن 14 نوعاً مختلفاً من الخفافيش الآكلة للحشرات، بما في ذلك الخفاش الشبح )أوتونيكتيريس هيمبريشيي(، والتي وجد لها سجل واحد فقط منذ عام 1977م، إذ تم العثور عليها في وادي عيون.
ويتميز الخفاش الشبح بآذانه الضخمة و لونه الباهت، ويعيش فقط في المناطق الأكثر جفافا في ظفار، خاصة منطقة النجد، حيث تم العثور عليه في الوديان المتدفقة شمالا مثل وادي عارة. وهو يتغذى على العديد من الحشرات المختلفة بما في ذلك العقارب، ويوفر بذلك خدمة حيوية للنظام البيئي الصحراوي.
وقد تبدو من النظرة الأولى أن معظم الخفافيش الصغيرة متشابهة ولكن هناك العديد منها تصنف ضمن عائلات مختلفة، وليس من السهل بمكان تحديدها إلا من يملكون خبره ودراية واسعه لتمييز نوع من آخر مختلف؛ فهنالك عائلة واحدة من الخفافيش لديها أنف على شكل حدوة الحصان، وبالتالي تعرف باسم خفافيش حدوة الحصان. وأيضاً من الأمثلة على ذلك خفافيش حدوة حصان جيوفروي )رينولوفوس كليفوسوس( التي تتواجد في محافظة ظفار فقط .
وتمت مصادفة الإمساك بأصغر الخفافيش في محافظة ظفار، وهي تسمى بخفافيش بيبيستريل التي تزن حوالي 5 غرامات فقط وهي بحجم إبهام الإنسان. وكان هذا النوع من الخفافيش )بيبيستريلوس دوفارنسيس( من الأنواع المكتشفة حديثا وهو الأكثر شيوعاً. وهو نوع مستوطن في محافظة ظفار ويمتد انتشاره الى شرق اليمن .
كون هذا النوع مثل معظم الخفافيش، فإن خاصية الإبصار لديه سيئة جداً وعوضاً عن ذلك فإنه يستخدم ميزة تحديد الموقع بإصدار موجات الصدى، على غرار تقنية السونار، ليقوم بذلك بمناورة الطيران ومطاردة الحشرات واصطيادها في عتمة الظلام. إلى جانب ذلك تقوم الخفافيش باستخدام ميزة الطيران الليلي وإصدار أصوات محدده لترتد كصدى وبالتالي توافر قياسات وأبعاد المسافات فيما بينها وبين فرائسها والأجسام الأخرى. إذ تتشابه هذه الخاصية مع موجات البث الإذاعية وفق ترددات مختلفة لكل نوع من أنواع الخفافيش، وبالتالي يمكن إستخدام هذه الموجات الترددية من خلال جهاز كشف الترددات وذلك للتعرف ولتحديد الأنواع المختلفة من الخفافيش في تلك المنطقة.
وحول تلك الخفافيش يقول مدير دائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة بصلالة سالم بن نصير الربيعي : "الخفافيش هي كائنات حية مفيدة، وفي كثير من الأحيان يساء فهمها على أنها مخلوقات ضارة ومؤذية. فعلى عكس ذلك فهي كائنات حية صديقة للإنسان والحيوان وللبيئة، كون العديد من النباتات تعتمد عليها لتلقيح الزهور، والبعض الآخر لنشر بذورها. كما أنها تتحكم في الآفات وتقضي على الحشرات الضارة بالمحاصيل الزراعية وبالإنسان. عليه يعتبر وجود الخفافيش في بيئة ما بأنها مؤشر مهم على صحة الموائل الطبيعية".
ويضيف الربيعي : "رغم وجود أكثر من 25 نوعاً من الخفافيش في السلطنة، إلا أنها بقيت تحت إدارة الصون المستمر دون المساس بها. ويأمل مكتب حفظ البيئة أن يشمل هذا المسح تدريب ميداني لمراقبي الحياة البرية بالمناطق في محافظة ظفار، للحفاظ على هذه المجموعة من الثدييات التي وجدت في جميع أنحاء السلطنة وتؤدي الخدمات الأساسية البيئية للإنسان والطبيعة".
هذا ويعرب فريق مسح الثدييات الصغيرة بمكتب حفظ البيئة والخبراء العاملين بمعهد هاريسون بالمملكة المتحدة عن بالغ امتنانهم لدعم مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، وسلاح الجو السلطاني العماني. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الخفافيش لا ينبغي التعامل معها إلا من قبل الموظفين المؤهلين ومن لديهم التصاريح اللازمة من وزارة البيئة والشؤون المناخية.