لا تعتمدوا على إفلاس البنوك

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٣/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:٤٧ ص
لا تعتمدوا على إفلاس البنوك

مارك رو

من المتوقع أن تقرر وزارة الخزانة الأمريكية في الشهر المقبل ما إذا كانت ستسعى إلى إلغاء عملية حل البنوك الضخمة الفاشلة التي تقودها الهيئة التنظيمية بموجب قانون دود-فرانك لعام 2010 والاستعاضة عنها بآلية قائمة على المحاكم فقط. وهذا التغيير سيكون خطأً ربما يُفضي إلى أزمة طاحنة.
صحيح أن إنشاء عملية إفلاس أكثر تبسيطاً من الممكن أن يقلل من مستوى الصخب الناجم عن فشل البنوك، وأن قضاة الإفلاس خبراء في مهمات إعادة الهيكلة الكبرى. ولكن هناك عوامل بالغة الأهمية لا يمكن تجاهلها. إذ تتطلب عملية إعادة هيكلة البنوك الضخمة التخطيط المسبق، والتعرّف على مواطن قوة البنوك ونقاط ضعفها، ومعرفة كيفية توقيت عملية الإفلاس على النحو اللائق في اقتصاد متقلب، والقدرة على التنسيق مع الهيئات التنظيمية الأجنبية.
والمحاكم غير قادرة على الوفاء بهذه المهمات بمفردها، وخاصة في الوقت الذي خصصه الاقتراح قيد النظر -إجازة نهاية الأسبوع (48 ساعة). ونظراً لعدم قدرتها عن التخطيط مسبقاً، فسوف تدخل المحاكم في عملية إعادة الهيكلة دون أن تتعرّف على البنك بالقدر الكافي.
تمنع العملية الهيئات التنظيمية من بدء عملية إفلاس البنوك الضخمة، وتترك الأمر لتقدير مديري البنوك. ورغم أن الهيئات التنظيمية لديها أدوات تمكنها من دفع البنوك على نحو مماثل، فإن الأداة الأكثر فعالية تتلخص في القدرة على بدء عملية الإفلاس عندما يكون ذلك هو الأفضل للاقتصاد.
وانتزاع هذه الأداة من الهيئات التنظيمية من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة. ذلك أن المسؤولين التنفيذيين في البنوك، مثلهم في ذلك كمثل المسؤولين في الشركات الصناعية الفاشلة، لديهم من الأسباب ما يدعوهم إلى "الصلاة والتأخير"، على أمل أن ينقذهم تطور جديد. ولكن إذا نفد المخزون النقدي لدى البنوك الضخمة الفاشلة خلال فترة التأخير هذه، فسوف ينشأ خطر يتمثل في إدارة عملية إفلاسها على نحو فوضوي -كما حدث مع ليمان بروذرز في العام 2008.
عندما تشرف المحاكم على حالات الإفلاس غير المالية، فإنها تعتمد على المقرضين من القطاع الخاص لتوفير السيولة الطارئة. ولكن في الأزمات المالية، تعجز البنوك الضعيفة عن تقديم القروض، وهذا يعني أن الحكومة لا بد أن تتولى وظيفة الملاذ الأخير للإقراض.
ولا يخلو الاقتراح الحالي، الذي أقره مجلس النواب الأمريكي بالفعل، من عيوب أخرى كبرى. إذ تعمل البنوك الأمريكية الضخمة في مختلف أنحاء العالم، وتوجد بكثرة عادة في لندن وغيرها من المراكز المالية. وإذا قرر الدائنون والمودعون لدى فرع أجنبي تابع لبنك أمريكي ضخم فاشل الفرار بالأموال النقدية التي يحتفظون بها هناك، أو إذا أغلقت هيئة تنظيمية أجنبية ذلك الفرع الأجنبي التابع، فسوف يجد البنك الأمريكي نفسه في وضع بالغ السوء.
من المؤكد أن مشروع قانون الإفلاس المعمول به الآن مفيد. ولكنه ليس قوياً. فهو لن يسمح بعمليات إفلاس كاملة وواسعة النطاق، حيث يتم إغلاق العمليات الفاشلة تحت رعاية المحكمة أما الاقتراح الحالي فهو يتصوّر عملية إعادة هيكلة محدودة النطاق خلال نهاية الأسبوع، وهو ما يتطلب وضع هيكل محدد دقيق للقروض قبل الأوان بسنوات. ويجري إغلاق البنك في مساء الجمعة، متحرراً من عبء ديون متبخرة محددة الموضع مسبقاً على مدار نهاية الأسبوع، ثم يُعاد فتحه صباح يوم الاثنين، دون حاجة إلى عملية إنقاذ حكومية (في أفضل السيناريوهات).
إذا نجح، فإن هذا النوع من عملية الإفلاس السريع يُصبِح عظيم القيمة. ولكنه لم يُجَرَّب من قَبل قَط. ولكي يحظى بأي فرصة لإعادة فتحه في صباح يوم الاثنين، فلا بد من إعادة هيكلة بلايين الدولارات من الديون طويلة الأجل المستحقة على البنك المفلس بالفعل، وعلى النحو الذي يسمح لمحكمة الإفلاس بإزالتها خلال إجازة نهاية الأسبوع.
لكن قضاة الإفلاس لن يكونوا على عِلم مسبق بديون البنك، وسيحتاجون إلى أكثر من إجازة نهاية أسبوع واحدة لتحديد ما إذا كان في الإمكان تجريد الدَين على النحو اللائق.
لقد صوّت مجلس النواب بالفعل، وبسرعة، لصالح الاستعاضة عن نظام إعادة الهيكلة الذي تقوده الهيئات التنظيمية بترتيب أضعف تقوم المحاكم على تنفيذه. ولا نملك الآن غير الأمل في أن تكون الغَلَبة للعقول الأكثر حكمة في وزارة الخزانة.
وقّع 120 أكاديمياً من ذوي الخبرة في الإفلاس، أو التنظيم المصرفي، أو التمويل، أو الثلاثة معاً، على رسالة إلى الكونجرس تنتهي إلى استنتاج مماثل.

مارك رو أستاذ في كلية الحقوق في جامعة هارفارد.