الغوغائيون!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٣/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:٥٤ ص
الغوغائيون!

سالم الحبسي
Ssa.alhabsi@gmail.com

في امبراطورية الرومان عندما كانوا يريدون أن يشغلوا الشعب ببعض الأمور الجانبية غير المجدية بعيداً عن الأحداث الساخنة والمهمة يخرج الغوغائيون من الجحور لإشغال الناس بقصص وسوالف لإلهائهم عن القضايا الرئيسية!

وفِي الوقت الذي يعمل فيه المنتخب الأولمبي بصمت ويحقق نتائج جيّدة بقيادة مدرّبه الوطني المجيد حمد العزاني الذي قاده للصعود إلى النهائيات تخرج مجموعة من الغوغائيين لإثارة اللغط حول هدوء المدرّب وعمله ومحاولة تشويش الهدوء الذي يعمل به هذا المدرّب بالمطالبة بتحويله إلى تدريب المنتخب الأول وهو أمامه مهمة رئيسية في الصين يحتاج إلى دعم أكبر لإنجازها باقتدار.

وفِي الوقت الذي يقوم فيه بيم فيربك بعمل مرحلي لإعادة المنتخب إلى الواجهة يخرج المتشائمون بالعديد من الآراء التي تهبط بالمنتخب الذي نجح في أن يتأهل بعد أربع مباريات وبتسع نقاط وتتبقى له مباراتا تحصيل حاصل وإن كان معظمنا يرى بأن المنتخب ما زال في بداية عودته الفنية على اعتبار أن المستوى الفني لا يمتعنا إلا أن بناء الفريق يمر بمراحل تصاعدية ولكن ما زال الغوغائيون يجلدون المنتخب صباحَ مساء، وكأن بناء المنتخبات تتم بعصا سحرية.
وفِي الوقت الذي استضافت فيه السلطنة لقاء الإياب للأندية الآسيوية بين ناديي الهلال السعودي وبيروزي الإيراني، وهو حدث مهم بأن يُقام بالسلطنة، أثارت حسابات التواصل الاجتماعي على مدار 48 ساعة متواصلة الصراخ والنواح على قضية “الغبار المتطاير” وكأنها القضية المحورية في الحدث..!!
كلنا مع أن تكون واجهاتنا الرياضية ومنشآتنا بالصورة الجميلة الزاهية وأن نبحث عن الأجمل والأفضل دوماً، ولكن دون التقليل من إمكانياتنا الرياضية التي اعتبرها أفضل بكثير من عدد كبير من الدول العربية.. ولست بصدد للمقارنة ولكن السلطنة تملك أكثر من “13 مجمعاً واستاداً وملعباً” لكرة القدم ليست موجودة في عدد كبير من الدول الأخرى.
عندما ننبري للانتقاد بقضية مثل قضية الغبار المتطاير أو الغبار العالق في كراسي المدرّجات علينا أن ننظر إلى جميع الجوانب المحيطة والتي تُقدم للرياضة العُمانية بحيث لا نكون جاحدين للنعمة التي حبانا بها الله بالسلطنة في المنشآت الرياضية في كل محافظات السلطنة عرضاً وطولاً.
معظمنا لا يقبل بأن يكون هناك تقصير يتسبب في تقديم واجهاتنا الرياضية بشكل يسيء لسمعة السلطنة، ولكن في نفس الوقت ليس علينا أن نثير النحاب والنباح في جنازة مفتعلة غرضها تشويه سمعة السلطنة الرياضية فكلنا مع محاسبة المخطئ الذي يقصّر في أداء واجباته الوطنية ولكن لسنا مع وضع مقصلة التهم على رقبة المتهم لمجرد أننا نبحث عن توزيع صكوك الوطنية وأن نقود حملة ضد خطأ محتمل نتمنّى ألا يتكرر. تابعت قضية الغبار المتطاير بصمت وبدون تعليق وراقبت ردة فعل الوزارة المعنية التي اعترفت ضمناً بالقصور في بيانها التوضيحي الذي تحوّل بعدها إلى حديث للتسلية لمجرد إثبات الخطأ وتعليق المشانق على قضية يمكن أن تتكرر في أكثر من ملعب في أي مكان ويمكن أن تحل بهدوء وروية دون أن تأخذ هذا البعد من النقد والتجريح والضرب.
النقد من أجل الإصلاح مطلوب ومُلح ومن الضروريات.. ولكن النقد من أجل البطولة والنجومية والشهرة يكشف أصحابه أمام الملأ.. وربط النقد بالوطنية هو أسلوب رخيص لأنه لا أحد منا يراهن على وطنيته وحبه لبلاده.. مقابل النقد بملذاته المتعددة.