«الديزل الحيوي» مشروع عُماني من الطحالب

مؤشر الثلاثاء ٢٤/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٢:٤٢ ص
«الديزل الحيوي» مشروع عُماني من الطحالب

ظفار - عادل بن سعيد اليافعي

قال رئيس فريق مشروع الديزل الحيوي م.سعيد بن سالم الحريزي: «إن الطّاقة تعد مكوناً أساسياً من مكوّنات الكون، وتعد من أحد أشكال الوجود، وتُشتقّ الطّاقة عادةً من مصادر طبيعيّة وأخرى غير طبيعيّة، لذلك تُقَسَّم إلى نوعين رئيسيين هما: الطاقة المتجدّدة وهي التي تعتمد على المصادر الطبيعيّة، والطاقة غير المتجدّدة وهي التي تعتمد على مصادر غير طبيعيّة، لكنّها تشكّلت مع الزّمن تحت تأثير مجموعة من العوامل. ويعد الديزل الحيوي (الصديق للبيئة) أحد أهم أنواع الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة، ونأمل من هذا المشروع الحيوي أن يُطَبّق على أرض الواقع نظراً لحاجة اقتصادنا الوطني إلى مثل هذه المشاريع التي تُسهِم في دفع عجلة التطور إلى الأمام. حفظ الله مولانا صاحب جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم لحرصه الدائم على الاهتمام بالمشاريع العلمية التي نأمل لها العائد المرجو على الوطن».

فكرة المشروع

وحول فكرة المشروع قال الحريزي: «مشروع الديزل الحيوي الصديق للبيئة عبارة عن زيوت النباتات والطحالب مع بعض المواد الكيميائية والتي تنتج الديزل الحيوي. وهو أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة، بخلاف غيرها من الموارد الطبيعية مثل النفط والفحم الحجري وأنواع الوقود الأحفوري كافة والوقود النووي، أما التعريف العلمي للوقود الحيوي فيتلخص في إنه وقود سائل نظيف بيئياً، يُستخلص من النباتات ذات البذور مثل القطن والكتان والسمسم والصويا، وتُجرى له بعض المعالجات الكيميائية عليه حتى يجاري البترول في خصائصه، ويصبح منافساً حقيقياً له كوقود بديل ومتجدد. وقد أجريت الأبحاث على الوقود الحيوي بحيث يستخدم في المحركات نفسها التي تسير بالبنزين بدون إجراء أي تعديلات في المحرك. وذلك عن طريق عمل خلطات من البنزين مع الوقود بنسب معينة أو استخدام الوقود الحيوي فقط بدون الخلط. كذلك يُحصل على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات وبقايا الحيوانات التي يمكن إعادة استخدامها، مثل القش والخشب والسماد، وقشر الأرز، وتحلُل نفايات المنازل ونفايات الورش والمصانع، ومخلفات الأغذية، التي يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي عن طريق ميكروبات ذات الهضم اللاهوائي. والكتلة الحيوية المستخدمة كوقود تُصنَّف على أنواع عدة، مثل النفايات الحيوانية والخشبية والعشبية، كما أن الكتلة الحيوية ليس لها تأثير مباشر على قيمتها بوصفها مصدر للطاقة».

أهداف المشروع

من جانبه قال نائب رئيس الفريق علي بن محمد كشوب: «رغم أن الطاقة الحيوية يمكن أن تحقق مكاسب بيئية، فإن إنتاجها أيضاً يمكن أن يتسبب بالضرر على البيئة. وتأثير التوسع في إنتاج الوقود الحيوي على موارد الأرض والمياه وعلى التنوع البيولوجي هو محور تركيز اهتمام متزايد، وكذلك مسألة كيفية ضمان استدامة البيئية والاستفادة من فرص التنمية الزراعية والريفية وإعادة النظر في السياسات القائمة بشأن الوقود الحيوي، وندعو القطاع الحكومي والخاص لدعم الطاقة البديلة والمتجددة وإنشاء ندوات ودورات ومؤتمرات حول الطاقة البديلة».
كما أن هذا المشروع له فوائد عدة، منها: أنه صديق للبيئة ويقلل من نسبة الاحتباس الحراري، ويقلل من نسبة الغازات الدفيئة، ويعد مصدراً بديلاً للطاقة التي لا تتأثر بتقلبات سوق النفط وأسعاره الملتهبة، وعدم تأثرها بتحكم المُصَدّرين في سوق الطاقة العالم ومصادره لا تتوقف أبداً طالما هناك حياة، لأنه يُستمد من النباتات والكائنات الحية.وكذلك هو اقتصادي التكلفة مقارنة بالوقود التقليدي، وصديق للبيئة غير مؤثر على الطبيعة، ولا يحتاج لماكينات أو منظومات معقده لاحتراقه، ومن السهل الحصول عليه واستخلاصه طالما تتمكن من طريقة تحضيره أو تصنيعه، وأيضاً له العديد من الاستخدامات التي يصعب على البشر استخدام الوقود الأحفورى فيها نظراً للتكلفة، وتستطيع به الدول الفقيرة النهوض باقتصاد شعوبها بأساليب مختلفة، ويمكن استخدامه في معظم الصناعات المهددة بالانقراض بسبب ارتفاع أسعار الوقود التقليدي، ويتيح الفرص للعديد من المجتمعات أن تنشئ مشاريع عملاقه تجلب لهم الملايين.

آلية المشروع

يوضح كشوب أن إنتاج الديزل الحيوي يجري عن طريق عملية كيماوية تسمى الأسترة، يجري فيها مزج الزيوت النباتية بمواد كحولية مثل: الميثانول أو الإيثانول ومواد محفزة مثل الصوديوم الهيدروكسايد والذي يسبب تفاعلاً كيماوياً ينتج عنه الديزل الحيوي ومادة أخرى هي الجليسيرين، ويقسم الوقود الحيوي إلى ثلاثة أنواع: الوقود الصلب ويتمثل في مخلفات النباتات كافة بما في ذلك الأخشاب المختلفة والوقود السائل، وهو يأتي بصيغ متعددة منها: الإيثانول والديزل الحيوي والزيوت النباتية، وهناك مصدران مختلفان للوقود السائل، هما: النباتات الحاوية على السكر أو النشأ مثل قصب السكر والشوندر السكري والذرة، ويستخرج منها الإيثانول عن طريق التخمير.
ويضيف أن النباتات الحاوية على الزيوت مثل الصويا وعباد الشمس والذرة تستخرج منها الزيوت التي تعالج كيماوياً للحصول على الديزل الحيوي. كما يجري استخدام الزيوت النباتية المستخدمة في الطبخ كوقود للسيارات، وذلك عن طريق حرقها مباشرة في المحركات الانفجارية، كما أن الوقود الغازي هو غاز الميثان المستخرج من تحلل النباتات والمخلفات وروث الحيوانات، ويستخرج من روث الحيوانات عن طريق تخميره أو من النفايات عن طريق ردمها وتحللها في بيئة خالية من الأوكسجين، ويُستخدم كمصدر للطاقة بديلاً عن البنزين، أو يُمزج مع البنزين بنسب مختلفة لأسباب عديدة أهمها: تخفيف التلوث الناتج عن احتراق البنزين في محركات السيارات، ويُنتج في الغالب من النباتات ومخلفاتها خاصة النباتات التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر والنشويات مثل قصب السكر والشوندر السكري والذرة والقمح.

أشكال الوقود

من جانبه قال علي بن محمد هبيس: «إن ما يميز الوقود الحيوي عن الوقود الأحفوري هو أن احتراقه لا يسبب المشاكل البيئية نفسها، لاحتوائه على نسبة أقل من الكربونات. كما أن أغلبه يتحلل بالماء خلال فترة قصيرة من الزمن بينما لا يتحلل الوقود الأحفوري حتى بعد مرور عشرات السنين. وقد أكدت نتائج الأبحاث أن استخدام الوقود الحيوي سيخفّض نسبة الملوثات المنبعثة من احتراق الوقود إلى أكثر من النصف. إنَّ الديزل الحيوي تتوافر مواده الأولية ولا تتقيد بأي عوامل جغرافية أو طبيعية، وهي ميزة كبرى تفتقدها مصادر الطاقة الأخرى المتجددة. غير أن ميزة الوقود الحيوي الكبرى التي يؤمل تطويرها والتوسع فيها، أنه يمكن إنتاجه من المخلفات والفضلات الحيوانية والنباتية سواء كانت بقايا الحيوانات وروثها أو كانت من قش الأرز ونشارة الخشب، كما يمكن إنتاجه من الطحالب المائية ومن نباتات أخرى سريعة النمو وغير ذات قيمة غذائية مثل الجاتروفا والهوهوبا. كما أنه يتميز بنظافة المصدر وعدم إضراره بالبيئة أو المناخ، وبالتالي تتعاظم الآمال المعقودة عليه في تخليص العالم من جزء كبير من مشاكله البيئية الحالية».

الجانب الاقتصادي

في الجانب الاقتصادي قال أنور بن عبدالقوي فاضل: «إن الحصول على وقود متجدد يستمد طاقته من الشمس يضمن الاستقرار الاقتصادي خصوصاً أن البترول في طريقه إلى النضوب بعد بضعة عقود، بالإضافة إلى التركيز على البعد الاستراتيجي من استخدام الوقود الحيوي في ظل هيمنة بعض الدول الكبرى على البترول المتبقي، الأمر الذي يضمن الاستقلال الاقتصادي لأي بلد. وهنا نستعرض بعضاً من المزايا الاقتصادية المترتبة من استخدام الوقود الحيوي، إذ يفتح الوقود الحيوي آفاقاً جديدة في زيادة المنافسة ضمن أسواق النفط والاعتدال في أسعار النفط، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتطوير تكنولوجيات جديدة من اللإيثانول السليولوزي مع سياسات وأدوات اقتصادية مسؤولة للمساعدة على ضمان تسويق الوقود الحيوي المستدام، والدفع بعجلة الاقتصاد الوطني، والتنوع في مجالات الاقتصاد والطاقة البديلة، وبيع منتوجات زراعية».

القيمة الاجتماعية

أما ياسر بن مسعود كشوب وهو أحد أعضاء الفريق فقال: «إن هذا المشروع له عدة فوائد، منها: القيمة الاجتماعية بتكوين بيئة بحثية في المجتمع، وتطوير الكوادر البشرية، وحثها نحو مجتمع صناعي، وليس مستهلك، وغرس روح المشاركة والتعاون في مجالات البحثية، كما أن المشروع حصل على العديد من الإنجازات، ومنها مشاركته بالأسبوع الثقافي، واحتضانه من المشاريع المتميزة، ودعوة جامعة قطر لأعضاء المشروع لنادي الأفكار والتجارب، وتأتي كمبادرة أولى من نوعها من جامعة قطر لدعوة طلاب من دولة مختلفة. ولدينا نظرة مستقبلية للمشروع، ونعمل سوياً على التعريف به وتكثيف الحملات الإعلانية، والتكثيف من حضور الورش والندوات، وعمل مؤتمر عن الطاقة البديلة بحضور خبراء من الأمم المتحدة، وتطبيق المشروع على أرض الواقع، وعرض تجارب الدول في استخدام الوقود الحيوي».