حتى لا نهدم علم الاجتماع!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٢:٣٢ ص
حتى لا نهدم علم الاجتماع!

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

علم الاجتماع من العلوم الإنسانية المهمة التي ظهرت الحاجة لها مع ظهور المجتمعات‏ وتطورها، وارتباط بني البشر بعلاقات بين بعضهم البعض وما نتج عنها من إشكاليات، فهو إذن لا غنى عنه لأي مجتمع من المجتمعات التي تستشرف آفاق المستقبل بخطى ثابتة.

إلا أن عدم إيلاء خريجي الاجتماع الاهتمام الكافي من شأنه أن يشكل انتكاسة لهذا العلم مما يتطلب وبنحو جدي أن نوليه الاهتمام الذي يستحقه من جميع الجوانب.
فهذا العلم يسهم في الكثير من المجالات الطبية والسياسية والاقتصادية والدراسات الريفية والحضرية، والتخطيط التنموي والاقتصادي والاجتماعي الذي تحتاجه الدولة مثل حاجتها لبقية العلوم والتخصصات الأخرى لضمان إحداث الأصداء المطلوبة في التنمية في البلاد وفي جميع ضروبها، فلا يمكننا أن نتصور وجود تنمية في ناحية واختلالا فيها على الجانب الموازي لها، فعلم الاجتماع له أهميته الكبيرة في التنبؤ بالمشكلات الاجتماعية التي قد تلحق بالمجتمع جراء سياسات الانفتاح والتلاقح بين الحضارات والثقافات المتداخلة في قريتنا الكونية الصغيرة، فضلا عن إسهامه الإيجابي في استتباب أعمدة وأركان التنمية الأسرية والاستشارات العائلية ودراسة أحوال الطلبة والطالبات في المدارس والجامعات والكليات.. إلخ.
من المؤسف أن مخرجات علم الاجتماع منذ عام 2007 إلى 2017 لم يستفد منهم ومن طاقاتهم العلمية، فهم يترددون على الوزارات المعنية بدون أي وضوح في كيفية التعاطي معهم ومع تخصصهم وهو ما يدعو للأسف والحزن في آن معا.
لا نذهب بعيدا إذا ما قلنا إن البعض منهم نأى بنفسه عما درسه وأضحى هذا العلم في عقله ووجدانه نسيا منسيا، فنجده يعمل مضطرا في مجال آخر لا علاقة له بما سهر الليالي تحصيلا لأجله، وفي هكذا حال يمكننا القول إن هذا العلم الآن يحتضر.
هناك العديد من الجهات تحتاج لهذا التخصص كالتنمية الاجتماعية والإسكان والتخطيط والتربية والتعليم والجامعات والكليات والشركات وغيرها من محاضن العمل، هذا إن نحن نظرنا بواقعية علمية للمتطلبات الفعلية للجهات المذكورة.
إن دول العالم وبخاصة المتقدمة منها تولى علم الاجتماع اهتماما كبيرا لإيمانها بدوره الفاعل والأساسي في معالجة كل العثرات والوعكات الاجتماعية، هذا هو التوجه العلمي الذي نقصده.
فلا يجب والحال كذلك أن نغفل عن أهميته وجدواه ونسقطه من حساباتنا العملية والميدانية عبر عدم توظيف مخرجاته لدواع لا علاقة لها بالعلم ولا بالعمل ولا بالإنتاج ولا بالوفرة المرتجاة.
بالطبع نحن ندرك أن هناك أزمة عمل تواجه الخريجين عموما، ولكن لا يجب أن تحل هــذه الأمور على هذا النحو إزاء بعض التخصصات.
نأمل فعلا الاستفادة من طاقات هؤلاء وغيرهم ممن نهلوا من معين العلوم الإنسانية، فنحن بحاجة ماسة لعلمهم ولطاقاتهم ولإسهاماتهم التي لا غنى عنها لأي مجتمع ينشد الوصول لقمة الآمال ولهامات الجبال الشاهقات العاليات كتأكيد على حقيقة الإيمان بجدوى العلم في بناء الأوطان وفي تحقيق رفاهية الشعوب.