جَسر الفجوة التعليمية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٥:٢٦ ص
جَسر الفجوة التعليمية

أليشيا بولير

في ظلّ تواصل النموّ المتسارع للشريحة العمرية الشابة في منطقة الشرق الأوسط، تشارف الموارد التعليمية في المنطقة على الاستنزاف. وتواجه معظم الدول العربية تحديات متشابهة ولو بدرجات متفاوتة في مجالات مثل الوصول إلى التعليم وجودة التعليم والبنية الأساسية لقطاع التعليم العام.

وترزح مصر، بشكل خاص، تحت وطأة الضغوط الهائلة للنموّ المتسارع لفئة الشباب في البلاد. إذ يضمّ حالياً قطاع التعليم العام في مصر، الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان، 20 مليون طالب مدرسي، وهو عدد قابل للتزايد مع تسجيل 2.6 مليون ولادة جديدة سنوياً.

وكان قد برز في الأعوام القليلة الفائتة العديد من الشركات الناشئة التي تسعى إلى معالجة اختلال التوازن الضخم والمتنامي بين الطلب على التعليم والموارد العامة. وتعدّ «نفهم Nafham» واحدة من أكبر الشركات الناشئة في هذا المجال في القاهرة، حيث تمدّ قطاع التعليم العام بمقاطع فيديو تتراوح مدة كل منها بين 5 إلى 15 دقيقة يسهل الوصول إليها، وتلائم الطلاب من مرحلة الحضانة حتى الصفّ الثاني عشر.
فوفق البيانات الحكومية، يتجاوز الطلب على التعليم من مرحلة الحضانة حتى الصفّ الثاني عشر سعة الصفوف المتوفرة حاليًا بـ 900 ألف مقعد، ما يعني أن بعض الصفوف بالكاد تكون ذات فائدة مع وجود أكثر من 80 طالباً في الصفّ.
تأسست «نفهم» قبل خمس سنوات وهي توفّر اليوم أكثر من 10 آلاف مقطع فيديو عبر الإنترنت و30 ألف سؤال وجواب تنسجم مع المناهج التعليمية الوطنية في العديد من الدول العربية، حيث تغطي %75 من المنهاج التعليمي المصري، كما تغطي جزئيًا المناهج التعليمية في السعودية والكويت والجزائر وسوريا.
يقول المؤسس الشريك لـ «نفهم» مصطفى فرحات إن تجربته الشخصية مع النظام التعليمي في مصر وولادة ابنه دفعاه إلى السعي لدعم النظام التعليمي. ويضيف «منذ أن أنجبنا سليمان، وأنا أقلق حيال تعليمه وكيف سنؤمّن له جوًا تعليميًا يمكّنه من الابتكار وحبّ ما يقوم به. «نفهم» هي وسيلتي للاستعداد لسنواته التعليمية».
ويشدد فرحات على أن مبدأ «نفهم» يختلف عن ظاهرة التعليم عن بعد التي تغزو العالم اليوم والمتمثلة بالمساقات الجماعية الإلكترونية المفتوحة (مووك MOOC). ويوضّح أن «نفهم هي أكثر من مساق جماعي إلكتروني مفتوح، فهي ليست مقررًا دراسيًا لمرّة واحدة يمتد على بضعة أسابيع أو أشهر، بل هي رحلة تبدأ من زيارة واحدة وتستمرّ لسنوات». ويردف: «وصلنا الكثير من التعليقات من مستخدمين كثراً تمنّوا لو أنهم كانوا يعرفون عن نفهم من قبل».
تدعم «»نفهم حاليًا 900 ألف مستخدم نشط شهريًا، معظمهم من الطلاب، فيما يشكّل الأهالي والأساتذة حوالي 5% من المستخدمين. وقد تمّ جمع معظم مقاطع الفيديو والمواد من خلال «الحشد الجماعي»، ما يعني أنه يتم تحفيز الطلاب والأساتذة من خلال تمكينهم من الحصول على تقدير أقرانهم أو من خلال تعزيز سمعتهم في القطاع التعليمي، أو ببساطة انطلاقًا من رغبتهم بالقيام بعمل الخير. وفي بعض الحالات، إذا كان وقت المعلّم ضيقًا جدًا، يمكن تقديم نوع من البدل المادي له.
كما ينظّم هذا المشروع الاجتماعي مسابقةً شهريةً لتشجيع نهج تثقيف الأقران. إذ يكتسب المستخدمون نقاطاً عند تحميل مقاطع الفيديو، ونقاطاً إضافية استناداً إلى جودة التعليم والعناصر البصرية.ويتابع فرحات «سوريا كانت الدولة الثانية التي تناولناها، ومن خلال نموذج الحشد الجماعي المبتكر الذي نستخدمه، تمكّنا من تغطية المنهاج السوري، وسنستمر في خدمة هذه القضية على الرغم من ميزانيتنا المحدودة لأننا نعتبر أن مساعدة الأطفال السوريين هي إحدى مهامنا، وقد تضاعف عدد المستخدمين السوريين هذا العام ليصل إلى 45 ألف مستخدم نشط شهرياً».
يذكر أن «نفهم» كانت في حاضنة مسرّع المشاريع المصري Flat6Labs التي أمّنت لها تمويلاً أوليًا بقيمة 10 آلاف دولار. ويضيف «نهدف إلى الاستفادة من الانتشار الواسع الذي حققته «نفهم» في توليد الأرباح، وذلك من خلال تقديم خدمات متميزة تلائم الأسر متنوعة الدخل. ولكن في السنوات الفائتة، نجحنا في إنشاء نموذج أعمال قائم على الإعلانات».
ويشرح: «يوجد أكثر من 1.3 مليون أستاذ مصري يجنون رواتب منخفضة جدًا، وتوجد مواهب متميزة تنتظر اكتشافها. نحن نسعى للربط بين أولئك الأساتذة الموهوبين والطلاب الباحثين عن المزيد من الدعم التعليمي باستخدام خدمات نفهم الإلكترونية المتميزة».واختتم فرحات بالتعبير عن رغبته في نقل هذا المفهوم إلى المزيد من الدول «ما لم نحصل على الدعم من أجل تغطية دول جديدة، فلن نتمكّن من فعل ذلك، وسنبقي تركيزنا على الدول التي نغطيها حالياً».