جامعة مسقط والرؤية الجديدة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/نوفمبر/٢٠١٧ ١٣:٣٧ م
جامعة مسقط والرؤية الجديدة

تعد جامعة مسقط أحدث الجامعات الخاصة العُمانية منارة جديدة في سماء السلطنة، كصرح تعليمي بفكر متطور ورؤية تعليمية جديدة، تزامنا مع احتفالات سلطنة عمان بالثامن عشر من نوفمبر وبالعيد الوطني السابع والأربعين المجيد، لتكون إضافة حقيقية على مسيرة التنمية والتقدم الممتدة على أرض السلطنة منذ قيام النهضة المباركة.

لذلك فإن الآمال معقودة على هذه الجامعة الوليدة لتطرح إضافات جديدة لسوق العمل وتطوير مستويات المهارات القائمة، لتتواكب مع التطورات الحديثة، بل وتسبق الجميع، ومن ثم تقود عمليات التنمية والمجتمع إلى الأمام، ولا سيما أن برامجها تتطابق مع مستوى المهارات المعياري العالمي، ما يساعد على نقل الخبرات والمهارات الأجنبية التي ساعدت على تقدم شعوب العالم، ومن المؤكد أن إدارة الجامعة بما لديها من خبرات قادرة على هذا التحدي وعلى تحقيق النقلة النوعية التي ننشدها، من أجل تطوير المجتمع، وفق أهدافها المتمثلة في توفير تعليم عالي الجودة بالتعاون مع جامعتي «أستون وكرانفيلد البريطانيتين» من خلال الارتباط الأكاديمي والتواصل مع المؤسسات الدولية الأكاديمية من ناحية، ومع القطاعين الخاص والحكومي من ناحية أخرى، وبناء شراكة قوية مع مجلس البحث العلمي ومركز الابتكار الصناعي والمؤسسات المعنية بالبحث والابتكار والتطوير في المجتمع، بما يضمن تكامل الأنشطة البحثية التي ستنفذها جامعة مسقط مع الأنشطة البحثية التي تنفذها تلك المؤسسات، بما يسهم بفاعلية في مشروعات التنمية المستدامة التي تستهدفها السلطنة في السنوات القادمة، من خلال توفير الاحتياجات في التخصصات التي لا تتوافر في السوق المحلي، وتلبي في ذات الوقت تطلعات واحتياجات الطلاب ومؤسسات التوظيف والقطاع الخاص، ومن ثم توفير البديل الجيد للطلاب من المواطنين والوافدين، ولا شك أن ذلك يدعم الحركة البحثية الجادة ذات الصلة الوثيقة بالأولويات الاجتماعية والاقتصادية للسلطنة وللمنطقة المحيطة بها، من خلال دراسة واقع أسواق العمل المحلية والإقليمية والدولية، لتجنب السلبيات القائمة، حيث تقدم جامعة مسقط مجموعة متنوعة من البرامج الأكاديمية في كلياتها الثلاث، كلية الأعمال والإدارة، وكلية الهندسة والتكنولوجيا، وكلية النقل والخدمات اللوجستية، حيث تستغرق المدة الزمنية لدراسة هذه التخصصات أربع سنوات، تتضمن السنة الثالثة منها تدريب عملي متكامل، ليتعرف الطالب على بيئة العمل واكتساب المهارات والخبرات العملية، ليعود بعدها للسنة الأخيرة لاستكمال الدراسة والتخرج.

نأمل أن تصبح جامعة مسقط الوجهة الأولى في الشرق الأوسط للدراسات الجامعية والشهادات العليا ذات الجودة في المخرجات، لذلك أمام الجامعة تحديات كبيرة وكثيرة، في إطار المنافسة المشروعة في قطاع التعليم، الذي يعاني من الخلل في نواح عديدة أهمها الهوة بين ما يتم تعليمه والتدريب عليه في مؤسسات التدريب والتعليم، وبين متطلبات القطاع الخاص وجهات التشغيل والتوظيف والاستخدام الأمثل في سوق العمل، في إطار الاحتياجات المتجددة للسوق، التي فرضت علينا معادلة صعبة متعددة الأطراف تحكمها مخرجات التعليم بكل مراحله والمتطلبات الفعلية لسوق العمل، والاحتياجات النفسية والمادية للباحثين عن عمل وتطلعاتهم ورغباتهم، الأمر الذي يؤدي إلى الوجود الإيجابي للأيد العاملة الوطنية، وفي المقابل الحد من زيادة أعداد المتعطلين والباحثين عن عمل، في ظل متغيرات العصر الحديث وتشابكها وسرعة إيقاعها، مما يستوجب التركيز على خطط وآليات ناجعة، للاستفادة من الطاقات الابداعية للموارد البشرية وتسخيرها، في سد احتياجات السوق والمشاركة في عمليات التنمية الاقتصادية، لأن أخطر ما في ذلك هو استمرار النقص الشديد في الأيدي العاملة الوطنية الماهرة والمدربة القادرة على تحمل مسؤوليتها، وعجز مؤسسات التعليم التقليدية عن معالجة هذه الإشكالية، التي تتفاقم مع زيادة الفجوة السحيقة بين العرض والطلب التي اختلت معها معايير التوازن في سوق العمل، ليصبح التحدي القائم هو أن الجامعة عليها مسؤولية مد المجتمع وقطاعات العمل المختلفة بخبرات ومهارات متقدمة ومتطورة بخلاف المهارات الموجودة في السوق، والتي تعاني منها القطاعات الإنتاجية، لأنه بالنظرة المتأنية لواقع برامج التعليم والتدريب التقني والمهني في البلدان العربية نجد أن المناهج يغلب عليها طابع التركيبة التقليدية، من حيث المتطلبات الأكاديمية العامة والتخصصية والتدريبية، التي لا يمكن أن تقود المجتمعات إلى التطور والتقدم، نظرا لعدم الاستفادة القصوى من طاقات الموارد البشرية المهدرة في سنوات التعليم النظري، تلك الطاقات التي بدونها لا يمكن أن تبني المجتمعات تقدمها في مختلف القطاعات، ولا سيما أن الجامعة تخطط إلى توفير برامج دراسية في مجال الهندسة تتضمن إلحاق الطلاب بقطاعات العمل خلال الدراسة لاكتساب الخبرة العملية والميدانية، وهذا الذي ننشده من مؤسسات التعليم المختلفة.

محمد محمود عثمان

mohmeedoman@yahoo.com