"الفارسي" أول عماني يدرس القانون النووي

بلادنا الثلاثاء ٢١/نوفمبر/٢٠١٧ ١٤:٥٨ م
"الفارسي" أول عماني يدرس القانون النووي

ش- خاص

سعود الفارسي هو أول عماني يدرس القانون النووي، وهو على أعتاب نيل شهادة الدكتوراه في هذا التخصص النادر في المملكة المتحدة.
لالقاء الضوء على على هذا التخصص النادر قمنا بالحديث مع الطالب سعود حيث سألناه عن كيفية اختياره لهذا التخصص فقال: "بصدور المرسوم السلطاني رقم ١٣٥ / ٢٠٠٨ بشأن انضمام سلطنة عمان إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وما تبعه من مراسيم بانضمام السلطنة إلى العديد من الاتفاقيات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كالمرسوم السلطاني رقم 113/2010 بالتصديق على الاتفاق التكميلي المنقح بشأن تقديـــم مساعـــدة تقنيـــة لحكومـــة سلطنــة عمـــان من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن خلال عملي واطلاعي على تلك الاتفاقيات وبعد دراستها، أحسست بشغف كبير وحماسة غير مسبوقة للتعمق في موضوع القانون النووي ، لاسيما بعد القيام بزيارات عدة لمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا بالنمسا ، وبعد عملية بحث مطولة، وجدت بأن هذا التخصص تحديداً يعد من التخصصات الحديثة نوعاً ما، وأن عدد المتخصصين فيه على مستوى العالم محدود جداً مقارنة بباقي التخصصات القانونية ، كما وأنه من الموضوعات التي توجب على الباحث أن يفهمها بشكل عملي فني حتى يتمكن من تصور وضعها بشكل قانوني وبالتالي يستطيع التعامل معها بعقليته القانونية، هذا بالإضافة إلى أن الحديث عن توجه العالم بشكل عام للتعمق والغوص أكثر في موضوعات التكنولوجيا النووية كان بمثابة عنصر تشويق لي للتبحر أكثر في جنباتها.
ومن جانب آخر لم أعرف أبداً بأن هنالك أي عماني قد سبق وأن حصل على شهادة الدكتوراه في هذا التخصص تحديدا ، ومن ثم فقد كان ذلك بالنسبة لي فرصة جيدة لأكون رائداً في هذا التخصص"

مضيفاً أنه من جانب ثالث ، ومن خلال البحث للحصول على مؤلفات عربية بل وحتى أجنبية تتحدث عن موضوع القانون النووي في الدول العربية بشكل عام ودول الخليج العربي بشكل خاص لقراءتها وجدت بأن هنالك محدودية كبيرة في تلك المؤلفات وأن جوانب كثيرة تتعلق بالقانون النووي في منطقتنا ماتزال خارج نطاق الدراسات والبحث، وهو أمر جعلني أفكر ملياً بأن أعمل جاهداً لدراسة تلك الجوانب والكتابة فيها لأكون يوماً من المراجع المهمة في مجال القانون النووي في الخليج بشكل خاص وفي الدول العربية بشكل عام. ومن جانب رابع، وقد يكون هو الدافع الأهم الذي دفعني لدراسة هذا التخصص، أن بدراستي لهذا التخصص سأكون قد قدمت ولو الشيء البسيط لوطني، حيث أننا نعيش بعالم متداخل مفتوح ، ونقع جغرافيا في موقع تحيط به الكثير من الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية.

فمثلاً، دولة الإمارات العربية المتحدة الآن تقوم بإنشاء مجموعة من المفاعلات النووية في منطقة براكة ، وأول هذه المفاعلات على وشك الدخول في الخدمة قريباً جداً ، ولدينا كذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجميع يعرف مشكلة غموض برنامجهم النووي ومشاكلهم الدائمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع الدول العظمى. لدينا كذلك في الجهة المقابلة لشواطئ السلطنة الهند وباكستان ، والمشاكل المستمرة بينهما بسبب تلك المشروعات . ناهيك عن أن الشريط الساحلي للسلطنة ممتد جداً وقد يتم نقل المواد النووية أو الإشعاعية بالمقربة من شواطئنا أو حتى من خلال أراضينا ، لذلك فقد ارتأيت ضرورة دراسة القانون النووي والتخصص فيه بشكل أعمق حتى أكون أحد الكوادر الوطنية المؤهلة القادرة على التعامل مع التشريعات المحلية لتطويرها بما يتوافق والأطر القانونية الدولية ما من شأنه أن يحقق مصلحة السلطنة من جانب ، وكذلك بما يحقق الجاهزية للتعامل مع شتى القضايا التي قد تنشأ حال حصول أي حوادث نووية في المفاعلات القريبة من السلطنة وما قد تلحقه من أضرار بالسلطنة – لا سمح الله – وكذلك في حال ما حدث أي طارئ فيما يتعلق بالمواد النووية والإشعاعية المنقولة."

مجالات تطبيق (القانون النووي) في السلطنة
يقول الفارسي في حديثه حول مجالات تطبيق القانون النووي في السلطنة بأن "الطاقة النووية هي إحدى تطبيقات التكنولوجيا النووية ولكنها ليست الوحيدة، بل أن هنالك تطبيقات كثيرة للتكنولوجيا النووية تستخدم في مجالات عديدة مختلفة ، فهنالك التطبيقات المستخدمة في مجالات الصناعة كمجالات صناعة النفط والغاز، وهنالك ما هو مرتبط بمجالات الزراعة كالتطبيقات المستخدمة في مجال مكافحة الحشرات والأوبئة التي تصيب الثروات الزراعية ، وهنالك التطبيقات التي تستخدم في مجالات الطب كالطب النووي ، وغيرها من التطبيقات الكثير ، ونحن في عمان لدينا الكثير من هذه التطبيقات.

ومن جانب آخر وبغض النظر عن وجود نية لإنشاء محطات نووية في عمان من عدمه وبالإضافة إلى ما تمتلكه السلطنة من تطبيقات نووية ، هنالك جوانب مهمة جداً بحاجة للتنظيم في أي بلد ، خصوصا الجوانب المتعلقة باستيراد وتصدير المواد الإشعاعية وكيفية نقلها والاحتفاظ بها والتعامل معها وغيرها الكثير . كل هذه الموضوعات تحتاج لتأطير قانوني ينظمها ويحكم القائمين عليها ويحدد اختصاصاتهم ويحدد الجهات المشرفة عليها ويضع خطط التعامل مع الحالات الطارئة المتعلقة بها وغيرها من الأمور الأخرى التي تتطلب إيجاد قواعد تنظيم دقيق. ومن جانب آخر ولوجودنا في بقعة جغرافية محاطة بمشروعات التكنولوجيا النووية المختلفة كالمشروع النووي الإماراتي ، والمشروع النووي الإيراني، والمشرع النووي الهندي، والمشروع النووي الباكستاني، ولكون نقل المواد النووية والإشعاعية قد يكون من خلال إقليم السلطنة، فكل هذه الأمور تستوجب إيجاد كوادر عمانية شابة ومتخصصة في شتى مجالات التكنولوجيا النووية، القانونية منها وغير القانونية، كما وأن عالم التكنولوجي النووية متطور ومتغير بشكل متسارع، ولذلك يجب علينا العمل على مواكبة علومه حتى لا نجد أنفسنا خلف قطاره بمراحل".

مشيراً إلى أنه يجب أن نعي جميعاً أن عدم وجود مشروعات طاقة نووية بدولة ما – في الوقت الحاضر - لا يعني أبداً عدم وجوب خلق وإيجاد وتهيأت الكفاءات الوطنية الشابة المتخصصة في مختلف علوم التكنولوجيا النووية.

خلفية حول تخصص (القانون النووي)
القانون النووي يتعلق بموضوعات التكنولوجيا النووية، والتكنولوجيا النووية يمكن تقسيمها من حيث الاستخدام إلى قسمين رئيسين :

أولاً: الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية ، كاستخدام المواد النووية لإنتاج الطاقة النووية. ففي الكثير من دول العالم الصناعية كبريطانيا وألمانيا وأمريكا واليابان تعد الطاقة النووية واحدة من أهم مصادر الطاقة بتلك الدول وتمثل في بعضها ما نسبته أكثر من 20% من مجموع مصادر الطاقة ، وهنالك دول وعدت بإغلاق محطات توليد الطاقة النووية الموجودة بها بعد حدوث الانفجار النووي في محطة فوكوشيما في العام 2011م وما خلفه ذلك الانفجار من دمار كبير وخسارة كبيرة في الأرواح والممتلكات والبيئة ، خصوصاً وأن كثيراً من المنظمات المناهضة لوجود مثل هذه المحطات استغلت هذه الحادثة للترويج لأهدافها للضغط على حكومات تلك الدول لإغلاق ما بها من محطات نووية ، إلا أن تلك الدول سرعان ما تراجعت عن تصريحاتها بغلق تلك المحطات بل وأعلنت عن إنشاء محطات جديدة ، وذلك لأسباب عديدة أهمها عدم كفاية وكفاءة البدائل المطروحة لتلك المحطات ، فتكنولوجيا الطاقة المتجددة أو ما يعرف بالخضراء ما تزال ضعيفة وتواجه الكثير من المشكلات الفنية وتحتاج إلى الكثير من التطوير والعمل والبحث والدراسات ، ناهيك عن كلفة إنشائها وتشغيلها العالية.
وبالإضافة إلى الطاقة النووية ، هنالك ما يعرف بتطبيقات التكنولوجيا النووية الأخرى ، كاستخدام المصادر المشعة في ميادين الطب والزراعة والصناعة .

ثانياً: الاستخدامات غير السلمية للتكنولوجيا النووية ، وبطبيعة الحال فنحن نتحدث هنا عن استخدام التكنولوجيا النووية بغرض صناعة الأسلحة النووية.

ولكل ما تقدم ، ورغبة من المجتمع الدولي في حماية البشرية ، فقد ارتأى العالم ضرورة وأهمية وضع إطار قانوني يضمن استخدام التكنولوجيا النووية في الأغراض السلمية وبما يكفل الحد من التسلح النووي ، بالطريقة التي من شأنها تقدم البشرية ، وكان ذلك من خلال إنشاء بعض الكيانات الدولية لتكون بمثابة الحارس الأمين المشرف " دولياً " على استخدام الدول لهذه التكنولوجيا كالوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أنشأت بتاريخ 29 يونيو 1957م ، وكذلك من خلال وضع بعض الصكوك الدولية والتي في مجموعها تشكل الإطار العام للقانون النووي الدولي ، ومن أهم تلك الاتفاقيات اتفاقية فيينا بشأن المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية المؤرخة في 21 مايو 1963 ، وكذلك اتفاقية باريس المتعلقة بالمسؤولية المدنية في مجال الطاقة النووية ، المؤرخة في 29 يوليو 1960 ، وما لحق بهما من تعديلات