قوانين حبيسة الأدراج!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٦/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٣:٤٢ ص
قوانين حبيسة الأدراج!

علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي تلوح فيه بلدية مسقط بفرض عقوبات على المخالفين الذين يلقون بالمخلفات في الأماكن العامة والساحات المفتوحة والأودية بغرامة تصل إلى 1000 ريال وفقا لمنطوق القرار الإداري رقم 55/2017 والخاص بالجزاءات الإدارية على المخالفات، إلا أن هذه العقوبات وتلك الجزاءات ظلت حبيسة الأدراج حتى الآن.

إذ نجد الانتهاكات واضحة وجلية لذلك القرار ويمكن التيقن من ذلك من خلال أرتال الأوساخ والمخلفات في الشواطئ والمسطحات الخضراء والتي تعد متنفسا طبيعيا للأسر.

الأمر الذي يتطلب من بلدية مسقط وغيرها من أجهزة البلديات في الدولة الانتقال من مرحلة التنظير والتلويح بالعقوبات إلى حيز التنفيذ وضبط المخالفين وتطبيق القرار وفرض قوة القانون.

لا شك أن ما نعانيه من التراجع في مستويات الوعي البيئي ناتج في الأساس ليس من ضعف القانون، بل من عدم تطبيق القانون وعدم وجود آليات فاعلة لضبط المخالفات.

في اعتقادي أن كل الجهود التوعوية الرامية لترسيخ مفهوم الحفاظ على البيئة طيلة السنوات الفائتة والتي شملت المدارس وكل قطاعات المجتمع وعبر جميع الوسائل الإعلامية والإيضاحية والمسابقات والجوائز الخ، لم تجد نفعا في الوصول للنتيجة المرجوة، تزامنا مع تراخي الجهات المختصة في تطبيق القانون، ولو طبق لظلت تلك الجهود التوعوية حاضرة أبدا في الأذهان، خاصة في وقت أضحى فيه عدم المسؤولية في التعاطي مع الشأن العام سلوكا طبيعيا لدى البعض للأسف.
كل دول العالم المتحضرة مرت بهذه المراحل ووصلت إلى قناعات راسخة بأن قوة القانون وفرض العقوبات إزاء المحافظة على الممتلكات العامة هو السبيل الأوحد لضمان بقائها كما ينبغي جميلة ورائعة وتسر الناظرين، ونحن بطبيعة الحال جزء لا يتجزأ من الكل، فما الذي يمنعنا من السير في الطريق ذاته من أجل الوصول إلى ما وصل إليه الذين طبقوا القانون بغير هوادة، فعلينا إذن الاستفادة من تلكم التجارب وتطبيقها للحد من الممارسات الخاطئة عندما تصر أن تبقى معنا لا تفارقنا أبدا.
إن ما نشاهده بعد كل إجازة أو عطلة أسبوعية في الأماكن العامة يدمي القلوب حقا ويحزن كل نفس تتطلع لرؤية الجمال مكتنزا في الشواطئ والساحات والمنتزهات.
بالطبع لا يمكننا القول إن الجميع هم هكذا، تلك فئة قليلة هي التي تنتهج هذا السلوك المشين، الغالبية من الناس هم من عشاق البهاء والحسن وتلك سمة بشرية نقية وخالصة، وهكذا خلق الله الناس على سجية الميل للنظافة التي هي من الإيمان.
نأمل من الجهات المختصة بالبلاد أن تزيح الغبار عن القوانين والأنظمة حبيسة الأدراج، واصطحابها على الفور للميادين العامة لضبط سلوكيات تلك القلة وعلى نحو يتماشى مع المصلحة العامة، إذ وصلنا لقناعات مفادها بأن العقوبات يجب أن تطبق على كل مخالف، صونا للجمال بدءا، وردعا لكل من آلى على نفسه النيل من هذا الذي أجمع الناس على أنه يستحق الاحترام.