الإرادة الوطنية تستشرف عُمان المستقبل

بلادنا الخميس ٠٧/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٣:١٣ ص
الإرادة الوطنية تستشرف عُمان المستقبل

مسقط - يوسف البلوشي وخالد عرابي
تصوير- إسماعيل الفارسي

بدأت صباح أمس فعاليات "ملتقى استشراف المستقبل" برعاية صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة رئيس اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية عُمان 2040، بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.
وأكد وكيل وزارة الخدمة المدنية لشؤون التطوير الإداري رئيس لجنة الحوكمة في رؤية عمان 2040 سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي أن السلطنة قادرة على مواكبة متغيرات العالم وإنجاز رؤية مستقبلية قابلة للتطبيق تضع السلطنة في مقدمة الركب على مستوى المنطقة والعالم.
وأضاف البوسعيدي في تصريحات خاصة لـ "الشبيبة" أن السلطنة لديها أرضية صلبة للانطلاق في إعداد رؤيتها وتنفيذها وتنطلق من الجاهزية في البنية الأساسية والبنية الفوقية والقدرات البشرية إضافة إلى الموقع الجغرافي والسياسة الخارجية والتي تمثل جميعها عناصر قوة يمكن الاعتماد عليها في صناعة مستقبل السلطنة بعد تحقيق التوافق المجتمعي ومواكبة المتغيرات المتسارعة والذي يسعى ملتقى استشراف المستقبل إلى تحقيقها.
وأشار البوسعيدي إلى أن المنافسة العالمية في الصناعات المختلفة آخذة بالازدياد مما يتطلب الاستعداد الجيد لها وتهيئة الظروف المناسبة لاستغلال الفرص المتاحة وذلك عبر التعليم وغرس الثقافة الإنتاجية والبناء على المقومات الطبيعية والصناعية التي تمتلكها السلطنة.
وأوضح البوسعيدي أن أوراق العمل والنقاشات في ملتقى استشراف المستقبل كانت جيدة، وجميعها تصب في ضرورة التنبؤ بالمتغيرات العالمية والاستعداد لها واستغلال الفرص التي تتيحها الثورة الصناعية الرابعة والتقدم التقني الكبير الحاصل في العالم.
فيما أكد سعادة طلال بن سليمان الرحبي، نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط في حديثه لـ "الشبيبة" على أن الإعداد لرؤية عمان 2040 بدأت مع التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بإعدادها بمشاركة مجتمعية واسعة، ثم تلتها التحضيرات وتشكيل اللجان التي باشرت عملها، ويعد ملتقى "استشراف المستقبل" -الذي انطلقت فعالياته اليوم وتستمر غدا- أول خطوة رئيسية للمشاركة المجتمعية في إعداد الرؤية، وكذلك فرصة للاطلاع على التوجهات العالمية لاستشراف المستقبل، وقد شارك في اليوم الأول متحدثون رئيسيون رفيعو المستوى منهم الرئيس السابق لجمهورية استونيا، فخامة الرئيس توماس هيندريك إلفيز، الذي استعرض بعض ملامح تجربة استونيا في التحول التقني وأثره على التقدم الاقتصادي لبلاده، كما استعرض متحدثون آخرون التحولات التقنية التي سيشهدها العالم في السنوات المقبلة.
وأكد الرحبي على أن الملتقي الذي تستمر أعماله على مدى يومين، يتم بمشاركة عدد كبير من المتحدثين المحليين والدوليين، وبمشاركة مجتمعية واسعة من كافة الشرائح التي ستعمل على وضع أهم السيناريوهات للتوجهات العالمية.
وأكد سعادته على أن الخطوة التالية بعد انتهاء فعاليات الملتقى قيام مجموعة من المختصين بعقد ورش عمل لمناقشة سيناريوهات استشراف المستقبل، ثم يتبع ذلك لجان وفرق عمل لصياغة الرؤية -بإذن الله- وصولا إلى مؤتمر الرؤية المتوقع أن يكون في الربع الأخير من العام 2018.
وعن أبرز الإشادات التي تلقتها السلطنة من مسؤولين دوليين وخاصة رئيس استونيا السابق في كلمته خلال الملتقى قال الرحبي: أكد المتحدثون على أن السلطنة تسير على الطريق الصحيح وهذا بشهادة الكثير من الخبراء ممن اطلعوا على التجربة العمانية، فقد أكدوا أن عمان تسير على الطريق الصحيح، وأنها قطعت شوطا كبيرا في العديد من النواحي والمجالات، كما أن العديد منهم يرى أنه بهذا الأسلوب والخطط والتنفيذ الحالي الذي يحدث في السلطنة واثقون من أن عمان تخطو بخطى ثابتة وسريعة نحو 2040.
ويسلط الملتقى الذي يستمر يومين الضوء على الاتجاهات المستقبلية الدولية والإقليمية والوطنية لموضوعات قطاعية تهم المجتمع العماني والمعنية باستشراف التوجهات المستقبلية في السلطنة وتحديد المحاور الرئيسية في إعداد وتطوير السيناريوهات المستقبلية وتضمينها خلال مراحل إعداد رؤية عُمان 2040 بمشاركة أكثر من 300 مشارك من القطاعين العام والخاص.
وقال صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد إنه "استمرارًا لنهج السلطنة في إيلاء التخطيط بعيد المدى أهمية كبرى، واستكمالا لمسيرة النهضة المباركة، نلتقي اليوم شركاء في مسؤولية صنع مستقبل السلطنة واستشرافه بعد أن صدرت الأوامر السامية في ديسمبر من العام 2013م بإعداد الرؤية المستقبلية (عُمان 2040) وبلورتها وصياغتها بإتقان تام ودقة عالية في ضوء توافق مجتمعي واسع وبمشاركة كافة فئات المجتمع المختلفة بحيث تكون مستوعبة للواقع الاقتصادي والاجتماعي ومستشرفة للمستقبل بموضوعية ليتم الاعتداد بها كدليل ومرجع أساسي لأعمال التخطيط في العقدين القادمين".
وأضاف سموه في كلمة له خلال حفل الافتتاح أنه تنفيذا لهذه التوجيهات السامية فقد انطلقت المرحلة التحضيرية لإعداد الرؤية المستقبلية فشُكلت فرق العمل واللجان الفنية، حيث قامت هذه الفرق بدراسة وتحليل الاستراتيجيات القطاعية طويلة المدى، ومواءمة أهدافها مع أهداف الرؤية، وتحديد الأولويات الوطنية، ثم وضعت محاور وركائز الرؤية، وباشرت بتشخيص الوضع الراهن وتحديد القضايا الرئيسية الأولية، كما قامت اللجان المختصة بإعداد إستراتيجية الاتصال والمشاركة المجتمعية التي تنطلق أنشطتها اليوم عبر هذا الملتقى لتكون منهجا فاعلا في إعداد رؤية تخص الجميع مواطنين ومقيمين، تلامس احتياجاتهم وتلبي تطلعاتهم في كل موقع وعلى امتداد محافظات السلطنة.
وأكد سموه أن محاور وركائز الرؤية جاءت لتحاكي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحقيق التنويع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص بالتزامن مع تطوير البنية الأساسية الحديثة وتحقيق التنمية المتوازنة بين المحافظات مع التركيز على استدامة البيئة وتعزيز الرفاه الاجتماعي وبناء وتطوير الكفاءات والقدرات الوطنية مع الحفاظ على الهوية الوطنية والتراث العُماني مدعومة جميعها بتعزيز فعالية الحوكمة والأداء المؤسسي وسيادة القانون.
وأشار سمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد إلى أن "الفهم الواعي والاستقراء العقلاني للواقع والمستقبل سيجعلنا متوافقين في توجهاتنا، متوائمين في التزاماتنا نحو بناء عمان التي ننشد بحلول العام 2040م"، موضحا أن استشراف المستقبل أو صناعة الغد أصبحت من أساسيات ازدهار المجتمعات وتقدمها، وأحد سبل المعرفة والعمل الجاد والتعاون الهادف لبناء مستقبل مشرق إذا أحسنا صناعته بإيجابية دون التخلي أو الحياد عن هويتنا الوطنية وموروثنا الأصيل الذي يعد أحد أسرار تفردنا وقوتنا في زمن التطورات الكبرى المتلاحقة.
من جانبه تحدث توماس هيندريك الفيز الرئيس السابق لجمهورية استونيا في كلمة له عن أهمية استراتيجيات وسيناريوهات التحولات المستقبلية من منظور دولي وقال ‏"‏نحن بحاجة إلى توقيع رقمـي مرتبط بالهوية الإلكترونية لننتج مجتمعا يتفاعل مع حكومته بطريقة أفضل، ويعود ذلك بالفائدة على المجتمع".
وأضاف ‏ الرئيس الإستوني السابق أن ‏رقمنة الحكومة والشركات ستساعد في تسيير أمور المعيشة في البلد، حيث ستحفظ الوقت والجهد اللازمين لإتمام المعاملات.
ويستضيف الملتقى مجموعة من الخبراء الدوليين المتحدثين في موضوعات الملتقى التي تناقش التوجهات المستقبلية العالمية والإقليمية والمحلية في مجموعة من الموضوعات تشمل "الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية وقوى التحول الاقتصادي" و "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيات المزعزعة" و"تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ورأس المال البشري" ومستقبل تحولات الطاقة النفطية والطاقة المتجددة" و "تحول النفط: تحول الطاقة والبتروكيماويات" و"ندرة الموارد والبيئة" و"التغيرات الديموغرافية والاجتماعية" و"مستقبل المدن" و"الحوكمة : مستقبل الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني".
ويهدف الملتقى إلى نشر الوعي العام بأهمية صناعة المستقبل وإيجاد حلول إبداعية للتحديات التي قد تواجهها السلطنة لضمان الازدهار والنمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي بحلول العام 2040، وبما يعزز موقع السلطنة على الخريطة العالمية.

ويعد "ملتقى استشراف المستقبل" جزءا من مشروع إعداد الرؤية المستقبلية عُمان 2040، ومكملا لمراحل شملت تشخيص الوضع الراهن في السلطنة وتحديد القضايا الرئيسية لواقع التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي ستتناولها الرؤية وعقد المقارنات المرجعية وتحديد أفضل الفرص التي يمكن تبنيها وتنفيذها.
من جانبه قال المستشار في وزارة الصحة أحمد بن عبدالله الخنجي: إن التفاعل المجتمعي حول ملتقى استشراف المستقبل يدلل على رغبة المجتمع العُماني في وجود رؤية موحدة لمستقبل عمان يشترك جميع فئات المجتمع في الإعداد لها ومن ثم العمل على تنفيذها كل في مجاله.
وأضاف الخنجي أن تنفيذ ما جاء في مبادرات البرنامج الوطني لتسريع التنويع الاقتصادي "تنفيذ" يعد بوابة الانطلاقة لرؤية عمان 2040 وتعزيز ثقة المجتمع في البرامج الحكومية المختلفة.
وأشار الخنجي إلى أن رؤية عمان 2040 ستعتمد بشكل كبير على جاهزية القطاعات الإنتاجية والبناء عليها في تحقيق تطلعات المجتمع العُماني ومواكبة التغيرات العالمية المتسارعة، مشيرا إلى أن برنامج تنفيذ كان من أبرز أهدافه تهيئة الظروف المناسبة لنجاح برنامج الرؤية.
رئيس مكتب نقل العلوم والمعارف والتكنولوجيا بوزارة الخارجية د.يوسف بن عبدالله الحوسني قال: جاء الملتقى لمعرفة التغيرات المستقبلية في العالم، وهذه التغيرات لها عدة مخرجات وأهمها التكنولوجيا.
وأضاف د. يوسف الحوسني: التغيرات المستقبلية لها تأثير كبير على النماذج الاقتصادية وعلى حياة الناس وأعمالهم، وبالتالي الإثبات العلمي لمعرفة المتغيرات المستقبلية يفيد ويساعد في عملية تحديد الأولويات، وبالتالي فإن هذا الملتقى هو الخطوة الأولى لفهم التغيرات المستقبلية التي تقودها التكنولوجيا ويقودها الاقتصاد، وهذا يساعد على تحديد خططنا واستراتيجياتنا.
وشدد رئيس مكتب نقل العلوم والمعارف والتكنولوجيا بوزارة الخارجية على أنه يجب أن نركز في المرحلة الحالية على تنمية المهارات لدى الأفراد وبناء التشريعات والقوانين لدى المؤسسات المساندة لهذه المرحلة والاستعداد التنظيمي والقيادي والإداري في هذا الجانب، وقال: ينبغي أن تنسجم القرارات التي تصدر فيما بعد مع بعضها البعض، بحيث يتم التركيز على القدرة التنافسية والقيادية والاستثمارات وتنمية مهارات الأفراد والمؤسسات، فيجب أن يكون لدينا قابلية للتحول الكامل والشامل.
وقال عضو لجنة المتابعة والتنظيم لملتقى استشراف المستقبل الشيخ نصر بن عامر الحوسني: الملتقى يعتبر تهيئة لإعداد رؤية 2040 لمعرفة المتغيرات المتسارعة عالمياً وإقليمياً، والتي تستدعي استشرافها في المستقبل، لكي تكون الرؤية مواكبة لهذه المتغيرات، وسيقوم فريق العمل في هذا الملتقى فيما بعد بتلخيص هذه المتغيرات حسب أهميتها وإعداد رؤية طموحة، بحيث تكون في ذات المسار المستقبلي المتوقع.