ابن علوي وحديث القدس

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٢/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٣:٢٤ ص
ابن علوي وحديث القدس

علي بن راشد المطاعني

ali.matani@hotmail.com

ليس غريبا أن يتصدر هاشتاق يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية أعلى تردد بموقع تويتر بعد الكلمة التي ألقاها في الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة‏ لمناقشة قرار الرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.

فبعد التفاعل الكبير وغير المسبوق مع كلمته التي خرج فيها عن صمت الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، عدا بيانات استنكار وشجب، أوضحها ابن علوي بأن الخطب تلقى في المساجد وليـــس في دور السياسة، وأن مقر الجامعة العربيــة ليس مسجدا تلقى فيه الخطب، وإنمــا دار للســـياسة تتخذ فيها القرارات المصيرية والمواقف الرادعة لأي تعد على الشعوب العربية وتحل فيها الخلافات العربية.

وعبر خبرة في دهاليز السياسة تعدت الـ40 عاما عبر بجلاء وبوضوح عن أبعاد الأزمة المأساة، وشخّص في بضع كلمات الداء ووصف له الدواء عندما طالب بقرارات تنفيــذية فاعلة تغدو عونا ومعينا للإخــوة الفلســطينيين في محنتهم، بدلا من التظاهــرات والهتافات التي لن تغير شيئا كنقل الدول العربية والإسلامية سفاراتها للقدس الشرقية باعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية كما فعل الآخرون على حد تعبيره.
خرج حديث ابن علوي والإنهاك باد على ملامح وجهه وهو يرى الوطن العربي في أسوأ حالاته على الإطلاق، تناحر، وقتال، وتشرذم، ومؤامرات، كلها تدور ما بين العرب والعرب وبدون وجود عدو مفترض يمكن أن يشار إليه، في حين بقى العدو الحقيقي ينظر من بعيد ويتبسم إذ أمسى بالفعل بعيدا عن مرمى سهام العرب.
لقد عبر ابن علوي وهو الذي يعد أقدم وزير خارجية عربي بل أحد دهاة العرب السياسيين في العصر الحديث عن مواقف السلطنة الثابتة في كل النزاعات التي عصفت بالمنطقة ومنذ المقاطعة العربية لمصر بعد كامب ديفيد مرورا بالحرب العراقية الإيرانية، ثم حرب تحرير الكويت، وأخيرا الصراع المؤسف في اليمن الشقيق وغيرها من القضـــايا التي آلمت كل مواطن عربي.
فالكلمة جاءت لترد بقوة على بعض الذين يزايدون على مواقف السلطنة الصامتة والهادئة والمتزنة والتي تثير فضول الآخرين في الكثير من القضايا، وليـــوقنـوا أن في الصـــمت حكــمــة بعيدة المنال.
فمن الطبيعي أن يعبر ابن علوي في كلمته الارتجـــالية عن مراحل يجب أن تنتهي وتحديات يجب مواجهتها بعزيمة الرجال، ولقد صدق عندما قال بأن الســياسة دروبها كثيرة، لكننا لا نجيد فنونها ولا كيفـــية إيضـــاح حقوقنا، وأن الحق لا ينكره أحــد متى قــدم بطــرق تظهر الحقائق ولا تشخصــنه وفق الانتماءات والمصالح.
إن السلطنة ومن خلال كلمتها في بيت العــرب لم تتوان عن الإفصاح، وكان إفصاحها هـــو الأقوى في تعرية ما تفعله أمريكا وفي كيفية التعاطي معه، ولم تتوجس خيفة وهي تقصد في قولها أقوى دولة في العالم، فهي ناصحة لأمريكا كغيرها من دول العــالم، والجميع يعلم أن عُمان لا تخشى في الحق لومة لائم.