الخلاف زائل والتعاون باق

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٦:٢٦ ص
الخلاف زائل والتعاون باق

فريد أحمد حسن

تأكيد البيان الختامي لقمة مجلس التعاون في دورتها الثامنة والثلاثين التي انعقدت الأسبوع الفائت في الكويت على «حرص المجلس الأعلى على دور مجلس التعاون وتماسكه ووحدة الصف بين أعضائه... لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، والمصير المشترك ووحدة الهدف» كان تأكيداً أيضا على أن الأزمة الخليجية عابرة وأنها سرعان ما ستنطفي، فما يجمع بين دول المجلس لا يمكن أن يفرقه خلاف بين بعض أعضائه مهما كان صعباً، وهذا تأكيد مهم ولافت حيث ظل البعض يراهن على عدم انعقاد القمة في وقتها وانفضاضها - لو عقدت - قبل أن تبدأ.

جاء في البيان الختامي أن «المجلس الأعلى جدد تأكيده على تعزيز وتعضيد دور مجلس التعاون ومسيرته المباركة نحو الحفاظ على المكتسبات وتحقيق تطلعات مواطنيه بالمزيد من الإنجازات بفضل حكمة وحنكة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون ورعايتهم لهذه المسيرة التي أصبحت ركيزة أمن واستقرار وازدهار على المستوى الإقليمي والدولي»، وجاء فيه أيضا أن «المجلس الأعلى أكد حرصه على دور مجلس التعاون وتماسكه، ووحدة الصف بين أعضائه... لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية والمصير المشترك، ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها ورغبتها في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال المسيرة الخيرة لمجلس التعاون... واقتناعها بأن ذلك يخدم التطلعات السامية للأمة العربية والإسلامية».
وبغرض توضيح كل هذا اهتم البيان الختامي أيضا بالتأكيد على «تمسك القادة بأهداف المجلس التي نص عليها نظامه الأساسي بتحقيق أعلى درجات التكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها» الأمر الذي سد باب التكهنات في وجوه أولئك الذين يغيضهم استمرار هذا المجلس كل هذه السنين. وبهذا تكون الرسالة قد وضحت تماماً وملخصها أن ما حدث في رمضان الفائت استثناء قابل للزوال في أي لحظة، يؤكد ذلك أن التحرك الصامت الذي تقوم به دولة الكويت وسلطنة عمان لا يزال مستمراً والغالب أنه حقق نجاحات طيبة بدليل أن القمة عقدت في تاريخها وإن بتمثيل غير مريح.
انعقاد القمة أفرح شعوب دول التعاون، وتأكيد البيان الختامي على كل ذلك جعل هذه الشعوب تتيقن بأن الخلاف الطارئ لا يمكن أن يؤثر على مسيرة المجلس سلبا وأن الاقتراب من نقطة النهايـــة لعودة الأمور كما كانت وشيكة.
في السياق نفسه كان مهما قول الأمين العام للمجلس د.عبداللطيف بن راشد الزياني إن «المجلس الأعلى أكد على تعزيز دور مجلس التعاون ومسيرته المباركة، نحو الحفاظ على المكتسبات وتحقيق تطلعات مواطنيه بالمزيد من الإنجازات لهذه المسيرة التي أصبحت ركيزة أمن واستقرار على المستوى الإقليمي والدولي»، ما يعني أن المشاريع التي تم الاتفاق عليها من قبل سترى النور وأن مشاريع أخرى بصدد الاتفاق عليها سترى النور هي الأخرى، فلا شيء يعطل مسيرة المجلس، فهذا تجربة ولكن مسيرة لا يمكن أن يعطلها تباين وجهات النظر هنا أو سوء فهم هناك.
قادة مجلس التعاون يؤكدون في مختلف المناسبات على أن «تجربة العمل العربي المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي تعد من التجارب العربية الناجحة قياسا بتجارب الدول العربية السابقة وأن منظومة مجلس التعاون الخليجي تعمل بشكل جيد طيلة السنوات الفائتة»، لهذا فإن التفريط في هذا الإنجاز العالمي المهم أمر غير وارد على الإطلاق.
لعل في عبارة «إيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية تعزز رفاه المواطنين» التي جاءت في كلمة الأمين العام لمجلس التعاون في القمة الأخيرة الطريق إلى المخرج من الأزمة الطارئة، فما يعين على مزيد من الربط بين دول التعاون ويدفع بالمشكلات الطارئة إلى الهامش تمهيداً لنسيانها هو إيجاد البيئة الاقتصادية والاجتماعية، بل أن توفر أساسات هذه البيئة هو الذي منع من تفاقم المشكلة وحصرها في زاوية ضيقة بدليل انعقاد القمة في الكويت وتأكيد هذا الأمر وغيره في البيان الختامي الذي اهتم أيضا بتوضيح موقف دول مجلس التعاون من مختلف القضايا وخصوصا الإرهاب حيث جاء في البيان أن «المجلس الأعلى أكد مواقفه الثابتة في مواجهة الإرهاب والتطرف، ونبذه لكافة أشكاله وصوره، ورفضه لدوافعه ومبرراته، وأياً كان مصدره، والعمل على تجفيف مصادر تمويله، والتزامه المطلق بمحاربة الفكر المتطرف للجماعات الإرهابية التي تقوم من خلاله بتشويه الدين الإسلامي الحنيف»، وهذا وحده كاف ليجمع دول المجلس التي إن لم تتوافق على مثل هذا القرار تضررت كلها لأن الإرهاب لا يستثني أحدا والتطرف قاتل. أيضا مهم تأكيد البيان الختامي على أن «التسامح والتعايش بين الأمم والشعوب هي من أهم المبادئ والقيم التي تقوم عليها مجتمعات دول المجلس، وتعاملها مع الشعوب الأخرى»، وإشادته بإعلان مملكة البحرين تدشين مركز الملك حمد لحوار الحضارات والتعايش.
انعقاد القمة في موعدها وتضمين البيان الختامي كل هــذه القــرارات والمواقف يؤكد أن الخـــلاف زائل والتعاون باق.

كاتب بحريني