الأجداد: عشنا أيامًا صعبة.. وشبابنا محظوظون

7 أيام الخميس ١٤/ديسمبر/٢٠١٧ ١٦:٣٩ م
الأجداد: عشنا أيامًا صعبة.. وشبابنا محظوظون

مسقط - خالد عرابي
رغم أننا نعيش في هذه الأيام حالة من الحياة السهلة والبسيطة إلا أننا نجد بعض الشباب قد لا يشعرون بذلك وينظرون للأمر على أنه شيء عادي، بل وقد يشعر أحدهم بأنه يعاني أو أن الحياة والمعيشة صعبة، وبما أن الأجداد هم النبراس والمرشدون للأبناء والأحفاد ومنهم نستقي الخبرة والدراية والمسير، نجدهم يرون الآن أن سلوكيات بعض شبابنا متباينة، فمنها ما يعجبون ويشيدون به، ومنها ما يرون أنه خروج عن النمط أو الخط الذي رسموه لهم، خاصة ما يخرج منها عن العادات والتقاليد أو ما يكون فيه نوع من عدم الرضا والقناعة، وهنا يوجهون لهم النصح.. "7 أيام" التقت باثنين من أجدادنا ممن عاشوا خبرات مختلفة في الحياة بين عصور مختلفة وهما الشيخ سليمان بن هلال بن سعيد الحوسني "76 عاما" والجد سيف بن سعيد بن سيف البوسعيدي "75 عاما".. فبماذا نصحا الشباب وماذا قالا على نمط ومستوى الحياة في فتراتهما الأولى والآن؟

في البداية يقول الشيخ سليمان بن هلال بن سعيد الحوسني -"76 عاما"، من قصبية الحواسنة بولاية الخابورة-: شباب هذه الأيام محظوظون، فقد وعوا على هذه الدنيا ووجدوا كل شيء متاحا وسهلا والحياة بسيطة، وهم يعيشون في رغد من العيش وسهولة أنماطه، ولكننا كجيل عشنا أيام كانت صعبة، فقد عاصرنا عصر ما قبل النهضة -أي قبل السبعينيات- ورأينا كيف كانت البلاد ومستوى ما هو متاح من الخدمات، كما عشنا أيضا ما بعد السبعينيات والنهضة.. وعند المقارنة نجد أن فترة ما قبل النهضة كانت صعبة، فلم يكن هناك لا مدارس ولا مستشفيات ولا سيارات في ولاية الخابورة -كنموذج للولايات المختلفة- كما أنه لم يكن هناك نقاط للشرطة، وكنا إذا ما احتجنا إلى شيء يخص الشرطة كان لابد من الذهاب إلى صحار، حيث يطلب والي الخابورة من والي صحار ما يحتاج إليه من خدمات، وهكذا يمكن القياس على العديد من الخدمات الأساسية والضرورية.
وأضاف الجد سليمان: كنا نعيش على "زور" أي سعف النخيل وكانت البيوت من الطين، ولم يكن هناك لا أجهزة تكييف هواء ولا أجهزة إلكترونية ولا غيره، ولكن من ينظر حوله الآن يرى كيف تطورت الحياة وكيف أصبح بناء البيوت والتطور والأهم أن هذا التطوير شمل كل أنحاء السلطنة ودخل العمل البلدي، فالحكومة الرشيدة أولت الاهتمام لكل شيء وذلك بفضل الاهتمام الشخصي من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-.
وأشار قائلا: أتذكر في فترة ما قبل السبعينيات كانت العيشة "ضنكا"، فأنا عاصرت تلك الفترة، حيث كنا نسير على الركاب، وكنا نحمل سمك و"قاشع" على "البوش" أي الحيوانات ومع هذا كنا نعيش، فالعماني يعيش في أي مستوى وأي ظروف، ويستطيع أن يتأقلم مع تلك الظروف. كما أتذكر أن أول شارع في الخابورة كان في العام 1972 وكان يمتد إلى صحار، وأتذكر أن المدارس لم تكن موجودة، وكان هناك الكتاتيب فقط التي تعلمنا فيها، وبعدها توالى التطور تباعا، ثم بنيت مدرسة واحدة للتعليم الأساسي في الولاية، وكانت مشتركة، ولكن من يرى الآن يجد المدارس في كل قرية وتتنوع ما بين ابتدائي وإعدادي وتعليم أساسي، والشوارع أصبحت ممهدة في كل أنحاء الولاية وحتى في القرى، وفي العصر الحديث بدء محو الأمية وبدأنا نذهب لمحو الأمية وتعلمنا بحظ معقول.
وأضاف الشيخ سليمان قائلا: أما فترة ما بعد السبعينيات ومنذ أن تولى جلالة السلطان تغيرت الأمور كثيرا، فالآن الخابورة أصبحت ممهدة، وفي العصر الحديث حصلنا على كل شيء من نهضة ومدارس وتطور فعلينا أن نعتز بكل ذلك وأن نصونه.
ونصح الجيل الجديد بأن عليه أن يدرك أهمية ما يعيش فيه من نعمة، فالشباب نبني عليهم آمالنا لأننا لا نقدر على خدمة عمان كما كنا في الماضي، ومن لا يشعرون بالمسؤولية الآن سيشعرون غدا ، فنحن نأمل فيهم كل خير لأنهم هم مستقبل الوطن لكن عليهم بالعمل والجد والإخلاص.

العيشة صعبة

أما الجد سيف بن سعيد بن سيف البوسعيدي -"75 عاما"، من قصبية البوسعيد بولاية الخابورة- فقال: العيشة والحياة منذ السبعينيات كانت معقولة، ولكن كانت صعبة قبل ذلك، فلم يكن هناك سيارات وكنا نستخدم الأبل والحمير للتنقل، ولكن بعد ذلك بدأت تدخل السيارات، وفي ذاك الوقت كانت المدرسة في مسقط فقط، لذلك لم ندرس ولكن حفظنا أجزاء من القرآن، أما الجيل الجديد الآن فصار عنده كل شيء وتنوعت المدارس ومدت الشوارع وأقيمت المستشفيات وكل وسائل النهضة وتعلم ابناؤنا وأحفادنا وصاروا يعملون في مؤسسات حكومية وفي شركات القطاع الخاص مما سهل لهم نمط الحياة.
وأضاف قائلا: أنا شخصيا تعلم كل ابنائي بنين وبنات وحصلوا على وظائف، غير أن أهم ما لاحظته -ويتضح جليا من ملامح النهضة الحديثة وما نعيشه الآن- هو أنه حتى "الشياب" ممن تقدموا في السن ولم يكن لهم وظائف أو دخل ثابت يتم صرف معاشات منتظمة لهم من الدولة مما يسهل لهم الحياة، وهذا يعني أن النهضة التي شهدتها عمان في عهد جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- أصبحت نهضة شاملة تغطي كل قطاعات الحياة من تعليم وصحة وطرق كما عمت العدالة حيث أصبح هناك نظام قضاء يُسَير الدولة، فالنهضة قائمة على العدالة والتنمية.
وقال أيضا: إن شباب هذه الأيام مختلفون عن جيلنا نحن الأجداد، ولكن عليهم أن يدركوا أنهم في خير ونعمة كبيرة وعليهم صيانتها والحفاظ على النعمة الكبرى وهي نعمة الوطن هذا الوطن الذي ينعم بالأمن والأمان والسلام في ظل عصر أصبحت هذه النعمة مفقودة في بلدان كثيرة.