الغرفة الخاصة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٢:٢٩ ص
الغرفة الخاصة

سمعان كرم

نظام الغرفة الجديد وضَح جلياً بعض الأمور، وعدَل بعض الفقرات وترك بعضها الآخر لمجلس إدارة الغرفة لتوضيحها أو حتى لتعديلها وذلك بعرضها على الجمعية العامة في اجتماع غير عادي. الغرفة إذاً هي مؤسسة خاصة ذات نفعٍ عام تخضع لإشراف وزير التجارة والصناعة، على غرار الجمعيات المهنية والأهلية التي تخضع لإشراف وزارة التنمية الاجتماعية. بتوصيفها كمؤسسة خاصة زال اللبس حول هويتها من ناحية استقلاليتها المالية والإدارية والتوظيفية. ورسم النظام الصادر مؤخراً بمرسوم سلطاني آلية العمل في الغرفة جاعلاً حوكمتها على غرار حوكمة الشركات الكبيرة في القطاع الخاص. مجلس الغرفة يرسم السياسة العامة لها ويتابع تنفيذها وهو الذي يعين الرئيس التنفيذي ويحدد مستحقاته. وتجدر الإشارة هنا على أن مسمى «مدير عام» قد تبدَل في النظام الجديد ليصبح «رئيس تنفيذي» تشبهاً أيضاً بمسميات القطاع الخاص. هذا المدير التنفيذي يقدم الهيكل التنظيمي للغرفة ويرسم خطته الاستراتيجية للتنفيذ ويقدمها للمجلس من اجل اعتمادها، هي والهيكل التنظيمي. كما انه يضع الميزانية للسنة المالية للغرفة كي تعتمد من قبل المجلس. بعد اعتماد الخطة والهيكل التنظيمي والموازنة تقع عندها مسؤولية التطبيق على الرئيس التنفيذي فيتابعه المجلس ويحاسبه على ذلك. ومن أجل الشفافية المالية، خصوصاً وان الغرفة ذات نفعٍ عام، تراقبه لجنة التدقيق التي تأسست في الغرفة في سنة 2007 ولجنة الاستثمار التي كانت برئاسة رئيس مجلس الإدارة منذ نشأتها في 1973. أن روح هذا النظام الجديد هي الفصل بين من يصنع السياسة العامة ويراقب ويتابع تنفيذها وبين المسؤول عن التنفيذ فعلياً. بهذه الطريقة يتفَرغ المجلس للأهداف الكبرى للغرفة، من ناحية السهر على المصالح التجارية والصناعية للمنتسبين والدفاع عنها وتمثيلها في مختلف المجالات. في الوقت نفسه يتفرغ الجهاز التنفيذي للعمل اليومي من اجل تطبيق خطته المعتمدة من المجلس. هذا النظام لو طبق سوف يوجه الرئيس وأعضاء المجلس نحو التركيز على إحياء اللجان المتخصصة التي تناقش شئون شركات ومؤسسات القطاع الخاص الكبيرة والمتوسطة منها والصغير معوقات الاستثمار إلى أخره من أمور.

مهما كانت القوانين واضحة في نصَها ومعاني كلماتها وإضافة اللوائح المتممة لها تبقى روح القانون بمثابة التاج الذي يزينَها والنور الذي يرشد في تطبيقها. وخلال الممارسة إن أي انحياز عن تلك الروح أو تناسي الهدف الذي وضع من اجله القانون، أن كان عن جهلٍ أو لاعتبارات شخصية، يكون بمثابة خطى بحق ذلك القانون ومن وضعه.

كم من قوانين جيَدة قد صدرت لكن ممارسات بعض المسؤولين عن العمل بها من تجاهل روحها، عمداً أو عن غير قصد، جعلت الناس أن يلقوا بالملامة على القوانين نفسها فيحملونها مسؤولية هم منها أبرياء فيطالبون بالتالي بتعديلها.

هذا من جهة. أما من جهة البدء السليم بالعمل بالنظام الجديد واحترام نصوصه يجب دعوة الجمعية العامة إلى اجتماع عادي لمناقشة التقرير السنوي عن أعمال الغرفة وتقرير الحسابات عن الفترة المالية المنتهية والموافقة عليها وتعيين مراقب للحسابات للفترة المقبلة. بالتوازي والتزامن مع ذلك دعوة الجمعية العامة إلى اجتماع غير عادي لأجراء بعض التعديلات أو أعطاء بعض الإيضاحات على اللائحة القائمة حالياً بسبب تغير القانون إلى نظام.

لنأخذ مثلاً: لقد اشترط النظام على من يترشح لعضوية المجلس أو مجلس إدارة الفرع أن يكون حاصلاً على الدبلوم العام على الأقل، ولو أخذنا مثلاً احد كبار تجارنا القدامى وقد بنى له وللاقتصاد الوطني عبر السنين، شركات ومؤسسات ناجحة ولم يتقدم يوماً إلى الدبلوم العام لأسباب عديدة، هل نحرم هذا الرجل من ترشيح نفسه؟ وهل الدبلوم أكثر تفوقاً وفائدة عن خبرة وقدرة ذاك الرجل؟ من المستحسن والمنطقي والقانوني أن يتم تصحيح ذلك قبل الانتخابات. فإن تم فعلاً نكون قد انصفنا الجميع: المجلس الحالي الذي تنتهي مدته قريباً بإعطائه الفرصة لتقديم تقريره عن أعماله وتبرئة ذمته المالية، ونكون قد انصفنا المنتسبين بإعطائهم فرصة أبداء الرأي خلال جمعيتهم العامة بعد صمت استمر سنين، ونكون قد انصفنا المجلس الجديد الذي سينتخب إذ نمكنه عندئذٍ من بدء أعماله بموجب هذا النظام بطريقة حرةٍ من أي موروث سابق قد يعيق انطلاقته، ونكون وخصوصاً قد انصفنا النظام الجديد إذ نكون قد تقيدنا بنصوصه حرفياً وروحياً.

نأمل بعد ذلك أن تتم العملية الانتخابية على أساس التنافس من أجل الخدمة التطوعية.