هل يحق لصاحب العمل تشغيل العامل في وظيفة أدنى من مستوى وظيفته التي يعمل بها؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٢:٠٣ ص
هل يحق لصاحب العمل تشغيل العامل في وظيفة أدنى من مستوى وظيفته التي يعمل بها؟

أحمد بن سلام التوبي
ahmedmanpower2007@gmail.com

كما يعلم الجميع بأن عقد العمل هو من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد توافق إرادة طرفيها وعلى كل طرف في هذه العلاقة التعاقدية بأن يلتزم بما تعهد به، وعليه فإنه لا ينبغي على أي طرف بأن يخرج عن نصوص ما تم الاتفاق به بينهما، كأن يقوم صاحب العمل بتكليف العامل بأشياء وأعمال لم يتم الاتفاق عليها بينهما أو كأن يخل في شرط مقدار الأجر المتفق عليه أو في مكان مباشرة العمل، وكذلك بالنسبة للعامل فينبغي عليه عدم المطالبة بما لم ينص أو يتم الاتفاق عليه في عقد العمل كالمطالبة بأجر أعلى عن المتفق عليه أو المطالبة بميزات لم يتم الاتفاق عليها مع صاحب العمل، وعليه فإنه أي خروج عن نصوص العقد المتفق عليه لا يكون له أي إلزام على الطرف الآخر، ولكن قد يتساءل البعض هل يحق للعامل تشغيل العامل في وظيفة أخرى تكون بمستوى أقل عن وظيفته المتعاقد عليها مع صاحب العمل ؟ وللإجابة عن هذا التساؤل فإنه على وجه العموم لا يمكن لصاحب العمل تشغيل العامل على هذا الأساس، وذلك لكون ذلك خروج صريح على نصوص العقد المتفق عليه بين العامل وصاحب العمل، وكذلك هناك انتقاص من حقوق العامل حتى ولو لم يكن هناك انتقاص في الحقوق المالية، وقد ذكر المشرع العماني في المادة 25 من قانون العمل بأنه لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج على نصوص العقد أو أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك وبصفة مؤقتة، فالمشرع هنا قد جعل كمبدأ عام عدم جواز تشغيل العامل بعمل آخر يخرج على نصوص العقد المبرم بينهما وتشغيل العامل بعمل آخر وفي وظيفة أخرى تكون أدنى من مستواه الوظيفي يعد خروجاً صريحاً على نصوص العقد المتفق عليه بينهما، مثال ذلك: تعاقد شخص ما مع منشأة ما على أن يعمل في المنشأة في وظيفة (مدير) وله الميزات والصلاحيات التي يتمتع بها المدير وفق النظام المتبع داخل المنشأة وعمل على هذا الأساس لمدة ثلاث سنوات، إلا أن صاحب المنشأة قام بنقله إلى وظيفة (كاتب إداري) وبنفس حقوقه المالية ولكن بدون موافقة من قبل العامل، فهنا يعد الأمر الذي قام به صاحب العمل هو تصرف غير قانوني وفق علاقة العمل القائمة بينهما وهنا يحق للعامل الطعن في هذا القرار والمطالبة بالرجوع إلى وظيفته السابقة (مدير)، ولو رجعنا إلى نفس المادة القانونية السابقة الذكر نجد بأن المشرع قد وضع استثناء مشروطاً لإمكانية تشغيل العامل بغير العمل المتفق عليه، فتشغيل العامل في وظيفة أدنى من وظيفته المتفق عليها نجد بأن هناك اختلافاً جوهرياً بين الوظيفتين سواءً كان الاختلاف من ناحية صلاحية وميزة كل وظيفة أو حتى من ناحية التسلسل الوظيفي أو حتى من ناحية الحقوق المالية لكل وظيفة، فالمشرع قد أجاز لصاحب العمل تشغيل العامل في وظيفة تختلف عن وظيفته الأصلية وإن كان هناك اختلاف جوهري ولكن وفق ضوابط قانونية ولا يمكن الخروج عليها وهي بأن تكون هناك ضرورة حتمية اقتضت تشغيل العامل في وظيفة أخرى اختلفت اختلافاً جوهرياً عن وظيفته الأصلية (تشغيل العامل في وظيفة أدنى) وعلى صاحب العمل إثبات هذه الضرورة الداعية إلى ذلك، وكما أن المشرع اشترط أيضاً بأن يكون هذا التشغيل بصفة مؤقتة وليست دائمة ووفق نموذج لائحة نظام العمل الذي وضعته وزارة القوى العاملة بأن لا يزيد هذا التشغيل عن خمسة عشر يوماً خلال السنة.