الحكومة قادرة على صنع تعليم خاص.. ولكن!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٢/يناير/٢٠١٨ ٠٢:١٥ ص
الحكومة قادرة على صنع تعليم خاص.. ولكن!

علي بن راشد المطاعني

عندما نقارن بين الدعم الحكومي لقطاع التعليم العالي (الخاص)، وبين المدارس الخاصة نجد بأن هناك بونا شاسعا بينهما رغم أن كليهما استثمار في التعليم، والأهم من هذا وذاك هو بناء الأجيال في مراحل التعليم الأولى- والتي تعتبر الأصعب والأهم في كافة مراحل التعليم المختلفة- أي دعم بناء مدارس خاصة ورياض أطفال وحضانات بمستويات عالية تسهم بمخرجاتها في بناء الوطن، إلا أن الفروقات الشاسعة في الاهتمام بين التعليم الخاص والعالي الخاص أيضا، لا يسهم في النهوض بالاستثمار وتشييد المدارس الخاصة ولا في تطوير منظومة التعليم الخاص ذي الجودة العالية، ويبقى الخاص في مستوياته المتدنية التي لا ترتقي إلى الطموحات، مما يبقي الضغط- وبكل ما تحمله الكلمة من معنى- على التعليم العام الذي تتكفل به الحكومة قائما.

فالزيادات السنوية لعدد الطلبة والطالبات في الصف الأول (80%في السنوات المقبلة) تناهزالـ70 ألف طالب سنويا، هذا العدد يحتاج إلى مدارس وصفوف وكتب ومعلمين ومعلمات وإشراف وغيره من التكاليف، في حين أن الحكومة لو اهتمت قليلا بالتعليم الخاص سواء من حيث الدعم المادي أو المعنوي كمنح أراض كالممنوحة للجامعات والكليات ودعم مادي لإنشاء المرافق والمنشآت، فضلا عن التسهيلات والإعفاءات من الرسوم وغيرها، ومنح سنوية للطلبة المنتظمين في الصفوف الأولى لتغير التعليم الخاص لدينا بنسبة 180 درجة عن ما هو عليه الآن.

إن الالتفاتة للتعليم الخاص من قبل الحكومة- مجلس التعليم أو من قبل وزارة التربية والتعليم- ما زالت دون المستويات المطلوبة، بل تكاد لا تذكر مقارنة مع التعليم العالي الخاص الذي هو بالأساس تعليم حكومي مائة بالمائة، هذا إذا ما أمعنا النظر في الدعم الذي تحصل عليه الجامعات والكليات من الحكومة في كل الجوانب.
الأمر الذي يحتاج للمزيد من إمعان النظر في الدعم المقدم للتعليم الخاص وتشجيع الاستثمار فيه للعديد من الدواعي والضرورات التي هي من الأهمية بمكان لمساندة التعليم العام قبل كل شيء والارتقاء بجودة المدارس الخاصة لكي تكون أكثر إقناعا للمجتمع.
إن الاستثمار في التعليم والصحة وتجويدهما مسؤولية حكومية بالأساس، فهذان القطاعان يجب أن يحظيا باهتمام يزيد على غيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى للعديد من الدواعي، أولها أنهما قطاعان خدميان بالدرجة الأولى، ومن الأهمية الارتقاء بهما ليقدما خدمات نوعية ذات جودة عالية ويكونا رديفا للخدمات الحكومية ومساندا لها، وثانيا أن التوسع في هذين القطاعين أمر مهم نظرا للنمو السكاني إذ يتعين عليهما مواكبته.
فاليوم التعليم الخاص بحاجة لاهتمام، فهل ذلك سوف يوجد لنا تعليما خاصا ذا جودة نوعية وعالية، فما نراه اليوم مدارس في منازل وفلل سكنية عادية (مستأجرة)، وبإمكانيات وتجهيزات ضعيفة نتيجة لعدم اهتمام الجهات المختصة بهذا القطاع ليكون فعلا رديفا للتعليم العام ومخففا عنه وبديلا جيدا له، والعكس صحيح، فما تحظى به الجامعات والكليات الخاصة من دعم استثماري في إنشاء المنشآت بقيمة 17 مليون ريال لكل جامعة، ودعم رأسمالي بنسبة 50%للكليات ومنح دراسية سنوية وإعفاءات من الرسوم والضرائب ومنح أراض وغيرها من مزايا لا يتسع المجال لحصرها، لكن كلها صنعت جامعات وكليات نفخر بها ونرغب أن يتكرر هذا الدعم أو نصفه على الأقل للمدارس الخاصة لكي نصنع تعليما خاصا معتبرا في البلاد.

نأمل أن يتساوى الاهتمام والدعم في الاستثمار في التعليم الخاص مثلما يحظى به التعليم العالي الخاص أو غيره من قطاعات اقتصادية، فالاستثمار في التعليم الخاص لا يمكن أن ينهض ما لم تضع الحكومة يدها عليه وتصنعه كما صنعت غيره.
ونرتقي بالتعليم الخاص بتوفير كافة التسهيلات الممكنة.. ليكون جنبا إلى جنب مع المدارس الحكومية؟