تصفية شركات الاستثمار الأجنبية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/يناير/٢٠١٨ ٠٢:٥١ ص
تصفية شركات الاستثمار الأجنبية

علي بن راشد المطاعني

يشكل إيقاف 60 شركة استثمار أجنبية لعدم التزامها بالضوابط والقوانين أحد أهم الخطوات لتنقية الشركات الأجنبية التي تزعم بأنها استثمارية، في حين إنها لا تعدو أن تكون إحدى ممارسات الالتفاف على القوانين من قبل بعض الأجانب عندما تحولوا من عمال إلى مستثمرين بين ليلة وضحاها للأسف نتيجة للتزوير في الشهادات البنكية المطلوبة لدخول بوتقة الاستثمار الأجنبي.

الأمر الذي يؤكد على أهمية مثل هذه الحــملات للاطلاع على حقيقة هذه الشركات ومدى جدواها الاستثمارية وفق النظم والقوانين المنظمة للاستثمار الأجنبي في السلطنة، ولضبط المخالفين وتقديمهم للعدالة.
لاشك أن السلطنة تشجع الاستثمار الأجنبي وتملك الأجانب إلى 70% من رأسمال الشركات وفي بعض القطاعات يصل إلى 100% خاصة الصناعية، وتمنح تسهيلات غير محدودة للمستثمرين الأجانب بهدف جذبهم للاستثمار الجاد في القطاعات الاقتصادية في البلاد، إلا أن ما حدث في فترة من الفترات هو موجة من التلاعب في شهادات مستثمرين تفيد بقدرات مالية لهم، في حين إنهم ليسوا كذلك، وبالتالي لن يقدموا أي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني باعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه وعلى البنك المركزي العماني من جانبه تتبع هؤلاء المزورين وتقديمهم للمحاكم، فالبيانات متوفرة عن كل الذين قدموا هذه الشهادات البنكية وكشوفاتهم المالية.
فحملة وزارة التجارة والصناعة شملت 475 شركة تندرج تحت مسمى (الاستثمار الأجنبي) خلال العام الفائت، وهدفت الحملة للاطلاع على أنظمتها وأوضاعها بهدف التأكد من التزامها بقوانين وضوابط الاستثمار الأجنبي في السلطنة، كما سعت لمعالجة هذه المعضلة التي ابتلي بها اقتصادنا الوطني ، كما عملت على الوقوف على أنشطتها وأنظمتها المحاسبية والإدارية والاطلاع على المستندات والوثائق للتأكد من مدى مصداقيتها والتزامها بالضوابط المعمول بها في البلاد.
وقد أوقفت 60 شركة استثمار أجنبية عن العمل، وهذا يعد دليلا ناصعا على الممارسات الخاطئة لهذه الشركات عبر قفزها من مؤسسات صغيرة إلى شركات استثمارية مزيفة لا تفي بمتطلبات الاستثمار الأجنبي وليس لها كيانات قادرة على الوفاء بالاشتراطات المطلوبة لممارسة نشاط الاستثمار الأجنبي.
ما حدث يفرض إيلاء هذا الموضوع أهمية كبيرة والسعي بجد لتنظيف السوق مما يسمى بشركات الاستثمار الأجنبي التي تسيء بالطبع لمعنى وجوهر هذا المسمى، هذا الوصف من الممكن أن يمارسه المستثمر ويكون تحت مظلة الكفيل المواطن وليس مستثمرا بالمعنى الجاد يُعفي من الكثير من الالتزامات الوطنية.
نأمل أن تكلل حملة تصفية الشركات الأجنبية غير المطابقة للنظم والاشتراطات بالنجاح وأن تستمر في الكشف عن التلاعب في هذا الجانب وضبط كل المخالفين للأنظمة والقوانين وإعادتهم إلى بلدانهم على الأقل، فليس هذا هو الاستثمار الذي نسعى إليه والذي بذلت الدولة الكثير من الجهد لجذبه على أمل أن يضيف جديدا للواقع الاقتصادي المحلي، وأن يجلب المزيد من التكنولوجيا المتقدمة والأفكار الخلاقة والتي تسهم في رفد اقتصادنا الوطني والدفع به قدما للإمام من بعد أن يستفيد شبابنا من الخبرات الوافدة إليهم مما يمكنهم في المستقبل من قيادة سفينة اقتصادنا الوطني لبر الأمان.