الرسالة السورية وصلت

الحدث الاثنين ١٢/فبراير/٢٠١٨ ٠٥:٤٠ ص
الرسالة السورية وصلت

القدس - بيروت - رويترز
مثّل إسقاط صاروخ مضاد للطائرات طائرة حربية إسرائيلية أثناء عودتها من غارة على مواقع سورية أخطر المواجهات التي وقعت حتى الآن بين إسرائيل والقوات المدعومة من حلفاء دمشق وفي مقدمتها إيران.
وقال مسؤول إسرائيلي لرويترز إن المقاتلة وهي من طراز إف-16 أصيبت بصاروخ سوري مضاد للطائرات وتحطمت في شمال إسرائيل. وأضاف أن الطائرة كانت ضمن ثماني طائرات إسرائيلية على الأقل أرسلت ردا على ما وصفته إسرائيل بتوغل طائرة إيرانية دون طيار في مجالها الجوي في وقت سابق من نفس اليوم.
وتمكن الطياران من القفز من الطائرة وأصيبا بجراح أحدهما في حالة خطيرة.
وقال حزب الله إن إسقاط الطائرة يمثّل "بداية مرحلة استراتيجية جديدة" ستحد من قدرة إسرائيل على دخول المجال الجوي السوري.
وأثار الدعم الإيراني للحكومة السورية منذ بدء الصراع قبل نحو سبع سنوات، بما في ذلك نشر قوات مدعومة من حلفاء دمشق قرب هضبة الجولان، قلق إسرائيل التي قالت إنها ستتصدى لأي تهديد.
لكن إسرائيل وسوريا أشارتا إلى إنهما لا تسعيان للتصعيد رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع بالتوجه إلى مقر قيادة الجيش في تل أبيب للتشاور فيما تعهّد التحالف الموالي لدمشق برد قوي على أي "عمل إرهابي" إسرائيلي.
وقال نتنياهو في بيان بثه التلفزيون "إسرائيل تسعى للسلام ولكننا سنواصل الدفاع عن أنفسنا بشكل ثابت في مواجهة أي هجوم علينا أو أي محاولة من إيران لترسيخ نفسها ضدنا في سوريا".
وعبّرت روسيا، التي بدأت قواتها تدخلا لصالح الحكومة السورية في العام 2015، عن قلقها وحثت الجانبين على التحلي بضبط النفس وتجنب التصعيد.
وقال نتنياهو إنه تحدّث هاتفيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإنهما اتفقا على تواصل التنسيق العسكري الإسرائيلي الروسي فيما يتعلق بسوريا.
وقالت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء إن بوتين أبلغ نتنياهو عبر الهاتف بضرورة تجنب أي خطوات تؤدي إلى مواجهة جديدة في المنطقة.
وقال دبلوماسي غربي في المنطقة "انطباعي هو أنه سيتم احتواء الأمر عند هذه النقطة... لا أعتقد أن أحدا يرغب في التصعيد".
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الولايات المتحدة تؤيد تماما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات.
وقالت متحدّثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية" إزاء "تصاعد العنف على حدود إسرائيل".
وذكر متحدث باسم الأمم المتحدة أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، يتابع عن كثب التصعيد العسكري "المثير للقلق" في سوريا ويدعو كل الأطراف إلى ضبط النفس والعمل على الوقف الفوري وغير المشروط لأعمال العنف.

تسلسل الأحداث
قال الجيش الإسرائيلي إن تسلسل أحداث يوم السبت بدأ الساعة 4:30 صباحا بالتوقيت المحلي (02:30 بتوقيت جرينتش) عندما أسقطت طائرة هليكوبتر إسرائيلية من طراز آباتشي طائرة إيرانية دون طيار فوق مدينة بيسان بشمال إسرائيل.
وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس، إنه تم رصد الطائرة دون طيار وهي تقلع من قاعدة في سوريا وجرى اعتراضها بعد دخولها الأراضي الإسرائيلية.
وعقب ذلك قصفت الطائرات الإسرائيلية ما وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها منشأة إيرانية في سوريا تشغل الطائرات دون طيار.
ونشر الجيش الإسرائيلي لقطات غير واضحة لعملية تدمير منشأة في سوريا قال إنها المسؤولة عن التحكم في الطائرة.
وتحطمت المقاتلة الإسرائيلية إف-16 لدى عودتها من تلك المهمة وسقطت في منطقة خالية قرب هردوف شرقي حيفا في شمال إسرائيل.
وقال يوسي شيرر (51 عاما) والذي كان يقيم في فندق قرب حيفا "سمعنا دوي انفجار كبير ثم دوت صفارات الإنذار. لم نعرف ما الذي حدث. سمعنا أصوات طائرات هليكوبتر وطائرات في الجو".
وتوقفت الرحلات الجوية في مطار تل أبيب الدولي لفترة وجيزة. وساد الهدوء الجبهة بحلول منتصف الظهيرة.
وقال كونريكوس إنه تم العثور على بقايا الصاروخ قرب موقع التحطم وأضاف "لا نعرف بعد ما إذا كان الصاروخ من طراز إس ايه-5 أو إس ايه-17 لكنه صاروخ سوري مضاد للطائرات".
وعقب ذلك شنّت إسرائيل ثاني عملية قصف جوي في سوريا.
وقال التحالف العسكري المؤيد للأسد إن إسرائيل هاجمت قاعدة لطائرات دون طيار في وسط سوريا لكنه نفى دخول أي من طائراته دون طيار المجال الجوي الإسرائيلي.
ورفضت إيران الرواية الإسرائيلية للأحداث ووصفتها بأنها "سخيفة".
وقال القائد السابق للقوات الجوية الإسرائيلية، دافيد إيفري، لرويترز إنه يعتقد أن تلك هي أول مرة يتم فيها إسقاط مقاتلة إسرائيلية من طراز إف-16 منذ أن بدأت إسرائيل استخدامها في الثمانينيات.
وحافظت إسرائيل، التي تستخدم أيضا طائرات دون طيار، على التفوّق الجوي في المنطقة منذ فترة طويلة. وتشنّ ضربات جوية في سوريا بشكل منتظم وتقصف ما يشتبه بأنها شحنات أسلحة موجهة إلى حزب الله.
وقال حزب الله في بيان إن التطورات الأخيرة تعني أن المعادلات القديمة انتهت بشكل قاطع.
وحذّر قائد الجيش الإيراني إسرائيل في أكتوبر الفائت من انتهاك مجال سوريا الجوي وأراضيها.
وزار نتنياهو الجولان يوم الثلاثاء ونظر عبر الحدود إلى سوريا وحذّر في تصريحات علنية أعداء إسرائيل من اختبار عزمها.
ولكن بعد إسقاط المقاتلة إف-16 قال مسؤول في التحالف المؤيد للأسد إن إسرائيل تلقت "رسالة". وأضاف: "لا أعتقد أن الأمور ستتطوّر إلى حرب إقليمية".
وقال متحدّث باسم الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل لا تسعى للتصعيد في المنطقة، مضيفا أن تحركها كان عملا دفاعيا أثاره تصرف عدواني إيراني.
وقال مدير مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب، أوزي رابي، في القناة التلفزيونية الإسرائيلية الحادية عشرة "الجزء الصعب هو كيفية توخي الحذر حيث لا يرغب أي جانب في الدخول في حرب شاملة لكن لا يريد أحد أن يكون الطرف الذي يتلقى الضربة ولا يرد بشكل ملائم".
وتدعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقف إسرائيل المتشدد تجاه إيران وأعلنت أن احتواء نفوذ طهران أحد أهداف سياستها المتعلقة بسوريا. وفي زيارة لإسرائيل في الشهر الفائت وصف نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، إيران بأنها "أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم".
وقال المتحدّث باسم البنتاجون، أدريان رانكين جالواي: "إسرائيل أقرب حليف أمني لنا في المنطقة ونحن ندعم تماما حق إسرائيل الأصيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات لأراضيها وشعبها".
وتابع رانكين جالواي قائلا: "نشارك كثيرين في المنطقة القلق من أنشطة إيران التي تزعزع الاستقرار وتهدد السلم والأمن الدوليين ونحن نسعى لجهد دولي أكبر للتصدي لأنشطة إيران الخبيثة".
ومن المتوقع أن يقوم وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، بزيارة للمنطقة في الأسبوع الجاري لمناقشة الأزمة في سوريا وقضايا أخرى. ومن المقرر أن تشمل زيارته الأردن وتركيا ولبنان وبلدان أخرى.
وقال نتنياهو إنه ناقش مع تيلرسون التطورات الأخيرة يوم السبت.
واشتعل التوتر على الحدود بين إسرائيل ولبنان بسبب خطط إسرائيل لبناء جدار حدودي وخطط لبنان للتنقيب عن النفط والغاز في منطقة بحرية يقع جزء منها في مياه متنازع عليها.
وفي غزة أعلن الجناح المسلح لحركة حماس حالة التأهب القصوى بين مقاتليه بسبب تصاعد العنف في شمال إسرائيل.
واستولت إسرائيل على هضبة الجولان من سوريا في حرب 1967 وتحتلها منذ ذلك الحين وأعلنت ضمها في العام 1981 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وفي نوفمبر قالت إسرائيل إنها أسقطت طائرة استطلاع سورية دون طيار فوق المنطقة منزوعة السلاح. وأضافت أنه في الثامن من فبراير أطلقت أعيرة نارية من أراض سورية على طائرة إسرائيلية دون طيار مما أدى إلى إصابة منزل في مجدل شمس في الجولان التي تحتلها إسرائيل.