هكذا يتسبب بعض الأهالي بهتك عرض أطفالهم في السلطنة

بلادنا الأربعاء ١٤/فبراير/٢٠١٨ ١٩:٤٠ م
هكذا يتسبب بعض الأهالي بهتك عرض أطفالهم في السلطنة

مسقط - عزان الحوسني
كما هو معروف أن وسائل التواصل الاجتماعي أدت اليوم إلى دور إيجابي مؤثر في السلوك الإنساني على مختلف المستويات، غير أن هناك دورًا سلبيًا ناتجًا عن سلوك خاطئ وغير الرشيد لهذه التقنيات.
وليس أوضح من ذلك، ما كشفت عنه شرطة عُمان السلطانية أمس، من أن حادثة هتك عرض طفل في البريمي تمت بعد أن استدرج الجاني الضحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبذلك تحولت وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الحالة إلى أداة في الجريمة.
وأمام هذه الواقعة، يصبح السؤال ملحاً حول دور الأهل في الرقابة على استخدام الأطفال لشبكات التواصل الاجتماعي بالسلطنة، إذ يخبرنا الخبير التربوي د. رجب بن علي العويسي قائلاً: حالة الإبهار وحب التعرف وشغف الفضول بمحتويات شبكات التواصل وميزة التفاعل فيها محل شغف الأطفال، لكن ضعف مساحات التواصل الأبوي مع الأطفال في التعرف على مسارات دخولهم في هذه الشبكات، أو الهدف، أو الغرض من استخدامها، قد يتسبب في تأثرهم بكل ما يثيره المستخدمون لها من أخلاقيات أو سلوكيات أو ممارسات، قد تخرج عن الإطار السليم وأصول الذوق الراقي، وتعرض الأطفال خلالها إلى حالة ابتزاز مستمرة ناتجة عن عدم إدراك واضح بعواقبها عبر إرسال الصور الشخصية في مواقف مخلة بالحياء، فيتعرض خلالها الطفل أو الشاب إلى حالات الابتزاز الإلكتروني والتحرش الجنسي.
ويتابع العويسي قائلا: باتت إحصائيات الجهات المختصة بشرطة عمان السلطانية والهيئة العامة لتقنية المعلومات تؤكد على انتشار حالات الابتزاز الإلكتروني، مما حتم بروز جهود نوعية مكثفة عبر حملات تثقيف وتوعية مستمرة في المدارس والمؤسسات الأكاديمية والأسر وغيرها بمخاطرها وأثرها على ثقافة الجيل القادم وأخلاقياته، علاوة على اتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية لتجنب وقوع الأطفال والشاب في مثل هذه المواقف.
وعن المسؤولية الأبوية يقول د. رجب العويسي: هذا الأمر بلا شك يطرح اليوم تساؤلات عدة تضع أولياء الأمور أمام واقع عليهم التعامل معه بمهنية كجزء من مسؤوليتهم الأبوية، وتكاتف مجتمعي في التصدي لهذه الظاهرة، وقبلها كيف يمكن إيجاد تناغم اجتماعي في مسألة دخول الأطفال قبل سن السادسة عشر في هذه الشبكات أو استخدامهم للهاتف وما يمكن أن يسفر عنه الحوار الاجتماعي مع الأبناء في بناء سلوك اجتماعي يقتنع به الجميع، والمساحة من الحرية المضبوطة في استخدام الهاتف التي يمكن أن تقرها سلطة الأبوين، إذ نعتقد أن الممارسات الفردية اليوم وحالة المنافسة المزعجة بين الأسر والآباء في تسليم أبنائهم الهواتف النقالة -وربط ذلك بسلوك بسيط قد يحققه الطفل كحصوله على درجة عالية أو غيرها- وإتاحة فرص دخولهم لهذه الشبكات بدون رقابة ذاتية أو حتى متابعة أبوية عبر ترك الأمر برمته لتصرف الأبناء بدون تكليف النفس جهد البحث عن مضمون هذا الاستخدام وهدفه ومحتواه أو الاستذكار الجمعي للموجهات التي ينبغي على الأطفال إدراكها في التعامل مع هذه الشبكات، فيدخل الطفل في شباكها وهو لا يفقه أي شيء عنها.
ويضيف: قد يقول قائل بصعوبة حرمان الأطفال قبل هذا السن من الهاتف، نتيجة الاحتياج إليه، خاصة في بعض الأسر، والإجابة على ذلك أنه إذا كان الاحتياج للهاتف في جوانب الاتصال والتواصل مع الوالدين أو الأسرة فإن الدخول في شبكات التواصل الاجتماعي قد لا يكون بتلك الأهمية، نظرا لأنها لن تقدم أي جديد في حياة الطالب الدراسية، أو المهنية، فهي مجرد وسيلة تواصليه بحتة خارج إطار الأسرة وحدود المعرفة التي ينبغي أن تكون في هذه المرحلة العمرية، والتي يفترض فيها عدم التوسع في شبكة العلاقات الاجتماعية، لما يحتاجه الطفل أو الشاب في هذه الفترة من حضور أكبر في واقع حياة الأسرة والوالدين والتحاور معهما أو مشاركتهما في قضايا الأسرة اليومية بالإضافة إلى ارتباطه بدراسته وانشغاله بأولوياتها.
ويتابع العويسي: من هنا نعتقد أن التعامل مع الموضوع يستدعي اليوم عملا مجتمعيا واسعا، فبالإضافة إلى الجهود التي تقدمها الجهات المعنية بالدولة، سواء من حيث عمليات التعاطي مع الحالات الواقعة من الابتزاز الإلكتروني، وما يتبعها من سلوكيات غير أخلاقية وتهديدات بفضح الطفل، أو الشاب، ونشر صوره، وما أوجدته من تشريعات وأنظمة عمل وإجراءات وقائية واضحة ودقيقة في التعامل مع مسألة الابتزاز الإلكتروني، أو من خلال البرامج التثقيفية والتوعوية التي تقوم بها، وتُوجه لمختلف شرائح المجتمع، والتي أخذت أساليب عدة كالتوعية المباشرة واللقاءات والزيارات للمدارس والمؤسسات والأسر، أو عبر المنشورات والتعريفات والرسائل التحذيرية النصية القصيرة، أو غيرها، إلا أن المسألة بحاجة إلى وعي الأطفال والشباب بالنتائج المترتبة على الدخول السلبي في هذه الشبكات، بالإضافة إلى قناعة الوالدين بطبيعة الدور الذي عليهم ممارساته، وهو دور ينبغي أن يتسم بالاستدامة والحوار والتصحيح والتناغم وتعزيز حضور الوالدين في اهتمامات أبنائهم ومشاركتهم فيها.
ويوضح قائلا: لا يقتصر الدور على مجرد التوعية والتثقيف بل أيضا عبر الملاحظة المباشرة والوجود المستمر مع الأبناء أثناء استخدام هذه الشبكات والثقة والصراحة معهم، والتناغم بين الوالدين أنفسهم في أساليب التوجيه الأبوي بحيث تتفق وجهات نظرهم في التعاطي مع الموضوع ووضع إجراءات تصحيحية تشدد على أي تأثير سلبي على سلوك الطفل أو الشاب الدراسي أو حضوره اللقاءات الداخلية للأسرة أو وجوده المستمر أثناء الطعام أو الجلسات العائلية.
ويرى العويسي: أن ذلك يستدعي سن تشريعات وقوانين أسرية ضابطة تتيح المجال للمزيد من الحرص والحذر بحيث يكون الأبوان جزءا من عملية مشاركة الطفل اهتمامه بهذه الشبكات، على أننا نؤكد أيضا على أهمية تناغم السلوك الاجتماعي في التعامل في مفهوم الرقابة الأبوية على الأطفال في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي التي ينبغي أن تأخذ منحى الاعتدال والتقارب في السلوك المستخدم مع الأبناء بحيث يعمل المجتمع على صياغة محدداتها وفهم مقاصدها وتبني ميثاق اجتماعي قادر على تأكيد هذه المسؤولية في سلوك أبنائه وطرح هذا الموضوع كقضية وطنية عليا بالشكل الذي يوفر أرضيات نجاحها في حجم الحصانة التي يقدمها للأطفال والشباب في التعامل مع هذه الشبكات.