السلاح الدستوري

الحدث الثلاثاء ٢٠/فبراير/٢٠١٨ ٠٧:٤٦ ص
السلاح الدستوري

باركلاند - رويترز - وكالات

بعد أدمى واقعة إطلاق رصاص بمدرسة ثانوية في تاريخ الولايات المتحدة دعا طلبة في مختلف أنحاء البلاد إلى تنظيم مسيرات واحتجاجات للمطالبة بتشديد قوانين امتلاك الأسلحة.
وانضم طلبة من مدرسة مارجوري ستونمان دوجلاس الثانوية في باركلاند، حيث قتل طالب سابق بالمدرسة 17 شخصا ببندقية، إلى طلبة آخرين على وسائل التواصل الاجتماعي للتخطيط للتجمعات بما في ذلك مسيرة بواشنطن.
وقالت لين مردوك (15 عاما) من كونيتيكت "أشعر أن الوقت حان لكي نتخذ موقفا... نحن من يذهبون إلى هذه المدارس ومن يدخل هؤلاء الذين يطلقون الرصاص إلى فصلوهم الدراسية وأماكن وجودهم".
وتقيم مردوك على بُعد 32 كيلومترا من مدرسة ساندي هوك الابتدائية حيث قُتل 20 تلميذا وستة بالغين بالرصاص قبل خمسة أعوام. وجمعت مردوك أكثر من 50 ألف توقيع على التماس على الإنترنت أمس الأول الأحد يدعو الطلبة إلى تنظيم مسيرات من مدارسهم الثانوية في 20 أبريل، وحثت زملاءها الطلبة على تنظيم احتجاجات بدلا من حضور الفصول الدراسية في الذكرى التاسعة عشرة لواقعة إطلاق رصاص جماعي أخرى في مدرسة كولومبين الثانوية في كولورادو.
ويعتزم الطلبة من مدرسة فلوريدا الثانوية تنظيم "مسيرة من أجل حياتنا" في واشنطن في 24 مارس للمطالبة بالانتباه إلى أمن المدارس ومطالبة أعضاء الكونجرس بسن قانون للحد من امتلاك السلاح.
ويعتزمون أيضا تنظيم تجمّع حاشد من أجل الحد من امتلاك الأسلحة وقضايا تتعلق بالصحة العقلية وأمن المدارس يوم الأربعاء في تالاهاسي. ومن المتوقع أن يلتقي الطلبة بعضو في الكونجرس يسعى لحظر بيع أسلحة مثل بندقية (إيه.آر-15) التي تقول الشرطة إنها استخدمت في حادث إطلاق الرصاص في باركلاند.
وينتقد طلبة من المدرسة قادة سياسيين بينهم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب لتراخيهم. وانتقد كثيرون ترامب بعد أن قال على تويتر في مطلع الأسبوع إن مكتب التحقيقات الاتحادي كان منشغلا بالتحقيق بشأن تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأمريكية العام 2016 لدرجة أنه أغفل إشارات كان يمكن أن تحول دون وقوع المذبحة.
وقال الطالب ديفيد هوج (18 عاما) في مقابلة هاتفية "لا يمكن أن تلوم البيروقراطية عندما تكون أنت سيدي الرئيس المسؤول عن كل شيء".
وقال البيت الأبيض إن ترامب يعتزم استضافة "جلسة للاستماع" إلى طلبة ومعلمي مدارس ثانوية يوم الأربعاء إلا أنه لم يحدد أي طلبة وأي مدارس ستشارك في الجلسة.
وتعهّد زعماء الديمقراطيين بمضاعفة الجهود لمواجهة المعارضين لسن قانون يقيّد بيع الأسلحة.
وقال رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، توم بيريز، على تويتر "نحن قادة هذه البلاد ومن المفترض أن نحافظ على سلامة أبنائنا وقد خذلتهم بلادنا مرة تلو الأخرى".
ويواجه نيكولاس كروز (19 عاما) المشتبه به في واقعة باركلاند عددا من تهم القتل بعد مقتل 14 طالبا وثلاثة من العاملين وإصابة أكثر من عشرة آخرين عندما فتح النار في أسوأ واقعة قتل جماعي بمدرسة ثانوية في الولايات المتحدة.
ويُعيد حادث إطلاق النار داخل مدرسة بولاية فلوريدا الأمريكية الحديث مجددا عن حق امتلاك الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية، وخرجت مظاهرات في واشنطن تنديدا بالحادث، مطالبين بتشديد الرقابة على حمل الأسلحة الشخصية.

أحقية حمل السلاح
وينص الدستور الأمريكي بشكل واضح وصريح على أحقية المواطنين في امتلاك الأسلحة، وجاء في نص التعديل الثاني من الدستور الأمريكي والصادر في 1971، أنه "حيث إن وجود مليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء أسلحة وحملها".
وأصدر الكونجرس الأمريكي في 1994 قانونا بحظر التصنيع والاستخدام المدني للأسلحة النارية نصف الآلية والأسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات، وبالفعل انتهى الحظر في سبتمبر 2004، وفشلت محاولات تجديد الحظر، وفي 2013 رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون يقيّد السماح بحمل الأسلحة، وكان ينص على توسيع التحريات والحصول على السجل العدلي لكل من يرغب في شراء قطع سلاح.
وتعتبر مسألة حرية امتلاك المواطنين الأسلحة واحدة من أكثر القضايا التي يختلف حولها الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة الأمريكية (الجمهوريون والديمقراطيون)، وعادة ما تستخدم هذه القضية في المزايدات الانتخابية.
ويختلف الحزبان حول تفسير المادة الخاصة بحرية امتلاك السلاح والتي تم وضعها في التعديل الثاني للدستور، ففي الوقت الذي يرى فيه الديمقراطيون قصر الحق في حمل السلاح على الولايات المكونة للاتحاد الأمريكي وأن الآباء المؤسسين أرادوا هذا الحق لأمريكا الفيدرالية وهذا ما يعرف بالتفسير الجماعي للحق، ويطالبون بضرورة إعادة النظر في "الحق المطلق للفرد" بسبب المستجدات التي طرأت على المجتمع الأمريكي واستخدام هذا الحق في حوادث المتكررة.
بينما يرى الجمهوريون أن امتلاك السلاح من الحقوق التي نص عليها الدستور، ويعتبرون أن السلاح هوية أمريكية يدعمها الدستور، ويعرفون بأصحاب التفسير الفردي، ويرفضون أي قوانين يمكن أن تحجم امتلاك السلاح، ويصوّت الجمهوريون ضد أي قانون يتقدّم به الديمقراطيون.
ورغم أن حادثة فلوريدا تعدّ إحدى أكثر حوادث إطلاق النار ضحايا في الولايات المتحدة الأمريكية، منذ مقتل 20 طفلا بمدرسة في كونيتيكت في العام 2012، وهي المناسبة التي دفعت الرئيس الأمريكي وقتها باراك أوباما للدعوة لإعادة النظر في حق امتلاك السلاح.
غير أنها ليست الأولى هذا العام، فخلال الشهر والنصف الذي مرّ من 2018، تم تسجيل 18 حادث إطلاق نار، على الأقل، وقع في أو قرب منشآت مدرسية، بحسب بحث أعدته مؤسسة "إيفري تاون جان سيفتي".
وبحسب موقع أدفوكاسي فهذا هو سادس حادث إطلاق نار في مدرسة في العام 2018 يتسبب في مقتل وجرح طلبة.
وتشير كذلك إحصائيات منظمة "إيفيري تاون" الأمريكية إلى أنه منذ العام 2013، وحتى الآن تم الإبلاغ عن حوالي 300 حادث إطلاق نار في المدارس الأمريكية.

حقائق وأرقام
ورصد موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عددا من الحقائق والأرقام حول امتلاك الأسلحة بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنها أنه تم ارتكاب 14249 جريمة قتل في الولايات المتحدة خلال العام 2014 من بينها 9675 بواسطة الأسلحة النارية أي 68% من هذه الجرائم.
وكذلك سجل وقوع 5.9 مليون جريمة عنف في الولايات المتحدة خلال 2014 منها حوالي 600 ألف جريمة، كان الجناة يحملون أسلحة بشكل ظاهر عند ارتكابها، أي حوالي 10% من نسبة الجرائم.
ومن بين الأرقام المرعبة أن 56% من جرائم الاعتداء و30% من السرقات و39% من جرائم الاغتصاب و65% من جرائم القتل التي تم إبلاغ الشرطة عنها العام 2014 ارتكبها أشخاص معروفون لدى السلطات القضائية الأمريكية، وأن 31% من الأسر الأمريكية كان لديها سلاح في المنزل العام 2014 وهي أدنى نسبة منذ 40 عاما.
وسجّل العام 2011 سقوط 33 ألف شخص ضحايا جرائم بواسطة السلاح الناري أي بمعدل 268 شخصا في اليوم الواحد.
وكشف الموقع أن الولايات المتحدة أنتجت 5.5 مليون قطعة سلاح فردي وبيع 95% منها في السوق الأمريكية.
وقال إن 20% من مالكي السلاح في الولايات المتحدة يملكون 65% من الأسلحة الفردية لدى الأفراد في الولايات المتحدة.

أشهر الحوادث
وصل عدد سكان الولايات المتحدة العام 2014 إلى حوالي 319 مليون شخص، فيما كان عدد قطع السلاح لدى الأفراد ورجال الشرطة 371 مليون قطعة، وهو ما يعني أن عدد الأسلحة يفوق عدد السكان أنفسهم.
واستخدم هذا السلاح في جرائم كثيرة منها ما حدث العام 1991 عندما قُتل 23 شخصا أثناء جلوسهم على مقهى في مدينة كيلين بولاية تكساس، عندما اقتحم مواطن المقهى بسيارته وأطلق النار على الموجودين قبل أن ينتحر.
وفي العام 1999 قتل 13 شخصا بعدما أطلق أمريكيان الرصاص على زملائهما وأحد المعلمين في مدرسة "كولومباين" الثانوية في ليتلتون بولاية كولورادو.
وكذلك العام 2007 قُتل 32 شخصا حينما أطلق طالب النار على الطلاب في جامعة فرجينيا للتقنية قبل أن ينتحر.
وفي 2009 قُتل 13 شخصا حينما أطلق شخص النار على مجموعة من الأشخاص في مركز للمهاجرين في نيويورك قبل أن ينتحر.
وسجّل العام 2012 إطلاق مواطن أمريكي الرصاص على 20 طفلا تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات، وفي الحادث قتل ستة أشخاص بالغين قبل أن ينتحر في ساندي هوك بولاية كونيتيكت.