عفرين.. صراع بين الحلفاء

الحدث الأربعاء ٢١/فبراير/٢٠١٨ ١٠:٢٤ ص
عفرين.. صراع بين الحلفاء

دمشق - بيروت - أنقرة - وكالات
ظهرت منطقة عفرين على شريط الأحداث بعد إعلان تركيا دخولها مسرح القتال لتطهير الحدود التركية السورية من الإرهابيين، حسب تعبيرها، وحتى يوم أمس كثرت الأخبار التي تشير إلى دخول الجيش السوري إلى منطقة عفرين أو قوات شعبية موالية للحكومة السورية.
تقع عفرين على ضفتي نهر عفرين في أقصى شمال غربي سوريا، وهي محاذية لمدينة اعزاز من جهة الشرق ولمدينة حلب التي تتبع لها من الناحية الإدارية من جهة الجنوب، وإلى الجنوب الغربي من البلدة تقع محافظة إدلب، وتحاذي الحدود التركية من جهة الغرب والشمال.
وعفرين منطقة جبلية تبلغ مساحتها نحو 3850 كيلومترا مربعا أي ما يعادل 2 % من مساحة سوريا، ومنفصلة جغرافياً عن المناطق الأخرى التي يسيطر عليها الأكراد على طول الحدود مع تركيا.
ويبلغ عدد سكان منطقة عفرين 523.258 نسمة حسب إحصائيات الحكومة السورية في العام 2012.
لكن العدد ارتفع بسبب حركة النزوح الداخلية من محافظة حلب والمدن والبلدات المجاورة ليصل إلى أكثر من مليون نسمة، حسب ما تقول سلطات الإدارة الكردية القائمة هناك منذ فقدان الحكومة سيطرتها على المنطقة.
وتضم عفرين نحو 350 قرية وبلدة صغيرة وكبيرة من أهمها عفرين المدينة، وجندريسة وبلبلة وشية، وراجو وشرا.
وتفصل منقطة عفرين بين مناطق سيطرة فصائل "درع الفرات" التي تدعمها تركيا في جرابلس، الباب، واعزاز إلى الشرق من عفرين ومحافظة إدلب في الغرب وبالتالي فإن السيطرة التركية على عفرين تحقق تواصلا جغرافيا على جميع المناطق الحدودية الواقعة بين مدينة جرابلس غربي الفرات والبحر المتوسط، وبالتالي يعني القضاء على أي إمكانية لتحقيق التواصل الجغرافي بين المناطق الكردية منع الأكراد من وصل مناطقهم ببعضها.
بالنسبة للأكراد، عفرين هي إحدى المقاطعات الكردية الثلاث في سوريا، والمحافظة عليها والدفاع عنها تعتبر مسألة وجودية بالنسبة لهم ولن يتخلوا عنها بسهولة. كما يطمحون إلى وصلها بالمناطق الكردية الأخرى حسب تصريحات القيادات الكردية في سوريا.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوجلو، قال أمس الثلاثاء، إن القوات السورية لم تدخل بعد منطقة عفرين ولم يتضح بعد ما إذا كانت ستفعل.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أمس الثلاثاء إن قوات تقودها تركيا ستحاصر بلدة عفرين السورية في الأيام المقبلة في إطار العملية التركية لإخراج وحدات حماية الشعب السورية الكردية من المنطقة الواقعة في شمال غرب سوريا.
وأضاف رجب طيب أردوجان أن بلاده نجحت في إيقاف انتشار محتمل للقوات السورية في منطقة عفرين بشمال غرب سوريا، وذلك بعد يوم من حديثه مع نظيريه الروسي والإيراني.
وبدأت تركيا العملية الشهر الفائت مع معارضين سوريين متحالفين معها ضد وحدات حماية الشعب التي تعتبرها تركيا جماعة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي شنّ تمرُّدا بدأ قبل نحو 30 عاما في جنوب شرق تركيا.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" قد ذكرت أن قوات شعبية "موالية للحكومة" ستدخل عفرين خلال ساعات لصد الهجوم التركي، وأن أموراً لوجستية فقط تؤخر تنفيذ الاتفاق وهو في مساره الصحيح.
وقالت تركيا، إنها "ترحّب بالقوات السورية إذا كان غرضها تطهير عفرين من الإرهاب، أما ذا دخلت لحماية المقاتلين الأكراد فلا يمكن لأحد وقف القوات الترك".
وقالت تركيا إنها ستواجه قوات الحكومة السورية إذا دخلت منطقة عفرين في شمال غرب سوريا لمساعدة وحدات حماية الشعب الكردية على التصدي لهجوم تركي.
وبدأت تركيا عمليتها في عفرين مع مقاتلين من المعارضة السورية متحالفين معها الشهر الفائت ضد وحدات حماية الشعب التي تراها أنقرة خطرا على حدودها وتتهمها بأنها على صلة بتمرّد حزب العمال الكردستاني على الأراضي التركية.
وزاد الهجوم من تعقيد الخصومات والتحالفات في شمال سوريا بين كل من القوات الكردية والحكومة السورية وفصائل المعارضة وتركيا وإيران والولايات المتحدة وروسيا.
ونسبت شبكة (سي.إن.إن ترك) إلى أردوجان قوله في وقت لاحق خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن دمشق ستواجه عواقب إذا أبرمت اتفاقا مع وحدات حماية الشعب، وأضاف أن عملية عفرين ستستمر. ولم يَرِد بعد تعقيب من الجيش السوري أو موسكو.
وذكر مصدر في مكتب أردوجان أن الرئيس التركي تحدّث مع نظيره الإيراني حسن روحاني بشأن تطورات الوضع في إدلب وعفرين.
وقال بدران جيا كرد الذي يعمل مستشارا للإدارة التي يقودها الأكراد بشمال سوريا إن هناك تفاهما عسكريا بين دمشق والقوات الكردية لدخول الجيش السوري إلى عفرين. لكنه أضاف أن هناك معارضة قد تحبط ذلك.
وقال مسؤول كردي ثان إن ضغوطا من روسيا الحليف الرئيسي للرئيس بشار الأسد حالت دون مضي الاتفاق قُدما حتى الآن.
وقد تكون الاتفاقات بين الحكومة السورية والأكراد محورية في تحديد مسار الحرب في المستقبل إذ يسيطر الجانبان على مساحات من الأراضي أكبر من أي طرف آخر في الصراع.
ومنذ بداية الصراع السوري في 2011 أقامت وحدات حماية الشعب وحلفاؤها ثلاث مناطق للحكم الذاتي في الشمال بينها عفرين المتاخمة لتركيا. واتسع نطاق نفوذهم بعد أن انتزعوا أراضي من تنظيم داعش بمساعدة أمريكية رغم معارضة واشنطن لطموحهم السياسي.
ورغم تبنّي حكومة الأسد ووحدات حماية الشعب رؤى مختلفة لمستقبل سوريا كما أن قواتهم اشتبكت في بعض الأوقات تجنّب الطرفان إلى حد كبير الصراع المباشر خلال الحرب.
وتسببت عملية عفرين في توتر العلاقات المعقدة بين الأطراف المتحاربة في شمال سوريا وداعميهم من الخارج.
لكن ورغم الوجود العسكري الأمريكي في مناطق أكبر في سوريا تسيطر عليها وحدات حماية الشعب وحلفاؤها إلى الشرق فإن الولايات المتحدة لم تقدّم الدعم لوحدات حماية الشعب في عفرين.
وقالت الولايات المتحدة الشهر الحالي إنها قتلت المئات من القوات الموالية للحكومة في ضربات بشرق سوريا لأنها كانت تهاجم تحالفا تتصدّره وحدات حماية الشعب الكردية.