نيران الغوطة

الحدث الأربعاء ٢١/فبراير/٢٠١٨ ٢٣:٠١ م
نيران الغوطة

موسكو - دمشق - بيروت - واشنطن - وكالات

قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أمس الأربعاء إن موسكو تعمل على مشروع قرار حول مدينة الغوطة الشرقية في سوريا.
وأعلن ريابكوف أن بلاده تعمل على إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، حول الغوطة الشرقية في سوريا.
وقال للصحفيين: "فيما يتعلق بالهدنة الإنسانية، فهذا يعتمد على كيفية سير إعداد مشروع القرار هذا. أعتقد أن هذه المسألة ستُحل أيضا. إنه قرار حول المسائل الإنسانية بشكل عام".
وكانت ممثلة وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت، أعلنت "مقتل حوالي 100 شخص من السكان الأبرياء في الغوطة الشرقية خلال يومين".
وقالت ناورت: "الولايات المتحدة قلقة جدا بسبب الوضع قرب دمشق في الغوطة الشرقية، وفقا للأنباء التي تَردنا، الضربات الجوية تستهدف المشافي حيث توجد بنية أساسية مدنية صغيرة، هذا أدّى لأكثر من 100 ضحية بين المدنيين خلال 48 ساعة".
وقصفت القوات الموالية للحكومة السورية منطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
وذكر المرصد الذي يراقب الحرب من مقره في بريطانيا أن هذا أكبر عدد من القتلى يسقط في يومين منذ هجوم كيماوي في 2013 على المنطقة المحاصرة، وهي آخر معقل كبير للمعارضة قرب العاصمة دمشق.
وأطلقت الضربات الجوية والصاروخية والقصف المدفعي شرارة حملة إدانة دولية. ووصفت فرنسا -العضو الدائم بمجلس الأمن- القصف الحكومي بأنه انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.
ولم يَرد تعقيب بعد من الجيش السوري. وتقول دمشق إنها لا تستهدف سوى المسلحين والإرهابيين.
وقال التلفزيون الرسمي السوري إن الفصائل في الغوطة أطلقت قذائف المورتر على دمشق ممّا أدّى إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 28. وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن الجيش رد بضرب أهداف لجماعات المعارضة المسلحة.
وقالت وزارة الخارجية السورية إن المسلحين في الغوطة يستهدفون دمشق ويستخدمون الناس هناك "دروعا بشرية". وقالت في رسالة شكوى للأمم المتحدة إن بعض المسؤولين الغربيين يرفضون حق الحكومة في الدفاع عن نفسها.
والعنف في الغوطة الشرقية جزء من تصعيد أوسع على عدة جبهات في سوريا خلال الأشهر القليلة الفائتة في وقت يسعى فيه الجيش السوري لإنهاء الصراع المستمر منذ نحو ثماني سنوات.
وقال المرصد إن أكثر من 106 أشخاص قُتلوا في قصف أمس على الغوطة الشرقية.
وفي واشنطن قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت، إن واشنطن "قلقة للغاية" من تصاعد العنف في الغوطة.
وأضافت: "الحصار الذي يفرضه النظام وأساليب التجويع... تزيد من الكارثة الإنسانية هناك".
وتابعت أن الولايات المتحدة تدعم دعوة الأمم المتحدة لوقف العمليات القتالية لمدة شهر للسماح بإرسال مواد إغاثة والقيام بإجلاء طبي للمدنيين المصابين. ودعت روسيا إلى الكف عن دعم حكومة الأسد.
وفي بروكسل أبلغ رئيس وفد المعارضة السورية نصر الحريري الاتحاد الأوروبي بأن تصعيد الهجمات يمثّل "جريمة حرب" وناشد مزيدا من الضغط الدولي على الحكومة كي تتوقف عن ذلك.
وفي جنيف عبّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن غضبها الشديد من سقوط قتلى وجرحى من أطفال الغوطة، قائلة إن الكلمات تعجز عن وصف ما حدث.

طائرات حربية في السماء
وقال عمّال إغاثة إن الغارات الجوية تُوجِد "حالة من الرعب" بين سكان الغوطة الشرقية حيث يعيش من تقول الأمم المتحدة إنهم قرابة 400 ألف شخص. وتحاصر الحكومة الجيب المكوَّن من بلدات ومزارع منذ 2013.
وقالت خدمة الدفاع المدني في الغوطة الشرقية إن طائرات قصفت كفر بطنا وسقبا وحمورية وعدة بلدات أخرى أمس.
وقال سراج محمود وهو متحدّث باسم الدفاع المدني في الغوطة فيما دوت الانفجارات في الخلفية إن الطائرات الحربية تحلِّق في السماء طوال الوقت.

مناطق عدم التصعيد
تخوض روسيا -أقوى حلفاء سوريا- مسارا دبلوماسيا موازيا أدّى إلى إقامة عدد من "مناطق عدم التصعيد" في مناطق تحت سيطرة المعارضة العام الفائت واستعر القتال في الغوطة الشرقية رغم أنها تقع في واحدة من مناطق عدم التصعيد المفترضة، لكن الاتفاق لا يشمل جماعة كانت تابعة لتنظيم القاعدة ولها وجود محدود في المنطقة.
ويقول سكان وعمّال إغاثة إن اتفاقات عدم التصعيد لم تتمخض عن وصول أي إغاثة فيما تناقصت إمدادات الطعام والوقود والدواء.
وتقول الجماعتان المعارضتان الرئيسيتان اللتان وقّعتا الاتفاقات مع روسيا في الصيف الفائت إن الحكومة السورية وروسيا تتخذان من وجود المتشددين ذريعة لاستمرار القصف.
ولم تعلِّق روسيا على القصف الجديد للغوطة الشرقية.
وألقى وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أمس مسؤولية الأوضاع في الغوطة على "استفزازات مسلحة" من متشددي جبهة النصرة التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال إن موسكو وحلفاءها "قد يطبقون خبراتهم في تحرير حلب.. على الوضع بالغوطة الشرقية".
وحذّر مبعوث الأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، أمس من أن تصعيد المعركة في الغوطة قد يتحوَّل إلى تكرار معركة حلب الدموية والتي استعادت دمشق السيطرة الكاملة عليها في أواخر 2016 بعد أعوام من القتال.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إغاثة، أمس "هذه مخاوف لها ما يبررها". وأضافت أن سوء التغذية متفشٍ فيما أغلقت مدارس الغوطة منذ أوائل يناير بسبب الهجمات.
وقال مدير المنظمة في الشرق الأوسط، مارك شنيلباكر: "سكان الغوطة الشرقية مذعورون. لم يعُد هناك مكان آمن يلجأون إليه".