سجدة ابن علوي

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢١/فبراير/٢٠١٨ ٢٣:٣٠ م
سجدة ابن علوي

عزيزة راشد

عندما وضع جبهته ساجداً على سجادة مصلى المسجد الأقصى لم يكن يعلم أنه يحقق حلم الملايين من العمانيين الذين يتمنون زيـــارة القدس الشريف، ففلسطين فـــي قلـــب كـــل عماني منذ أن وصلت الأخبــــار باحتلال الكيان الصهيوني المغتصب للأراضي الفلسطينية، وتهجير آلاف الفلسطينييـــن ليعيشوا في مخيمات مشتتة بين الدول العربية. وقد شارك مجاهدون عمانيون في حرب 1948 حاملين أرواحهم فداء للقدس، وتبرعت نساء عمان العظيمات بالذهب والمال لتسليح المجاهدين ضد الاحتلال الغاشم، إنها قصة كفاح مشترك نثر فيها العمانيون دماءهم على أرض فلسطين فداء لها.

دخل ابن علوي إلى فلسطين حاملاً مشعل السلام إلى الأرض التي تبكي من الحرمان والقهر والإذلال، يقرأ فيها رسائل السلام من سلطان حكيم لم ينس فلسطين ولم يتوقف عن دعمها المادي والمعنوي في وقت كانت بعض الدول تتفاخر بدعمها للقضية الفلسطينية أمام وسائل الإعلام، ثم ما تلبث الكلمات أن تختفي بعد ذلك ولا يرى منهم لا قول ولا فعل مثلما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس لي أثناء زيارتي له في فلسطين ضمن وفد من الصحفيين العمانيين في زيارة تاريخية.
عندما كنت في القدس رأيت عشرات المدارس والمستشفيات والجامعات وألوف الطلبة المكفولة دراستهم من قبل النفقة الخاصة لجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه، وقد وجهت لنا نصيحة آنذاك بعدم الحديث عن هذه المساعدات لأن السلطنة تعتبرها واجبات تجاه القضية الفلسطينية، وكم شعرنا بالفخر ونحن نرى أننا أدينا واجبنا تجاه فلسطين ولم نتركها لوحدها تعاني.
دخل ابن علوي إلى القدس الشريف، رأى حدوة البراق وقد طبعت سنابكه على الصخرة المقدسة في انطلاقته نحو السماوات السبع، بينما لا تزال الحلقة الحديدية التي ربط فيها البراق على الحائط المقدس، مكان ليس ككل الأماكن، تشعر فيه بأنك حققت إنجازاً عظيماً بدخولك للقدس الشريف. عندما أديت الصلاة في المسجد الأقصى في زيارتنا لفلسطين انزويت جانباً في ساحة المسجد الأقصى وقد حملت معي حقيبة صغيرة ملأتها بتراب من ساحة المسجد الأقصى لأضعها في زجاجات صغيرة كهدايا أقدمها بعد رجوعي للسلطنة، أهناك هدية أثمن من تراب القدس؟!
تجول ابن علوي بهيبته وشموخه وعزته ووقاره الممتد من دم عماني أشرق للعالم قبل 4 آلاف سنة قبل الميلاد حاملاً على أكتافه سياسة حضارات عمانية امتدت إلى أصقاع الأرض تملؤها المحبة والسلام، إذ إن العمانيين لم تتلوث يدهم بدم أبرياء على امتداد تاريخهم الطويل، لذلك بارك الله في عمان وأرضها وشعبها.
ابن علوي في القدس يسعى إلى نشر السلام والاطمئنان، وهي رسالة إلى الفلسطينيين الذين خذلهم الجميع أنكم لستم وحدكم، وأننا معكم داعمين مساندين لكم. رعى الله خطوات ابن علوي في قدس الأقداس، وحفظ الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم.