اختطاف المدنيين في الغوطة

الحدث الخميس ٠١/مارس/٢٠١٨ ٠٤:٢٦ ص
اختطاف المدنيين في الغوطة

جنيف - دمشق - موسكو - بيروت - واشنطن - وكالات

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس الأربعاء إن "مقاتلي المعاضة متحصنون" في الغوطة الشرقية بسوريا ويمنعون وصول المساعدات وإجلاء الراغبين في الرحيل رغم إعلان موسكو ممرا إنسانيا.
وأضاف لافروف أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أن موسكو ستستمر في دعم الجيش السوري إلى أن يقضي تماما على "خطر الإرهاب".
وتابع: "ندعو أعضاء ما يسمّى بالتحالف الأمريكي إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرته بما في ذلك مخيم الركبان للاجئين وكامل المنطقة المحيطة بالتنف".
وأكّد لافروف أن موسكو ستواصل دعم الجيش السوري للتغلب تماما على التهديد الإرهابي. وأضاف أن تقسيم الإرهابيين إلى "أخيار" و"أشرار" أمر غير مقبول وروسيا ستتصدى لهذه المعايير المزدوجة.
واطلق المسلحون، في اليوم الثاني من الهدنة الإنسانية، القذائف على القوات السورية في منطقة الممر الإنساني بالغوطة الشرقية، بحسب ما أفاد موقع "سبوتنيك" الروسي، أمس الأربعاء.
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، يوم الاثنين 26 فبراير، عن دخول هدنة إنسانية في الغوطة الشرقية حيّز التنفيذ، بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين، اعتبارا من 27 فبراير.
ولكن تمت إعاقة إجلاء السكان المدنيين، أمس الأول الثلاثاء 27 فبراير، بسبب هجمات المسلحين. وقال ممثل مركز المصالحة الروسي في سوريا، فلاديمير زولوتوخين، إن المسلحين شنّوا هجمات على الممر الإنساني، المخصص لإجلاء المدنيين من الغوطة الشرقية، ما أدّى إلى منع خروج السكان.
كما واصل المسلحون خلال الهدنة الإنسانية مهاجمة مواقع القوات الحكومية في بلدتي حزرما والنشابية بريف دمشق.
من جانب آخر قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات الحكومة السورية والقوات المتحالفة معها كسبت أرضا في اشتباكات مع مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق مع اندلاع القتال رغم اتفاق روسي لوقف إطلاق النار.
وأضاف المرصد أن قوات الحكومة تقدّمت في منطقة حوش الضواهرة على الطرف الشرقي من معقل المعارضة المحاصر. ولم يتسن الحصول على تعليق من الجيش السوري أو مصادر من المعارضة.
وينص الاتفاق الروسي على وقف إطلاق النار يوميا في الغوطة الشرقية لمدة خمس ساعات من التاسعة صباحا حتى الثانية عصرا. ولكن بعد هدوء قصير انهار الاتفاق وتجدد القصف أمس الأول الثلاثاء في اليوم الأول من سريان الاتفاق.
ومن ناحية أخرى، ذكرت مصادر دبلوماسية أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فتحت تحقيقا في هجمات وقعت في الآونة الأخيرة بالغوطة لتحديد ما إذا كانت ذخائر محظورة قد استُخدمت هناك.
وكان الزعماء السياسيون في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا قالوا هذا الشهر إنهم سيؤيدون تحرُّكا عسكريا ضد دمشق إذا توافر دليل على استخدام القوات الحكومية السورية أسلحة كيماوية.
وتنحي موسكو ودمشق باللائمة على المعارضة في انهيار الهدنة، قائلتين إن مقاتليها قصفوا طريقا آمنا مخصصا للمدنيين الذين يرغبون في مغادرة المنطقة. ونفت المعارضة المسلحة قيامها بالقصف الذي تحدّثت عنه روسيا وسوريا، واتهم جنرال أمريكي كبير موسكو بأنها تقوم بدور كل من "مشعل الحريق ورجل الإطفاء" بتقاعسها عن كبح جماح الأسد.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو ستضغط لإقرار خطط هدنة يومية مماثلة في القتال، مما يسمح بإيصال المساعدات للغوطة الشرقية عبر ما تصفه روسيا بالممر الإنساني.
لكن الأمم المتحدة قالت إنها تجد من المستحيل تقديم المساعدات للمدنيين أو إجلاء الجرحى وقالت إن على جميع الأطراف أن تلتزم بدلا من ذلك بهدنة مدتها 30 يوما طالب بها مجلس الأمن الدولي.
وقال المتحدّث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، خلال إفادة في جنيف "وردت إلينا تقارير هذا الصباح تفيد باستمرار القتال في الغوطة الشرقية".
وأضاف: "من الواضح أن الوضع على الأرض في حالة لا تسمح بدخول القوافل أو خروج حالات الإجلاء الطبي".
وقُتل المئات في قصف جوي تنفّذه منذ عشرة أيام القوات الحكومية في الغوطة الشرقية، وهي منطقة بلدات وقرى تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة على مشارف دمشق.
وعلى إثر ذلك قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها مستعدة لدخول الغوطة لإيصال المساعدات الضرورية، مشددة في الوقت نفسه على أن هدنة الساعات الخمس المقترحة قصيرة للغاية.
وقال روبرت مارديني -مدير إدارة الشرق الأوسط باللجنة ومقدم الاقتراح- إن الممرات الإنسانية يجب التخطيط لها جيّدا وأن توافق عليها جميع الأطراف المتحاربة في حين يتعيّن السماح للأشخاص بالمغادرة إذا رغبوا في ذلك. ولم يذكر مارديني روسيا بالاسم.
وأضاف: "من المستحيل إدخال قافلة إنسانية في خمس ساعات. لدينا خبرة طويلة في جلب المساعدات عبر خطوط القتال في سوريا ونحن نعرف أنّ مجرد المرور من نقطة تفتيش قد يستغرق ما يصل إلى يوم رغم موافقة كل الأطراف مُسبقا. ثم يتعيّن عليك تفريغ الحمولة.

"الموت تحت القصف"
وصاحبت القصف الجوي المكثّف هجمات برية لاختبار دفاعات المعارضة.
وفي ظل عدم وجود علامة على ضغط دولي حاسم لوقف الهجوم، ستلقى الغوطة الشرقية فيما يبدو نفس مصير المناطق الأخرى التي استعادت الحكومة السيطرة عليها، حيث أصبحت الممرات الإنسانية في آخر الأمر طرق هروب لمقاتلي المعارضة المهزومين.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك في موسكو عقب لقائه بنظيره الفرنسي جان إيف لو دريان "لقد أنشئ ممر إنساني سيُستخدم في إيصال المساعدات الإنسانية، ويمكن في الوقت نفسه استخدامه في عمليات الإجلاء الطبي ومغادرة المدنيين الذي يرغبون في ذلك".
في غضون ذلك اتهم القائد العسكري الأمريكي، جوزيف فوتيل، روسيا بأنها تلعب دورا يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سوريا وتقوم بدور كل من "مشعل الحريق ورجل الإطفاء" لتقاعسها عن كبح جماح حليفها السوري.
وقال: "إما أن تقر روسيا بعدم قدرتها أو أنها لا ترغب في لعب دور في إنهاء الصراع السوري. أعتقد أن دورهم مزعزع للاستقرار بشكل مذهل في هذه المرحلة".
وفي موسكو، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن جنرال روسي قوله إن المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية بدأت هجمات جديدة بالمدفعية والأسلحة بعد الظهر.

تصعيد
تحدّث سكان في عدد من البلدات بالمنطقة عن هدوء القتال لفترة وجيزة لكنهم قالوا إن القصف سرعان ما استؤنف. وفي بلدة حمورية قال رجل لم يعرّف نفسه سوى باسمه الأول محمود لرويترز إن طائرات هليكوبتر وطائرات عسكرية تحلّق في السماء وتشنّ ضربات.
وقال سراج محمود، وهو متحدّث باسم الدفاع المدني السوري، إن المنطقة ما تزال تتعرّض لقصف مدفعي وضربات جوية.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب من مقره في بريطانيا أن طائرات هليكوبتر وطائرات حربية قصفت أربع بلدات وإن قتيلا سقط في قصف مدفعي.
وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يوم السبت يطالب بوقف إطلاق النار في عموم سوريا لمدة 30 يوما لكنه لم يحدد المناطق التي يشملها. ولا تشمل هذه الهدنة بعض الجماعات المتشددة التي تقول سوريا إن قواتها تحاربها في الغوطة الشرقية.
وقالت مصادر دبلوماسية إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستحقق في هجمات من بينها هجوم وقع يوم الأحد قالت السلطات الطبية إنه أسفر عن قتل طفل وسبب أعراضا مشابهة لأعراض التعرُّض لغاز الكلور.
وتعرّضت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الغوطة الشرقية لهجمات كيماوية في 2013 قُتل فيها مئات الأشخاص.
والغوطة الشرقية هدف كبير للجيش السوري الذي استعاد السيطرة على العديد من المناطق بدعم عسكري من روسيا وإيران. وتقول الأمم المتحدة إن 400 ألف شخص يعيشون في المنطقة.