تطهير الغوطة من المتشددين

الحدث الأحد ١١/مارس/٢٠١٨ ٠٤:٢٦ ص
تطهير الغوطة من المتشددين

بيروت - رويترز

انتزع الجيش السوري معظم المزارع في الغوطة الشرقية وبات يقترب من السيطرة على معظم مدن الغوطة في وقت يخرج فيه مسلحو جبهة النصرة من الغوطة فيما عبرت قافلة إغاثة مناطق تدور فيها المعارك في منطقة الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة وأوصلت إمدادات إلى المنطقة المحاصرة رغم القصف والغارات الجوية في المنطقة التي تشهد هجوما عنيفا من قوات الجيش السوري ضد مواقع للجماعات المسلحة.

ويواجه المدنيون في الغوطة الشرقية، المحاصرون في ملاجئ تحت الأرض، معضلة بين المخاطرة بالخروج للحصول على إمدادات أو البقاء في الداخل فيما اتّهمت دمشق الجماعات المسلحة بأنها تتخذ من المدنيين رهائن.
وقال أحد سكان مدينة سقبا ويُدعى مؤيد الحافي «شعر الناس بالأمل بعد تراجع القصف وخرجوا للشوارع. لكن الضربات الجوية بدأت من جديد».
وقالت دمشق وحليفتها موسكو إن الهجوم ضروري لمنع مسلحي المعارضة من قصف العاصمة وإنهاء سيطرة المتشددين على المدنيين في المنطقة التي يسكنها نحو 400 ألف شخص.
لكن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين قال في تصريحات انتقدتها الحكومة السورية إن الهجوم «لا يمكن استمراره لا قانونيا ولا أخلاقيا».
وقال سكان والمرصد السوري إن قصف الجيش السوري توقف خلال الليل لكن الضربات الجوية والقصف بالقذائف استؤنفا سريعا على مدينة دوما بعد دخول القافلة.
وذكر التلفزيون الرسمي السوري وشاهد لاحقا أن معبر الوافدين، الذي دخلت منه قافلة المساعدات، تعرّض لإطلاق قذائف ورصاص من داخل الغوطة.
وقال منسق الأمم المتحدة المقيم في سوريا، علي الزعتري، في بيان «القصف قرب دوما في الغوطة الشرقية يعرّض... القافلة للخطر». وأضاف الزعتري أن القتال ازداد حدة «رغم تأكيدات السلامة من جانب أطراف تشمل روسيا». ودعا مجددا إلى وقف القتال.
وقال مدير عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، روبرت مارديني، في بيان «فوجئنا باندلاع القتال... رغم الضمانات».

حاويات غذاء

قال أحد سكان دوما في رسالة صوتية، سمع فيها دوي انفجارات، إن أربع طائرات تحلِّق في الأجواء وإن مناطق تتعرّض لهجوم جوي.
وكان من المفترض تسليم المساعدات الغذائية يوم الاثنين عندما دخلت قافلة سابقة مدينة دوما لكن القتال والقصف أجبراها على المغادرة دون تفريغ الإمدادات بأكملها.
وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن القافلة أوصلت 2400 حاوية أغذية يمكن أن تكفي 12 ألف شخص لمدة شهر إضافة إلى 3248 كيسا من طحين القمح.
وبالنسبة للجيش السوري، ستمثّل السيطرة على الغوطة الشرقية انتصارا كبيرا بينما يستفيد من التقدم العسكري الذي تحقق بدعم روسيا للحكومة السورية في الحرب عام 2015 مما ساعده على استعادة السيطرة على مساحات واسعة في البلاد.
وخلال أقل من أسبوعين استعاد الجيش السوري السيطرة على جميع مزارع الغوطة تقريبا تحت غطاء من ضربات جوية وقصف مستمر، وباتت المعارضة لا تسيطر الآن سوى على مجموعة بلدات كثيفة السكان تشكّل نحو نصف الجيب.
وقالت جماعة جيش الإسلام إنها وافقت على إجلاء مقاتلي جبهة النصرة المحتجزين لديها في الغوطة الشرقية إلى محافظة إدلب التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة.
وقالت جماعة جيش الإسلام -إحدى الفصائل الرئيسية في المنطقة- في بيان على تويتر إن قرارها جاء بالتشاور مع الأمم المتحدة وعدد من الأطراف الدولية وممثلي المجتمع المدني من الغوطة الشرقية. وأضاف البيان الصادر عن قيادة الجماعة «بعد لقائنا اليوم مع الوفد الذي دخل إلى الغوطة برفقة القافلة الإغاثية فقد تم الاتفاق على إجلاء الدفعة الأولى من عناصرهم الموجودين في سجون جيش الإسلام والذين تم اعتقالهم خلال العملية الأمنية التي أطلقها جيش الإسلام في 28 أبريل 2017».
ونفى جيش الإسلام وفيلق الرحمن -وهو جماعة رئيسية أخرى في المنطقة- مرارا أنهما يتفاوضان مع دمشق أو حليفتها روسيا بشأن عملية إجلائهم هم أنفسهم.
وفي مناطق أخرى مثل حلب، استسلم مقاتلو المعارضة في نهاية المطاف مقابل الحصول على ممر آمن للوصول إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة مع أقاربهم ومدنيين.
وقال بيان جيش الإسلام إن مقاتلي جبهة النصرة سيتم إرسالهم إلى منطقة خاضعة للمعارضة في شمال غرب سوريا.
وعرض التلفزيون السوري بعد ذلك لقطات قال إنها لثلاثة عشر مقاتلا وأسرهم شرعوا في مغادرة المنطقة الواقعة على مشارف دمشق.

وجبة واحدة في أيام

وناشدت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة الحكومة السورية وحليفتها روسيا وقف الهجوم والسماح بدخول المساعدات.وقال أحد سكان دوما ويُدعى بلال أبو صلاح إن نقص المواد الأساسية ما زال حادا ويسبّب صعوبات شديدة، وإن «أسرا كاملة لا تأكل إلا وجبة واحدة على مدى أيام».
وفتحت الحكومة السورية ما أطلقت عليها «ممرات آمنة» للخروج من الجيب، لكن لم ترد تقارير عن مغادرة كثيرين.
وتتهم دمشق وموسكو مسلحي المعارضة بإطلاق النار على المدنيين لمنعهم من الفرار من القتال نحو مناطق تسيطر عليها الحكومة. وقال شاهد من رويترز إن نيران أسلحة خفيفة وقذائف مورتر أطلِقت من مناطق خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة صوب معبر الوافدين.
وينفي مسلحو المعارضة منع أي فرد من المغادرة ويقولون إن السكان لم يعبروا إلى الأراضي التابعة للحكومة خشية الاضطهاد.
لكن الهلع بسبب القصف والظروف المعيشية المتدهورة غير المحتملة قد يدفعا الناس للفرار رغم القتال.
وأوردت وسائل إعلام حكومية تقارير عن رفع أشخاص في الغوطة الشرقية للعلم السوري الرسمي وتنظيمهم احتجاجات مؤيدة للحكومة. وذكر المرصد حدوث احتجاجات في قرية واحدة تطالب بوقف القصف ومغادرة مقاتلي المعارضة.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن عشرات الآلاف من الأشخاص فرّوا إلى عمق الجيب هربا من المعارك وقال سكان في دوما إن الملاجئ اكتظت بالوافدين الجدد إليها.