الإفتاء ممنوع بالأرصاد الجوية!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٣/مارس/٢٠١٨ ٠٣:٤٧ ص
الإفتاء ممنوع بالأرصاد الجوية!

علي بن راشد المطاعني

ali.matani@hotmail.com

تعدّ أجهزة الأرصاد الجوية في السلطنة من أحدث الأجهزة وأكثرها تطوُّرا إزاء قدرتها على رصد وتتبع حالة الطقس في السلطنة وفي المناطق المجاورة وانعكاساتها المناخية على البلاد، من خلال منظومة متكاملة للتنبؤات الجوية تعمل على إدارتها بكفاءة عالية كوادر وطنية مؤهلة في هذا المجال الحيوي والمهم والتي تعمل على مدار الساعة.

إلا أن هذا المجال الحيوي رغم ارتكازه على الحقائق العلمية والعمليات الحسابية المعقدة المجردة من أي هوى أو غرض لم يسلم هو الآخر من الإشاعات والتحليلات غير الدقيقة والتي تستهدف مخرجاته العلمية لحالة الطقس، ويتم في الغالب استنباط تلك الافتراءات من المواقع العالمية التي توفر هذه المعلومات بشكل مجاني والتي تعطي مؤشرات أولية غالبا ما تكون غير دقيقة وتضخّم التوقعات في بعض الحالات حيث يستخدمها البعض بدون إحساس بالمسؤولية إزاء استخدامها وعرضها للمواطن بغض النظر عن مصداقيتها لإثارة الهلع والخوف في نفوس المواطنين من خلال بث ونشر مخرجاتها لهم، الأمر الذي يبعث على الاستغراب لهذا المسلك المعيب، ويظل السؤال قائما عن الأســباب والدوافع لهكــذا سلــوك إذ لم نجد له تفسيرا موضوعيا في الواقع سوى سبق صحفي وحب الظهور ولو بمعلومات غير دقيقة.
وبما أن الأمر كذلك، فلا بد للقانون من أن يتصدى لهذا العبث من خلال وضع تشريعات وقوانين واضحة وعقوبات صارمة ورادعة على الذين يمتهنون مهنة بث الرعب في قلوب الناس بغير وجه حق من خلال نشر معلومات عن الطقس وتنبؤات ذات مصداقية ضعيفة، فمثل هذه الإشاعات المغرضة كفيلة بتعطيل مصالح قطاعات حيوية وتُلقي بآثارها السلبية على الاقتصاد الوطني وعلى المنظومة الأمنية المستقرة ولله الحمد، فالطقس ومدى ملاءمته لكثير من الأنشطة التجارية يؤثر على الإنتاج في كل مرافق الدولة كما يؤثر بنحو صريح على مهنة صيد الأسماك والمرتبطة بهدوء البحر، فإذا جاءت الإشاعات المغرضة مؤكدة وناصحة بعدم ركوب البحر فذلك يعني أن مصالح قطاع واسع من المواطنين قد تعطلت، ثم تشهد الأسواق ندرة في السلعة، ويترتب على ذلك ارتفاع أسعارها، والمحصلة النهائية تشير إلى حدوث أضرار اقتصادية واسعة النطاق، كل ذلك بسبب إشاعة استهدفت «الطقس».
لقد ثبت لنا وبما لا يدع مجالا للشك كفاءة قدرات الكوادر الوطنية من خلال الظواهر الجوية التي مرّت بالسلطنة في السنوات الماضية بدءا من إعصار «جونو» مرورا بغيره من الحالات المدارية والمنخفضات الشتوية والحالات الغبارية التي تتعرّض لها أجواء السلطنة خلال فترات مختلفة من السنة، فكانت التحليلات والتفسيرات دقيقة للغاية في تقديرها للحالات الجوية، مما يجعلنا نذهب بعيدا في الوثوق بها وفي العاملين عليها وهم من خيرة شبابنا المؤهل تأهيلا جيّدا في هذا المجال الحيوي والدقيق.
بالطبع يحق لأي شخص أن يستقي معلومات وبيانات الرصد والتحليل من محطات أخرى للوقوف على حالة الطقس في الدول الأخرى خاصة المسافرون لتلك الدول أو المارون بها، إلا أن بث البيانات عن حالة الطقس والتنبؤات المحلية وانعكاساتها على الأنشطة الاقتصادية المختلفة يجب أن تُستقى من مصادرها الرسمية المعروفة.
نأمل أن نثق جميعا بأن الأرصاد الجوية لدينا هي المصدر الرئيسي للبيانات عن الحالات الجوية وشؤون الطقس في البلاد وبالتالي البعد كليا عن كل المعلومات التي ترتكز إلى مصادر أخرى، والنظر إليها باعتبارها إشاعة لا أكثر ولا تستحق التفاتا.