«الشعب العُماني ما يهون حد يكدّره»

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٤/مارس/٢٠١٨ ٠٥:٥٢ ص
«الشعب العُماني ما يهون حد يكدّره»

محمود بن سعيد العوفي

alaufi-992@hotmail.com

«الشعب العماني ما يهون حد يكدره»، هذه المقولة قالها مولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - في بدايات النهضة المباركة بإحدى جلساته، ونُشرت في إحدى الصحف العُمانية، فجلالته دائماً يردد عبارات ذات معانٍ سامية ومدلولات إنسانية خيّرة، وليس من شك في أن هذه العبارة بليغة تعطي معاني كبرى، إذ إن جلالته يحب شعبه حباً جماً ويعيش له وبه ولا يتحمل أو يطيق أن يكدره أو يغضبه أحد، وعلى ذلك مضت المسيرة الظافرة تشق طريقها على هذا النهج السامي، وقد قام أوائل المسؤولين بترجمة هذا الأمر إلى واقع ملموس، وبدأت السواعد المخلصة تعمل بتفانٍ وتبني وتعمّر عُمان دون كلل أو ملل؛ من أجل إسعاد المواطن العُماني أينما كان في هذه الأرض الطيبة؛ ليعيش عيشة كريمة دون كدر، من تطور إلى تطور مزدهر، ولا تزال مسيرة الخير تمضي قدماً نحو آفاق التقدم والرقي في مختلف المجالات.

ولكن عندما ساءت الأوضاع الاقتصادية في المنطقة عامة وفي البلاد خاصة من جراء انخفاض أسعار النفط الخام، بدأت الحكومة برفع الدعم عن الوقود، وتأثر من جراء ذلك المواطن، وقامت الحكومة بدعم بعض الشرائح المتأثرة من خلال تثبيت سعر الوقود من نوع M91 إلى 180 بيسة للتر لغاية 200 لتر، وأثار هذا الموضوع وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك تصاريح إعلامية وصحفية لكبار المسؤولين بأنه لا مساس لمعيشة المواطن، ولكن هذا الأمر اختلف عن واقعه، إذا ما علمنا أن هناك رسوماً قادمة يتحملها المواطن!
ومن الملاحظ أيضاً أن القرارات التي تتخذ في رفع الرسوم تأتي دون دراسة مستفيضة، وهي قرارات مكتبية ولم تأتِ من أرض الواقع الميداني، ومدى انعكاساتها للمواطن قبل التاجر، بعد ذلك يجري تعليقها حتى اكتمال دراستها، بعدما أُثيرت في وسائل التواصل الاجتماعي، فما ذنب المواطن في هذا الأمر، فماذا يفعل إذا غلت عليه المعيشة وتراكمت عليه الديون؟!
اتركوا راتب المواطن الذي يعمل من أجل أسرته، وأنتم تعلمون أن نصفه للديون، والباقي لتلبية متطلبات الحياة اليومية، وبالتالي اجعلوه يعيش حياة سعيدة ولا تكدروه، ومن حب جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - لشعبه الوفي قوله أيضاً: «لو أستطيع أن أكسو شعبي ذهباً لكسوته فهو يستحق»، فهذا يجسد تجسيداً حياً ما يكنّه جلالته من حب وإخلاص بروحه الإنسانية الثرية، وفكره المحدق في الأفق البعيد لهذا الشعب المكافح الصبور، المتمسك بعاداته وتقاليده، وتتجسد تفاعلية الفعل والقول، والسير بالمواطن إلى ضفاف الرقي والمجد ليبقى المواطن العماني سيداً مرفوع الرأس تاجه كبرياء، وقلبه ولاء وانتماء.
وأخيراً، لا تكدروا المواطن مثل ما قال مولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أعزه الله، وقبل اتخاذ أي قرار أو حل لأي مشكلة اقتصادية فكروا وادرسوا التأثيرات والنتائج على حياة المواطن، كما نأمل أن تستبعدوه من الحسابات والحلول المقترحة لسد العجز في الموازنة، وأن تفكروا بمئات الحلول المتاحة لذلك، والتي بإمكانها أن تقلص هذا العجز بعيداً عن جيب المواطن محدود الدخل الذي أصبح بحالة صعبة في وسط كمٍ هائل من المعاناة اليومية في جميع تفاصيل حياته.