جدولة قروض الشركات هي الحل

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٥/مارس/٢٠١٨ ٠٣:٤٤ ص
جدولة قروض الشركات هي الحل

علي بن راشد المطاعني

ali.matani@hotmail.com

في الوقت الذي يتطلب فيه من البنوك الوطنية إيجاد تسهيلات للشركات للخروج من تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعاني من تبعاتها المنطقة كلها جراء انخفاض أسعار النفط، إلا أن البنوك الوطنية لم تستشعر بما فيه الكفاية هذا الجانب وأهميته في تنشيط الدورة الاقتصادية ومعالجة تعثر العديد من الشركات، وتقدير ‏إسهامات الشركات في السنوات الفائتة وإثرائها للقطاع المصرفي ذاته، بل تلجأ للضغط على الشركات لتسديد القروض، متعللة بقوانين البنك المركزي العماني والنأي عن جدولتها للقروض على نحو يتوافق مع الأوضاع المالية لهذه الشركات ومراعاة تأخر مستحقاتها من الجهات الحكومية وغيرها من الظروف التي تحيط بهذه الكيانات الوطنية، والزج بها في القوائم السوداء التي تغلق أمامها التسهيلات المصرفية كلياً، وإحالتها للقضاء، وتصبح هذه الشركات متعثرة ومن الطبيعي أن تخرج من السوق وتسرّح موظفيها، وإعدام أنشطتها، لتصبح في خبر كان بما يلحق الضرر بالشركات والبنك والموظفين والبلد، الأمر الذي يتطلب من البنك المركزي العُماني أن يتدخل ويسهم في بلورة توجهات جديدة لمواجهة الأزمة وكيفية معالجتها بما يسهم في تجاوزها للحفاظ على كيانات هذه الشركات، وليس بتفاقم تأثيراتها على المؤسسات وانعكاسات ذلك في رسم صورة غير إيجابية عن الأوضــاع الاقتصـــادية في البلاد.

لا شك أن القطاع المصرفي في أي دولة وفي أي أزمة يعد اللاعب الرئيسي في تجاوزها من خلال السياسات المرنة التي يمكن أن يتبعها في معالجة أي آثار سلبية تؤثر على مسار العمل الاقتصادي، إلا أن ما يحدث لدينا هو العكس، فالشركات اليوم تعاني بشدة من ضغوط كبيرة في الإيفاء بما عليها من أقساط، وفرض شروط صعبة في وضع الضمانات من الأصول على الشركات يجعلها تفشل في تلبية هذه المتطلبات وسط هذه الأزمة وتداعياتها، فرغم أن الشركات التي لديها قروض متعثرة بسبب الأزمة وفي ظل وجود ضمانات ورهون وشيكات لدى البنوك، بعضها أكثر من قيمة القروض، إلا أنها تقوم بالضغط على الشركات وعدم إعادة جدولة القروض للعبور بهذه الشركات إلى بر الأمان، رغم تحملها لفوائد إضافية والبنوك هي المستفيد الأول من إطالة أمد القروض.
إن تبعات عدم منح التسهيلات وإضفاء المرونة من الطبيعي أن ينعكس على الشركات على صيغة إعلان الإفلاس، ومن ثم الإغلاق أو تقليص أعمالها كأقل تقدير وما يترتب على ذلك من انعكاسات غير سارة على الاقتصاد الوطني من ناحية عامة تمتد تأثيراتها إلى قطاعات أخرى.
إن الشركات الوطنية والأجنبية لديها تاريخ طويل من العمل مع القطاع المصرفي، وأسهمت في رفد هذا القطاع من خلال أنشطتها وأعمالها، ومن الطبيعي أن تشهد الكثير من التغيرات ومن إعادة الهيكلة بما يتوافق مع المستجدات الراهنة، والتزاماتها أمام المصارف هي بالقطع من الأولويات التي تحاول قدر جهدها الوفاء بها بتسويتها لكن لابد أن نؤمن أن الشركات هذه تمر بظروف بعضها خارج عن إرادتها.
ومن الطبيعي أن تتعرض الشركات في ظل الواقع الراهن لشح في مداخيلها وهذا بدوره يؤثر على سداد ما عليها من التزامات تجاه المصارف وتجاه الجهات الأخرى، وبالتالي فعلى المصارف أن تتفهم مثل هذه الظروف وتعمل بروح الفريق الواحد مع الشركات على تجاوزها، لا أن تضيق عليها الخناق وبنحو يؤثر على مسار عملها ودفعها دفعا للخروج من السوق.
بالطبع للمصارف الحق في استيفاء حقوقها من الغير وإيجاد بعض الاشتراطات التي تضمن استرجاع أموالها، إلا أن المطلوب هو مراعاة الشركات من خلال جدولــة القــروض ومنح تســـهيلات في الــدفع وتقليل الاشـتراطات والضمانات والجزاءات، حتى تتمكــن من تجاوز المرحـلة الراهـنة.
نأمل من البنك المركزي العماني والقطاع المصرفي من ناحية عامة أن يسعى جاهداً لتعزيز دور الشركات في منظومة الاقتصاد الوطني، والعمل على تنشيط الدورة الاقتصادية في البلاد بشكل أفضل وبما يسهم في معالجة الأزمة وليس إلى تصعيدها، ونحن على يقين أن البنك المركزي العُماني قادر على الحل وتفهم هذا الوضع المتشابك باعتباره المظلة التي يحتمي الجميع تحت ظلالها الوارفة في أوقات الأزمات.