نصيحـة زوجـة فـي حقـل ألغـام..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٠/مارس/٢٠١٨ ٠٢:٥٧ ص
نصيحـة زوجـة 

فـي حقـل ألغـام..

لميس ضيف

لأني منحازة للنساء بالطبيعة، لا لكوني منهن صدقوني؛ بل لأنهن مستضعفات في الأرض ويستحققن كل دعم ممكن. لطالما وجدت في نفسي رفضا للزواج المتعدد. لا اعتراضا على تعاليم الشرع ذات القدسية بل لأني أراه، إلا في حالات خاصة، خطوة يمكن الاستغناء عنها وتفاديها، وأن سلبياتها تفوق محاسنها في عصرنا مهما حاول البعض تجميل هذه الحقيقة. ثُم أنه حدث أن صادفت حالات زواج متعدد ناجحة: لا تكون الأولى فيها ضحية مكلومة ولا تكون الأخرى فيها مهمَّشة محرومة. بل وتعثرت بحالتين نسجت الضرتان فيهما علاقة حميمة مع ضرتهما. وقد زرت امرأة في دولة الإمارات وشعرت لوهلة أني «أليس في بلاد العجائب» عندما وجدتها تقطن مع ضرتها الشامية في بيت واحد. بل وتساعدها في تربية أولادها الصغار أيضا لأنها اشتاقت لبراءة الأطفال بعد أن شبّ أبناؤها وصاروا رجالا!!

ربما كان للسعة المادية دخلٌ في ذلك، بل غالبا هو كذلك، فمن الرجال من استطاع أن يسد غيابه عن البيت بالكماليات ويسترضي زوجتيه بالدلال والهدايا. ولو أن سعادة الزوج في هذه الحالة موضع تساؤل: فهو يبذل جهدا مضاعفا ليُرضي زوجتين، وكلنا يعلم صعوبة ذلك بالمطلق فما بالكم لو كانت ثمة أمرأه أخرى في الصورة.

لكن أسئلة أخرى تبقى قائمة:
لو قبلت المرأة بنصف زوج -لو صح التعبير- كيف للأبناء أن يتعايشوا مع نصف أب ومساحة الأبناء بالمطلق محدودة في حياة آبائهم أكانت لهم عائلة أخرى أم لا؟
وكيف للزوج أن ينظّم وقته والعمل يلتهم ثلث اليوم ويلتهم النوم ثلثه ليبقى للمرء منا في زمن الآلة، الذي تحوّل فيه هو لآلة أيضا، ثلث يوم ليكون فيه ابنا وصديقا وفردا في المجتمع فضلا عن كونه أبا وزوجا!!
يبدو لي الزواج المتعدد عملا شاقا، وتحديا ما بعده تحد للرجل. لكن التحدي أكبر كالعادة على المرأة؛ التي يجب أن تسد نقص وجوده، وتجاهد لتُدير حياتها بأفضل طريقة ممكنة. وتفعل ما يُمكن لكي لا تنهار ولا تدخل في منافسة لن يكسب فيها أحد وتطفئ نار الغيرة التي تستطيع أن تلتهم حياة أية امرأة.
في هذا سألت إحداهن وهي خمسينية جميلة بروح فتاة في العشرين، وسمعت منها نصيحة تستحق نقلها للزوجات إذ سألتها: كيف تعايشتِ مع ارتباط زوجكِ بزوجتين عداك؟ «لن أضيّع لحظة من عمري في الحزن والتفكير بهما -قالت- إنهار عالمي في البداية ولا أنكِر، لكني تمالكت نفسي وراجعت حياتي وأعطيت مساحة لأولويات كنت قد أهملتها لأكون زوجة مثالية كما توهّمت. اليوم زوجي هو من يطاردني ولا أطارده. وزوجتاه تغاران مني وليس العكس.. لقد عرفت قيمتي متأخرة وها هو قد عرف قيمتي أيضا. ولولا خوفه من الله وخوفي أنا من تشجيعه لطلقهما كما يكرر على مسامعي».
إنها نصيحة ثمينة. لقد ركّزت على نفسها واستثمرت طاقتها في ذاتها فارتاحت وسط واقع غير مريح. وهو ما نتمنّى من النساء قاطبة أن يدركنه -أكانن في هذا الموقف أم لا- احببن أنفسكن لتُحبكن الحياة لا الشريك فحسب.
lameesdhaif@gmail.com