شبكة اجتماعية للأمن الغذائي

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢١/مارس/٢٠١٨ ٠٦:١٧ ص
شبكة اجتماعية للأمن الغذائي

ليا سامبرج

في العام 2015، عندما تم تبنّي أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة رسمياً، بدأ العد التنازلي لتحقيق هدف في غاية الطموح وهو القضاء على الجوع العالمي بحلول العام 2030. لقد بدا هذا الهدف في ذلك الوقت قابلاً للتحقيق فخلال السنوات الخمسة عشر الفائتة، انخفض عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية على هذا الكوكب بمقدار النصف.

ثم أصبح العالم أكثر جوعا مرة أخرى فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين ليس لديهم ما يكفي من الطعام في العام 2016 إلى 815 مليون شخص بعد أن كان العدد 777 مليون شخص في العام الذي سبقه، فما الذي حدث؟

إن جزءا من هذا الجواب يعدّ قديماً كقدم الحضارة نفسها حيث أضرّ الجفاف والفيضانات والصراع والتهجير بالمحاصيل وأضعف الإنتاج ولكن هناك عامل غير ملموس وإنْ كان لا يقل أهمية عن العوامل الأخرى وهو أن العديد من الشبكات التي يعتمد عليها المزارعون تقليديا للتعامل مع هذه الكوارث قد ضاعت أو تدهورت أوضاعها.
وبالنسبة لأفقر المزارعين ورعاة الأغنام في العالم والذين هم من أصحاب الحيازات الصغيرة، فإن عدم القدرة على التنبؤ هي الحقيقة الثابتة ومن أجل الحد من المخاطر، اعتمد الناس في المناطق الريفية دائما على شبكاتهم الشخصية للحصول على المعلومات لمساعدتهم على مواجهة الأزمات وتحسين الإنتاجية والحد من خسائر المحاصيل وفي المقابل سهّلت هذه العلاقات تبادل المعلومات والسلع والوجبات الغذائية المتنوّعة وعملت على تعزيز تقنيات الزراعة بالإضافة إلى الحماية من الجوع.واليوم، تضعف الشبكات الشخصية للمزارعين كما تتضرّر المزارع بشكل متكرّر بسبب الأحوال الجوية القاسية ويتزايد الصراع العنيف في المناطق المنكوبة بالفقر وهذه المتغيّرات وغيرها تعمل على تشريد المزارعين في كل مكان فبينما كان الناس يغادرون منازلهم دائما بحثا عن الأمان أو الفرص فإن عددا قياسيا من الأشخاص يتنقلون حاليا من مكان لآخر.
إن واحدة من أفضل الطرق للقيام بذلك هي من خلال الاستثمار في التقنيات الجديدة التي تمكّن المزارعين من التواصل مع المعلومات والمؤسسات التي يمكن أن تقلل من حالة الغموض وتعمل على تخفيف المخاطر وبيع المنتجات بشكل أكثر فعالية.
وفي الوقت الحالي، لا تظهر هذه الأنواع من الابتكارات بشكل بارز في معظم إستراتيجيات تخفيف الجوع ولكن هذا يتغيّر ببطء، خاصة مع تزايد أعداد الأفراد في الاقتصادات الناشئة المشتركين في شبكات الهاتف المحمول بالإضافة إلى الزيادة الحاصلة في القدرة على الوصول إلى التطبيقات المصمَّمة لجمع المعلومات الزراعية ومشاركتها.فعلى سبيل المثال، في مصر والسودان وإثيوبيا، تقدّم خدمات الإرشاد المحلية بيانات الطقس عند حدوثها إلى مزارعي الخضار عبر الرسائل القصيرة، وفي غرب أفريقيا تقوم شركات خاصة مثل شركة إجنيشا بتوسيع دقة تنبيهات الرسائل النصية القصيرة إلى المزارعين البعيدين.
وفي منغوليا، يتلقّى رعاة المناطق الريفية معلومات عن تفشي الأمراض لمساعدتهم على الحفاظ على صحة مواشيهم ويتحوّل المزارعون في جميع أنحاء الجنوب العالمي إلى الخدمات القائمة على الرسائل النصية القصيرة من أجل الدعم التقني الذي يتيح لهم بسهولة أكبر تبنّي محاصيل جديدة وتقنيات زراعية مع فوائد لكل من الموارد الطبيعية ودخل الأسرة والتغذية.
كما يعمل الاتصال على تحسين أداء الأسواق من خلال السماح للمزارعين ورعاة الماشية بالوصول إلى معلومات دقيقة عن الأسعار وتنسيق النقل والخدمات اللوجستية الأخرى وتسهيل تبادل أسهل للأطعمة القابلة للتلف والمغذية مثل المنتجات الحيوانية والخضروات، وتمكّن عملية تحويل الأموال من خلال الهاتف النقال والمعلومات عن الأسعار رعاة الماشية من تعديل أحجام القطعان بما يتوافق مع ظروف بيئية متغيّرة مع تمكين المزارعين من تأمين البذور والسماد لمواسم حصاد مقبلة.
وعلاوة على ذلك، من خلال تمكين التحويل السريع والآمن للأموال فقد تسمح الخدمات المصرفية المتنقلة للمنتجين بالوصول إلى الأسواق بشكل أكثر كفاءة وتخفيض تكاليف معاملاتهم والاستفادة من قطاعات السوق الأعلى قيمة، كما تسهّل أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول التحويلات المالية من المناطق الحضرية إلى المناطق الريفية وهو مكوّن تتزايد أهميته في سبل المعيشة الريفية.
وبطبيعة الحال، لن يؤدي مجرد وجود هذه التكنولوجيا إلى القضاء على الجوع ويتمثل التحدي في توسيع نطاق الوصول إلى جميع هذه الأدوات وضمان تلبية احتياجات المزارعين الذين يستخدمونها وهذا يتطلب أن تأخذ التقنيات المتنقلة في الاعتبار الاختلافات بين الذكور والإناث والتعليم ومستويات الموارد بين المزارعين وتستجيب للظروف المتغيّرة.
وبالنسبة لمئات الملايين من الناس، فإن المعلومات تحدث الفرق بين الأمن الغذائي والجوع ولكن في خضم التهديدات الثلاثية المتمثلة في تغيّر المناخ والصراع العنيف والهجرة الجماعية فإن هناك تغيُّرا في كيفية جمع هذه المعلومات وتقاسمها حيث أصبحت الشبكات الشخصية الآن للمزارعين شبكات عالمية وعبر الإنترنت ومن أجل إطعام عالم سريع التغيّر، يجب علينا استخدام التكنولوجيا الجديدة لإعادة تصوّر أقدم شكل من أشكال التخفيف من المخاطر وهو المجتمع.

عالمة أبحاث في مبادرة المساحات الخضراء العالمية في معهد البيئة التابع لجامعة مينيسوتا.