استقالة سعادته

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٢/مارس/٢٠١٨ ٠٤:٢٢ ص
استقالة سعادته

عزيزة راشد

«خروج عضو مجلس الشورى من إحدى جلسات المجلس قبل انتهائها يعدّ تضييعاً لحقوق مواطنين انتخبوا ذلك العضو من أجل مساءلة الوزير وليس الابتعاد عنه»، «الصراخ في مجلس الشورى أسلوب غير حضاري ونوع من التأثير على الرأي العام»، «عضو المجلس بانسحابه يسجل موقفاً وطنياً وخروجه تصرف شجاع ضد الظلم والتهميش الذي شعر به»..

آراء كثيرة مؤيدة ومعارضة وكل يرى الأمر من منظوره وقناعته وثقافته.
لكن لنتساءل: ما الذي أوصل الحال إلى ما هو عليه الآن؟ لماذا لم تعد لمجلس الشورى هيبته ووقاره؟ نرى الأعضاء يتأخرون عن حضور الجلسات؟ وآخرون فور انتهاء أسئلتهم يغادرون القاعة، وآخرون يستمتعون بفنجان من القهوة ومكالمة هاتفية خارج القاعة، وآخرون يلهون بهواتفهم، بينما قلة يستمعون إلى كل كلمة وهمسة تصدر من المسؤول الضيف، حتى إن كان طرحه يتعلق حول ولاية ليست ولايته ففي النهاية عمان بيت الجميع.
قريباً، سنغادر العقد الثاني من هذا القرن مع تطور علمي كبير وتغيير تكنولوجي عميق يشهده العالم، ومعه تتطور البرلمانات العربية والعالمية، وأصبحت الأعمال الموكلة لمجلس الشورى أو البرلمان أكبر من حضور مسؤول ومساءلته والإجابة عن الأسئلة وينتهي المشهد، وأكثر تطوراً من المطالبة برصف شارع وزرع شجرة، وكلها واجبات الدولة تجاه المواطن ويجب ألا تقصّر فيها، فرصد النقص التنموي في الولايات يعدّ سلبية كبيرة في حق الدولة التي لم توفر لمواطنيها أبسط الخدمات التي يحتاجون إليها.
نحتاج إلى مجلس شورى يبتعد عن التقليدية وأن يخرج من ثوب المطالبة بالتنمية وتذكير الدولة بواجباتها تجاه المواطن، نريد مجلساً يساهم في بناء الوطن ويعد الدراسات والتخطيطات الاستثمارية للوطن وبنائه.
إن المجلس الحالي ما هو إلا مطالبات من ممثلي المواطنين وتذكير للدولة بقضاء واجباتها في رصف شارع وإنشاء مدرسة وتوفير حافلة، وهذا لا يساهم في تقدم الوطن ورفعة شأنه، ويجب أن تكون صلاحيات وواجبات ووظائف مجلس الشورى أكبر وأعمق.
إن التجربة البرلمانية التي تمر بها الدولة ليست وليدة اللحظة، فعبر الحقب والتاريخ أحاط ملوك وأئمة وسلاطين وحكام عمان أنفسهم بالمستشارين، وجعلوا المشورة أسلوب حياة كان له أثر في بقاء الدولة العُمانية قوية والتي تناسلت عبر الأزمنة إلى أن أصبحت ما نحن عليه الآن، إن التطور والتقدم في مجال الشورى عمل مهم وتطوره يرفع من فهم المواطن لجدوى مجلس الشورى وترسيخ أعمق لدوره في رفعة الوطن.