التحالف الروسي الإيراني

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٢/أبريل/٢٠١٨ ٠٤:٤١ ص
التحالف الروسي الإيراني

د. فيصل القاسم

يتساءل كثيرون منذ بدء التحالف الروسي الإيراني في سوريا قبل سنوات: ما الذي يجمع بين روسيا وإيران؟ لماذا ازدادت العلاقات رسوخاً بين البلدين في السنوات الفائتة رغم الاختلاف في التوجهات.

لماذا ينسقان بشكل جيد في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية؟ لا شك أن أكثر ما يجمع بين موسكو وطهران هو أن الطرفين يواجهان عدواً مشتركاً يتمثل في أمريكا والغرب عموماً. لكن مع ذلك يتمنى خصوم الروس والإيرانيين أن يحدث الطلاق بين الطرفين، فهل هذا ممكن فعلاً أم إنها تمنيات رغبوية يصعب تحقيقها على أرض الواقع؟

البعض الآن يرى على ضوء الهجوم الغربي الأخير على «نظام الأسد» وقبله الهجوم الإسرائيلي على القواعد الإيرانية في مطار التيفور السوري أن إيران باتت في موقف محرج في سوريا، وأن الضغط الإسرائيلي لإزعاج الإيرانيين من سوريا سيضع الروس حلفاء الإيرانيين في ورطة حقيقية. هل يضطر الروس لمراضاة الأمريكيين والإسرائيليين إلى فك الارتباط بحلفائهم الإيرانيين في سوريا؟

المتفائلون بفك ذلك الارتباط يفكرون بعقلية التمني فقط على أمل أن ينهار التحالف الروسي الإيراني الذي بات رقماً صعباً في سوريا والعراق وحتى لبنان واليمن. لكن الطلاق الروسي الإيراني ليس بالسهولة التي يتمناها أعداء إيران في المنطقة وقد يكون مستحيلاً على ضوء ارتباط المصالح الاستراتيجية للبلدين في المنطقة خصوصاً والعالم عموماً.
لمن لا يعلم فإن التقارب الروسي الإيراني ليس نتيجة الوضع في سوريا أبداً، وليس وليد المصالح المشتركة لموسكو وطهران في سوريا وحتى اليمن، بل هو سابق لذلك. فلا ننسى أن روسيا تعتبر إيران نصيراً ضرورياً لها فيما يسمى بالمشروع الأوراسي الذي يتبناه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوراسيا هو مشروع يحاول الروس من خلاله تشكيل حلف أوروبي آسيوي كما يبدو من الاسم لمواجهة المشاريع والتحالفات الغربية. ولا يمكن لهذا المشروع الاستراتيجي أن يتقدم ويتشكل من دون المشاركة الإيرانية الفعالة، وبالتالي فإن التلاقي الروسي الإيراني ضرورة استراتيجية قبل أن يلتقي الطرفان في سوريا، لا بل إن التقارب بين الجانبين في الشرق الأوسط مرده إلى التحالف الذي يتطلبه مشروع أوراسيا.
وحتى لو لم يكن هناك مصالح مشتركة للروس والإيرانيين في مشروع أوراسيا، فإن الطرفين لا يمكن أن ينجحا في سوريا بمفرد كل طرف، فهما يعتمدا على بعضهما البعض اعتماداً حيوياً في سوريا حيث يحظيان بترحيب كبير من قبل النظام.
لا شك أن روسيا تعلم علم اليقين أنها لا تستطيع أن تنتصر عسكرياً في سوريا على قوى المعارضة السورية بسلاح الطيران فقط على نجاعته وجبروته، فهي تحتاج على الأرض إلى قوات برية كبيرة لتقوم بالمهام برياً، وكما هو معلوم فإن لإيران قوات كثيرة في سوريا تقاتل إلى جانب النظام، فلا القوات الإيرانية قادرة بمفردها على الانتصار، ولا الطيران الروسي بمفرده قادر على حسم المعركة، وكما نعلم كانت دمشق على وشك السقوط أمام قوات المعارضة لولا التدخل العسكري الروسي كما اعترف وزير الخارجية الروسي نفسه، وقد تظافرت القوة الجوية الروسية والقوة البرية الإيرانية فتحقق النصر الروسي الإيراني على قوات المعارضة في حلب وريف دمشق مع الأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن التقارب التركي الروسي في سوريا لعب دوراً محورياً في ترجيح كفة الروس والإيرانيين في سوريا على حساب قوى المعارضة.
البعض يعتقد أن روسيا يمكن أن تتخلى عن تحالفها مع إيران في سوريا لصالح إسرائيل على اعتبار أن الروس أقرب للإسرائيليين منه إلى الإيرانيين.
لكن مؤيدي إيران يعتقدون العكس، فهم يرون أن روسيا تعتمد على القوات الإيرانية في سوريا كنصير قوي لمواجهة الإسرائيليين والأمريكيين. وكلما اقتربت القوات الإيرانية باتجاه الحدود الإسرائيلية في سوريا اضطرت تل أبيب للضغط على أمريكا لتخفيف الضغوط على روسيا في أوكرانيا وسوريا ومناطق أخرى. ويتحدث محللون من الحلف الإيراني على أن هناك تفاهماً قوياً جداً بين المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الروسي بوتين في هذه القضية وغيرها.
لكن رغم كل هذه الحقائق الاستراتيجية بين إيران وروسيا، فإن المنطقة تقف على كف عفريت، وأن المستنقع الشرق أوسطي قد يزداد عمقاً وقد يؤدي إلى تغيرات لا يمكن لأحد أن يتوقع نتائجها على صعيد التحالفات والمتغيرات.

إعلامي في قناة الجزيرة