هل أصبح القطاع المالي آمناً بالقدر الكافي؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٣/أبريل/٢٠١٨ ٠٧:٠٤ ص
هل أصبح القطاع المالي آمناً بالقدر الكافي؟

مارك رو

بعد مرور عشر سنوات منذ اندلعت الأزمة المالية العالمية، لا يزال صناع السياسات في مختلف أنحاء العالم، يحاولون تقييم أفضل السبل لمنع إفلاس البنوك من إلحاق الأذى الشديد بالاقتصاد مرة أخرى. وتزودنا مطبوعتان حديثتان إحداهما صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية والأخرى من إعداد خبراء الاقتصاد في بنك الاحتياطي الفيدرالي بمؤشر إلى ما أصبحنا عليه الآن.

تولى تقرير وزارة الخزانة الأميركية فحص إمكانية الاستعاضة عن عملية حل البنوك الضخمة المفلسة بقيادة الهيئة التنظيمية في إطار قانون دود-فرانك سلطة التصفية المنظمة بآلية تقوم على المحاكم فقط. وقد أجريت دراسة وزارة الخزانة بموجب تعليمات من الرئيس دونالد ترامب، الذي كان بإصدار هذه التعليمات يستجيب للضغوط من العديد من القادة الجمهوريين في الكونجرس مثل النائب جيب هينزارلينج من ولاية تكساس، ورئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الذي يدعو إلى الاستعاضة عن الهيئات التنظيمية بالمحاكم.

في النهاية، وفي حين أشادت وزارة الخزانة بفضائل الإفلاس الأساسي للبنوك الفاشلة، فإنها رفضت إلغاء صلاحيات الهيئات التنظيمية في ما يتصل بإعادة هيكلة البنوك. وقد أعرب هينزارلينج عن خيبة أمله العميقة إزاء النتيجة التي توصلت إليها وزارة الخزانة، ويواصل هو وزملاؤه الإصرار على أن قانون دود-فرانك مثال للتدخل غير اللائق من قِبَل الحكومة والذي يؤدي إلى زيادة مخاطر عمليات الإنقاذ الممولة بأموال دافعي الضرائب.
ولكن كما أدركت الخزانة فإن إلغاء الهيئات التنظيمية اقتراح مثير لإشكاليات عظيمة. ذلك أن إعادة هيكلة البنوك في أوقات الأزمات يتطلب التخطيط، والتعرف على مواطن القوة ونقاط الضعف في البنك، ومعرفة أفضل توقيت لعملية الإفلاس في اقتصاد متقلب، والقدرة على التنسيق مع الهيئات التنظيمية الأجنبية. ولا تستطيع المحاكم الاضطلاع بهذه المهام، وخاصة ليس في وقت مخصص حاليا لإفلاس البنوك عطلة نهاية الأسبوع في غياب تخطيط مسبق من قِبَل الهيئات التنظيمية ومشورتها الفورية، فضلا عن التنسيق الدولي.
علاوة على ذلك، إذا غرقت بنوك ضخمة متعددة في وقت واحد، لن تتمكن محاكم الإفلاس من إدارة الأزمة التي ستلي ذلك على مستوى الاقتصاد بالكامل. فهي تفتقر إلى التدريب اللازم لابتكار خطة تعافي على المستوى الوطني. وهي ليست في وضع يسمح لها بتنسيق الإجراءات مع الهيئات التنظيمية الأجنبية.
نظرا لكل هذا، فإن إلغاء إعادة الهيكلة بقيادة الهيئات التنظيمية يرقى إلى خطوة كبيرة إلى الوراء. وعلى هذا فإن تقرير الخزانة يُعَد خبرا سارا، خاصة أنه في غياب الدعم من قِبَل وزارة الخزانة، ربما يتوقف مجلس النواب عن الدفع في اتجاه التغيير.
غير أن المطبوعة الثانية الحديثة التي أعدها عدد من خبراء الاقتصاد في بنك الاحتياطي الفيدرالي فتقترح أن قدرا كبيرا من العمل يظل مطلوبا. ويتلخص استنتاج التقرير الرئيسي في أن التخطيط لإعادة الهيكلة لم ينعكس بعد في تسعير السوق لسندات البنوك.
بعد الأزمة، خلصت دراسات أجراها عاملون في صندوق النقد الدولي وغيرهم إلى أن البنوك في احتياج إلى قدر أكبر كثيرا من الأسهم القادرة على استيعاب الخسائر. وفي عام 2009، كانت خمسة سنتات فقط من كل دولار لتمويل العديد من البنوك تأتي من الأسهم، وكانت البقية تأتي من الاستدانة (الودائع، والقروض لليلة واحدة، والقروض الطويلة الأجل). وعلى هذا فإذا خسر البنك ستة سنتات في عملياته لكل دولار من الدين، فلن يكون في الإمكان السداد لبعض الدائنين بشكل كامل. وفي محاولة لتجنب الخسائر، ربما يهرع العديد من الدائنين إلى الصرف نقدا، وهو ما من شأنه أن يفرض الضغوط على النظام المصرفي بأكمله، وربما يؤدي إلى حدوث تكالب على البنوك لاسترداد الودائع.
وفقا لدارسة صندوق النقد الدولي، ربما كانت أغلب البنوك لتتمكن من الصمود في وجه الأزمة لو كانت 15 سنتا من كل دولار من تمويلها في هيئة أسهم. ومع ذلك، لا تزال البنوك تحتفظ بنحو ثمانية أو تسعة سنتات فقط لكل دولار من التمويل في هيئة أسهم، على الرغم من ضغط الهيئات التنظيمية لحملها على زيادة النسبة، حتى أن البنوك الأكبر حجما دعت إلى خفض هذه النسبة الأقل من المثلى.

مارك رو أستاذ في كلية الحقوق في جامعة هارفارد

مارك رو