سلامة المواد الغذائية.. وصحة الإنسان

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٣/أبريل/٢٠١٨ ١٣:٣٥ م
سلامة المواد الغذائية.. وصحة الإنسان

محمد محمود عثمان

نسمع كثيراً عن المواد الغذائية المستوردة والأمراض التي تسببها، وكثرة التحليلات المؤيدة والمعارضة التي لم نعلم مدى دقتها أو صحتها في إطار الحروب التجارية القائمة بين الدول المصدرة والتي تتنافس على الأسواق العربية ذات الكثافة الاستهلاكية الكبيرة، وقد تضررت الدول العربية المصدرة للمواد الزراعية أيضاً من ذلك، إذ اتسعت قائمة الدول التي توقف أو تعلق استيراد الفاكهة والخضراوات والمنتجات الزراعية من بعض الدول العربية، وكذلك بين بعض الدول العربية وبعضها، ويعتمد الجميع على تقرير هيئة الغذاء والدواء الأمريكي وهي هيئة غير محايدة في معظم الأوقات، ولسنا ضد أي تقارير صادقة وموثقة، ضماناً لحماية صحة الإنسان، ولكن ضد أن يكون ذلك معتمداً على مجرد الإشاعة أو إصدار تقرير من هنا أو هناك، قد يكون مغرضاً أو مشبوهاً، ولكنه يؤثر على صادرات الدول المصدرة خاصة التي تعتمد في مواردها على عائدات تصدير الحاصلات الزراعية بشكل كبير.

ولكن في الوقت ذاته لا يمكن أن نعفي الدول المصدرة من مسؤولية ضمان جودة صادراتها، ومطابقتها للمواصفات والمعايير الدولية، وأن تعمل على الارتقاء بجودة المنتجات، وزيادة قدرتها التنافسية، بعيداً عن الإسراف في استخدام المبيدات كمحاولة للحفاظ على المحاصيل من خطر الآفات الضارة، على الرغم من أن الدول المصدرة قد لا تتحمل المسؤولية كاملة عن زيادة نسبة التلوث بالمبيدات، نظراً لوجود عناصر أخرى مثل قيام بعض تجار الجملة باستخدام المبيدات أثناء تخزين المنتجات الزراعية، وشيوع استخدام المبيدات للقضاء على الآفات الزراعية التي تصيب النباتات مما يؤدي أحياناً إلى حدوث بعض حالات التسمم في الماشية أو الطيور والإنسان، إذ لا يقتصر أثر المبيدات على النبات فقط، بل ينتقل إلى الماشية التي تتغذى على تلك النباتات وتتركز تلك المبيدات في كبدها، إذ إن خلايا وأنسجة الحيوان ليس لها القدرة على التخلص من تلك المبيدات، بل على العكس يجري تخزينها في دهون الحيوانات، وإفرازها في الألبان، كما أن تلوث الغذاء بالمبيدات قد يحدث عند استعمال المبيدات الكيميائية مباشرة على النباتات، أو عند وجود بقايا المبيدات بالمياه التي تستخدم في الري، فتدخل المبيدات إلى النبات بطريقة غير مباشرة، أوعند حفظ وتخزين البذور والتقاوي بواسطة المبيدات، ولا سيما أن التجارب قد أثبتت أن آثار هذه المبيدات والأسمدة لا تزول أثناء عمليات التصنيع أو الطهي، ونجد أن الخطر الحقيقي لمثل هذه المركبات لا يتمثل في تناول طعام ملوث بها ولكن المشكلة أن هذه المركبات الكيميائية تترسب في جسم الإنسان وتؤثر على صحته على المدى الطويل إلى أن تصل إلى تركيز ضار يتسبب في الفشل الكلوي أو الكبدي أو إلى الإصابة بالسرطان، ولا شك أن ذلك يحتاج إلى جدية العمل على المحافظة على سلامة المنتجات الزراعية من الفواكه والخضروات وكل أنواع الأغذية من خلال تطوير المعامل المتخصصة لدينا وتجهيزها بأحدث المعدات والأجهزة لزيادة قدرتها وإمكانياتها، إلى جانب، توفير الكوادر المؤهلة لتشغيلها بكفاءة ومهارة طبقاً للمواصفات القياسية العالمية، والخاصة بالمتطلبات الواجب توافراها في جهات التفتيش، والخاصة أيضاً بالمتطلبات الواجب توافرها في الجهات المختصة التي تقوم بإصدار شهادات المطابقة للمنتجات، وذلك لضمان دقة التحاليل وسلامة نتائجها، وسلامة صحة المجتمع وزيادة الإنتاج، وكذلك للمحافظة على العلاقات الأخوية والتجارية بين الدول العربية، لأنه من المؤسف حقاً أن الدول العربية التي تشترك في تجمعات سياسية ولها أواصر تاريخية واجتماعية ممتدة ومتميزة، بل وتشترك في اتفاقيات السوق العربية والخليجية المشتركة، لا زالت تعامل منتجات الدول الأعضاء حتى في مجموعة مجلس التعاون الخليجي أو في إطار جامعة الدول الدول العربية معاملات غير مقبولة، بل قد تتناقض مع الاتفاقيات والأهداف والمبادئ التي وضعت من أجلها، لنظل نتغنى بالسوق العربية أو الخليجية المشتركة دون نتائج إيجابية على أرض الواقع، ودون زيادة في حجم التجارة البينية العربية التي تراوح مكانها منذ عشرات السنين.