النقد «المطفش»

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/أبريل/٢٠١٨ ٠٥:٠٩ ص
النقد «المطفش»

د.لميس ضيف

كثيرون يزورون أهلهم على مضض ولماذا؟

مقتاً لملاحظاتهم الدائمة عليهم وعلى أسلوب تربيتهم لأطفالهم وطريقة إدارتهم لمنازلهم. ويهرب البعض من مواجهة والديه؛ خوفاً من تعليقات يعتبرونها جارحة على اختياراتهم. وإن كان المرء يستطيع تجنب انتقادات الأهل فإنه يقف مكتوف الأيدي أمام زوج لا يفوت التعليق على شيء. أو زوجة لديها ما تحتج عليه طوال الوقت.

النصح الدائم المنطوي على الانتقاد يكشف الكثير، لا عن شخصية المُنتقد، بل عن الشخصية الفوقية للمنتقد نفسه. فالأم أو الزوج أو الأخ أو حتى الصديق الذي ينتقد تصرفات هذا أو ذاك يفترض بأنه يُحسن إدارة الحياة أفضل من سواه. وأنه أنضج وأوعى وأن طريقته هي الأذكى والأنجح. ويمنح البعض أنفسهم أوسمة جدارة لا يستحقونها لمجرد أنهم ربوا أبنائهم بسلاسة. أو لم يتعثروا في زواجهم أو يغيروا وظائفهم. فيفترضون أنهم نجحوا – ذاتيا- فيما أخفق فيه سواهم. والحق أن البعض يتوفق فيها يُختبر فيه غيره بأبسط قدر من الاجتهاد. وقد تبذل شقيقتان العناية ذاتها بتعليم أطفالهما فيتفوق بني أحداهن ولا يتفوق أقرانهم. وقد تحرصان على شريك الحياة بالقدر ذاته فيُخلص هذا ويخون ذاك. وقد يتبع شخصين النظام الغذائي العشوائي ذاته فيمتد العمر بأحدهما في عافية وتنهش الأمراض بالآخر. وينسحب ذلك على كل عناصر الحياة فما يوفقك الله له يمتحن غيرك فيه دون أسباب ظاهرة للعيان وهذا هو كل ما في ذاك.
لا شيء يقتل الود مثل اللوم والعتاب. وإن ما شب الأبناء على الطوق وبلغوا الثلاثين أو الأربعين فلا جدوى من معاملتهم كأطفال. ورغم أن الأمثال تقترح أن الزوجة قادرة على تربية زوجها فإن الواقع ينقض ذلك أشد النقض. نعم تتغير طباع الزوجين بفعل عامل العمر. أو التكيف المتوقع مع الآخر. لكن جذور الشخصية الضاربة في عمق الشخصية لا تتغير فهي أشد رسوخا من أن تهدمها معاول النكد والإلحاح والتنمر..
يقول ستيفن كوفي: «الناس تعشق المدح.. وتُحب أن تُحمد» وقد يكون المديح مفتاح تغيير يفوق سواه قوة. فأكثروا من الدبلوماسية في بيوتكم.. وذروا دور الموجه والناصح فلو كان النصح محبوبا لما قيل في محكم الكتاب «ولكن لا تحبون الناصحين».

lameesdhaif@gmail.com