الملتقيات الثقافية ودورها في تنشيط الحراك الثقافي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٥٩ ص
الملتقيات الثقافية ودورها في تنشيط الحراك الثقافي

ناصر العموري

لا يخفي على الجميع ما تمثله الملتقيات الثقافية في الولايات من أهمية، إذ تعدّ ملمحاً مهماً وتظاهرة تساهم في تنشيط الحراك الثقافي الراكد في هذا العصر، عصر الاعتماد الكلي على التقنية خاصة أن المنطقة تمر بركود ثقافي يتطلب من الشرائح المثقفة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والثقافية وغيرها من المهتمة بالشأن الثقافي دوراً كبيراً وجهوداً متواصلة في المجالات المختلفة من أجل الرقي والنهوض بثقافة المجتمع، بما يمكّنه من الخروج برؤية أفضل للتعايش وصناعة مستقبله المشرق والمشرف.

فالحراك الثقافي لابد من تجديده حتى يلامس تطلعات الشباب، كما أنه لابد من التفكير في تطوير أساليب عمل الملتقيات الثقافية لتستقطب الشباب بعيداً عن الأساليب التقليدية المتبعة خاصة في الآونة الأخيرة.
كما أن من شأن هذه الملتقيات أن تساهم في توحيد الأفكار والرؤى بما يخدم الجانب الثقافي في الولاية بشكل خاص والجانب الثقافي العماني ككل، ولعل مثل هذه التظاهرات الثقافية من شأنها أن تكون عاملاً مساعداً في اكتشاف المواهب والخامات الثقافية بأنواعها وميولها الأدبية كافة بما يساعد على إبرازها على الساحة الثقافية العمانية، وبما ستقدمه من إثراء ثقافي فيما بعد، كما تعدّ الملتقيات الثقافية فرصة لاستنهاض أبناء المجتمع نحو موروثهم الثقافي والتاريخي، لاسيما أن السلطنة تتميز بموروث شعبي غني عن التعريف.
وحين نضرب أنموذجاً للمتلقيات الناجحة فأقرب مثال على ذلك ملتقي إزكي الثالث الذي اختتمت فعالياته الأسبوع الفائت، وكان مثالاً حياً للتعاون والتآزر بين أفراد الولاية لإبراز ما تملك من تاريخ وتراث وما تحويه من تقاليد وعادات قديمة، وهذا بلا شك ما نحتاجه في الوقت الراهن وما ينبغي أن نتمسك به ونسعى إلى نشره خصوصاً بين الناشئة الصغار. والجميل في ملتقى إزكي الثالث والذي كان تحت شعار “إزكي تراث وحضارة” تنوع وتعدد أنشطته وفعالياته بين التراثية من خلال مسابقة (تراثي هويتي) بين قرى الولاية تجسد فيها كل إرث الماضي العريق بتفاصيله ومكنوناته كافة، وبين الندوات العلمية والأدبية التي جرى من خلالها التركز على أفلاج إزكي وأشهر فلج بالطبع هو فلج (الملكي)، كما كان للأمسيات الشعرية والمسابقات الإنشادية حضور باهٍ، بالإضافة إلى الفعاليات النسائية المختلفة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو دور وزارة الثقافة والتراث في مثل هذه الملتقيات؟ وهل هناك دعم إن لم يكن مادياً وهو صعب وفق الأوضاع الحالية فأقله أن يكون دعماً لوجستياً؟ وكما يقولون في الأمثال الشعبية “إن لم يكن بالمال فبالحال”.
وزارة التراث والثقافة معنية بصفة خاصة بدعم مثل هذه الملتقيات، وذلك من خلال وتوفير المستلزمات الضرورية التي تحتاجها مثل هذه الملتقيات ومن الضروري بمكان كذلك أن تشترك الوزارة في تنظيم هذه الملتقيات وحث ولايات السلطنة المختلفة على إقامتها وتبنيها ومخاطبة شركات القطاع الخاص لدعمها، كذلك من المهم إظهار ما تحويه مخازن الوزارة من مخطوطات وقطع أثرية تخص الولاية أثناء فترة الملتقى؛ وذلك من أجل تعريف الأجيال بموروثاتهم ومخطوطاتهم ما يدفعهم إلى حب الاطلاع والبحث عن المعرفة.
أتمنى من أعضاء مجلسي الشورى والبلدي والفرق الأهلية والمهتمين بالجانب الثقافي الحرص على إقامة الملتقيات الثقافية في مختلف المحافظات والولايات، فهي تُعد رافداً رئيسياً وفاعلاً من روافد مسيرة الثقافة التي لها أثر فاعل في مد جسور التعاون والتواصل الثقافي مع مختلف المؤسسات العلمية، والثقافية، والاجتماعية، والتربوية، ذات الاهتمام بالأنشطة المماثلة، تجري من خلالها دراسة شاملة للمواضيع والقضايا التي طرحت ومن ثم يجري تكريم الرواد والمبدعين والمتميزين في مختلف المجالات والميادين العلمية والمعرفية، وهـــذا طبعـــاً لا يأتي إلا من خلال إشراف وزارة التراث والثقافـــة فهي المعنية بالأمر، ونجاح أي ملتقى كان هو نجاح لها في الأساس.