التحول الإلكتروني يستوجب تغيير العقليات قبل التقنيات

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٦/أبريل/٢٠١٨ ٠٧:٠١ ص
التحول الإلكتروني يستوجب تغيير العقليات قبل التقنيات

علي بن راشد المطاعني
ali.matani2@gmail.com

إحدى الفتيات من الكفاءات الوطنية ‏ في إحدى شركات القطاع الخاص المزودة لخدمة الأنظمة التقنية لتسريع وتيرة التحول الإلكتروني في الأجهزة الحكومية التقيتها في معرض كومكس وسألتها سؤالا بريئا عن إمكانية التحول للحكومة الإلكترونية.

جاء ردها صادما إذ قالت بوضوح بأنها لا تعول على تلك الأمنيات والتطلعات إذا لم تتغير العقليات أولا والتقنيات ثانيا، وأردفت قائلة بثقة عالية: إن الأجهزة لا يمكنها أن تعمل بمعزل عن العقول التي تديرها لتأدية الخدمات الإلكترونية للمراجعين، سألتها كيف ذلك، قالت: الموظفون غير راغبين في العمل على التقنيات الحديثة التي تعد الأحدث فهم يكتفون بالنظام القائم حاليا فقط، ولا يرغبون في التحديث والتطوير، بل يكلفون موظفي الشركات المزودة بعمل كل شيء بدون أن يحركوا ساكنا حتى التعامل مع المراجعين وإنهاء معاملاتهم، فكيف تتوقع أن نحدث التحول الإلكتروني، وتضيف: إننا سنظل «محلك سر» كما يقال إلى مالا نهاية إذا استمر الوضع كما هو عليه، ثم سألتها عن الحل الذي تراه مناسبا باعتبارها من الكفاءات في تقنية المعلومات، قالت: لابد من إلزامية الجهات الحكومية بالموعد المحدد لهذا التحول وتطبيقه بصرامة، بعدها يأتي تأهيل الموظفين، وإحلال رقمنة المعاملات بأسرع وقت ممكن، والأهم من كل ذلك تغيير العقليات الرافضة لهذا التغيير. تقرير جاهزية الجهات الحكومية في التحول الإلكتروني لعام 2017 والخطوات التي اتخذت والتحديات التي تواجهه أمام مجلس الوزراء للنظر فيه كما أعتقد، إذ يتعين عليه أن يضع الحكومة بأكملها أمام خيارات المضي بطرق أفضل وأسرع لتحقيق تلك الغاية الملحة أو أن نراوح مكاننا إلى ما شاء الله.

إن معضلة الحكومة الإلكترونية ليست التقنيات الحديثة ولا الإمكانيات المادية ولا في البنى الأساسية للتقنيات الحديثة ولا في الكوادر المنظمة والمشرفة والمنفذة للحكومة الإلكترونية، وإنما المعضلة الحقيقية في الجهات والموظفين غير الراغبين في هذا التحول ولا يكتفون بذلك بل يعيقون هذا التوجه.
في المقابل وللأمانة هناك جهات تعمل على إحلال التقنيات الحديثة وتمنح جوائز في مقابل الإبداع في هذا المجال، لا ينبغي أن نجحفها حقها من الإشادة والتقدير، هنا فإن السؤال المحوري يتسربل من تلقاء ذاته عن الشيء أو الإجراء الذي اتخذناه في مواجهة الجهات التي ترفض وتقاوم التغيير، هل تظل الحكومة قابعة تحت ظلال أشجار الصبر الجميل تنتظرهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من تلقاء أنفسهم، بعدها سنجد أن الزمن قد تجاوزنا بسنين بحيث يبقى اللحاق بالركب صعبا أو عصي المنال. بالطبع هذا الخيار لا يمكن القبول به، فالحكومة هي التي تُطاع ولا يمكنها تحت أي شعار كان الركون لهذا الخيار.
هي إذن تساؤلات مشروعة وتحتاج لمن يجيب عليها بوضوح كامل، فالزمن لا يجامل أحدا، والتقنيات الحديثة متسارعة على مدار الثانية ناهيك عن الدقيقة والساعة واليوم.
نأمل أن نتخذ خطوات عملية جديرة أن تعكس جهد الحكومة وسعيها الجاد لتحقيق حكومة إلكترونية كاملة النصاب، ونقولها بصدق إنه من الصعوبة تغيير العقليات التي لا تؤمن بجدوى التغيير، ليبقى تنحيتها هو القرار الأسلم في إطار المصلحة العليا للوطن.