اعتماد الأبناء على الذات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٦/مايو/٢٠١٨ ٠٢:٣٤ ص
اعتماد الأبناء على الذات

علي بن راشد المطاعني
ali.matani2@gmail.com

أحد الزملاء سرد قصة عن كيفية تربية الأبناء وكيفية اعتمادهم على النفس والنظافة وإدارة الأموال كجزء من الجانب التربوي الذي يجب أن يتربى عليه الأبناء في المنزل، وقال إنه يمنح أبناءه من زوجة أمريكية مبلغا من المال نظير جهدهم في المنزل، وسألته ما هو الجهد أو الأعمال التي يقومون بها، قال: إنهم يقومون بتنظيف غرفهم وملابسهم ودورات المياه وترتيب السرير وأعمال منزلية أخرى، وأن كل واحد يتقاضى مبلغا عن هذه الأعمال شهريا يصرفونها على أنفسهم كاحتياجاتهم الشخصية اليومية والأسبوعية، موضحا أن هذا البرنامج المنزلي قد أثمر نتائج إيجابية تمثلت في اكتساب الأبناء سلوكيات رائعة تتمثل في المحافظة على النظافة في البيت أو المدرسة ومن ثم المجتمع، فضلا عن الاعتماد على الذات في كل شيء بدلا من الاتكالية واحترام العاملين في المنازل الأخرى لتعودهم القيام بأعمال مماثلة.

وبالتالي يدركون ما تقوم به عاملات المنازل، كما إنهم تعلموا إدارة الشؤون المالية واحترام المال، وكل ذلك يتم ربطه بالاجتهاد في الدراسة ومع كل تميز منزلي أو دراسي يزداد الحافز والعكس أيضا صحيح.

أما إذا أصبح الطفل عالة على غيره منذ أن كان في المهد صبيا، وتربى على أن يكون اتكاليا، فهل ننتظر منه سلوكا اجتماعيا إيجابيا ذات يوم.
ويضيف زميلي أن تعليم الأولاد قيم الاحترام والالتزام والأدب والأخلاق من شأنه أن يسهم في إيجاد جيل واع بحقوقه وواجباته ويقدم الاحترام لكل من يتعامل معه.
وأكد على أن المعلم في المدرسة لا يستطيع تلقين الأطفال مبادئ الفضيلة، إذا هم لم يجدوها أو لم يعهدوها في المنزل، حتى أبجديات النقاش والحوار يتعين أن ينهلوا منها في البيت وفق القاعدة الأساس، وهي أن تبدأ حديثك بعد أن ينتهي الطرف الآخر من قول كل شيء.
كما أن الطفل الذي لم يلقن قواعد وسلوكيات آداب الطريق وإزالة الأذى عنه باعتباره صدقة قبل أن يكون سلوكا حضاريا رفيعا، فإننا سنجده ذلك الفوضوي الذي ينثر المخلفات في كل مكان يحل به ضيفا أو عابرا، أي يتحول إلى مشكلة متحركة.
نأمل أن نولي الاهتمام الكافي بالأبناء، وأن نعيد صياغة منهج التربية المنزلي وتنقيحه من الشوائب العالقة به وفقا للقاعدة الجوهرية القائمة على مبدأ الاعتماد على الذات.

ثم نبذ الاتكالية والدعة والكسل والقنوط، فنحن إن أحسنا تلقين المنهج التربوي المنزلي فما من شك أننا نكون قد أسدينا خدمة جليلة إلى المدرسة وإلى المعلمين في جهودهم الرامية إلى إكمال ما تبقى من فضائل وإيجابيات، تلك هي أسس بناء المواطن الصالح، وتبقى الحقيقة الساطعة باهرة وهي أن المدرسة والمعلم لا يستطيعون فعل كل ذلك بمفردهم، الأساس يبدأ من البيت، وإن لم يقم البيت بدوره المناط به فإن جهود المعلم والمدرسة ستذهب سدى بل هي مضيعة للوقت والجهد.