القيم القرآنية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٢/مايو/٢٠١٨ ٠٢:٤٠ ص
القيم القرآنية

الشيخ أحمد بن سعود السيابي
أمين عام مكتب المفتي العام للسلطنة

القيم جمع قيمة، وقد عرّف الخليل بن أحمد الفراهيدي القيمة بأنها الملة المستقيمة.
وعرّفها الفيروز آبادي قائلاً: القيمة بالكسر واحدة القيم، وما له قيمة إذا لم يدم على شيء، وقوّمت السلعة واستقمتها ثـمّنتها، واستقام اعتدل. وقوّمته عدّلته فهو قويم ومستقيم، والقوام العدل.
والقيم القرآنية هي أوامره ونواهيه وأخباره وكل وجوهه التي ترسم الحياة الإسلامية المتصلة بالله عقيدة وشريعة، فذلك هو منهج الله (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا).
ومن هنا يتبين لنا أن القيم في القرآن تعني دين الله عز وجل الذي هو دين الإسلام، فالقرآن الكريم هو الأصل الأول والأصيل للإسلام وفي الإسلام، وهو ما يعنيه قول الله عز وجل (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) {الأنعام الآية 161} (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام/162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام الآية 163}.
وقد رسمت هذه الآيات الخطوط العريضة للحياة الإسلامية من صلاة ونسك ومحيا وممات بأنها هي الدين القيم الذي كان عليه نبي الله إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه والذي يجب على المسلم بل على الإنسان أن يسير عليه، ومن المعلوم أن خطاب الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو خطاب للبشرية كلها سواء كانت أمة إجابة أو أمة دعوة.
ودين الأنبياء واحد في أصول العقائد والأخلاق، فقد قال الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام في قوله لصاحبي السجن (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) يوسف الآية 40.
إذن نستخلص من ذلك أن القيم القرآنية هي دين الله القويم، وهو الإسلام الذي كان عليه الأنبياء والرسل منذ آدم وإلى محمد صلى الله عليه وعليهم وسلم، لأن جميع الأنبياء والرسل في جميع دياناتهم أصولهم واحدة ومتفقة في العقائد والأخلاق يقول الإمام محمد بن يوسف أطيفش (والدين واحد وهو التوحيد لا يختلف، ومكارم الأخلاق واجتناب مساوئها، والإقرار بحقيقة ما جاء من الله، ولا شريعة بعد البعثة المحمدية، وتدل الآية أن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا، وكذا بين الشرائع وقيل هما واحد).
على أن الآية التي يشير إليها هي الآية (48) من سورة المائدة التي فيها (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا).
ومن المعلوم أصولياً أن الخلاف موجود في شرع من قبلنا هل هو شرع لنا إذا لم ينسخ أم ليس شرعاً لنا؟
اختيار المذهب أنه ليس شرعاً لنا، أما إذا نسخ فلا خلاف أنه ليس شرعاً لنا.